متى يعظم اجر واصل الرحم
جدول ال
متى يعظم اجر واصل الرحم ، أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين وحثهم على الوفاق والوئام، وندبهم إلى صلة الأرحام والتزاور، وقد حذر عز وجل من القطيعة والتدابر والخصام، فمن ركائز الإسلام السامية ومقاصد العالية، نشر الألفة بين الناس، ونبذ الحقد والتنافر، فالمتدبر في الدين يجد أنه من أعظم ركائز الإسلام نشر المحبة بين العباد، وأنها منة عظمى، ونعمة كبرى، تستحق الشكر، وبذل الجهد من أجلها، خاصةً في زمن تقطعت فيه أوصال العلاقات، وتأججت فيه الخصومات والعداوات، فصلة الرحم من أعظم القربات والطاعات، وأوجب الواجبات، ومن أجل الأعمال الصالحات وأفضل العبادات، وأوضح معالمها وأبسط معانيها تتمثل في دفع الأذى والشر عن ذوي القربى، وإيصال الخير والنفع لهم. [1]
متى يعظم اجر واصل الرحم
يعظم اجر واصل الرحم عندما يعامل من اساء اليه بالاحسان، ويصل من قطعه، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال:( ليس الواصل بالمكافئ ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها )، رواه البخاري، وصلة الرحم هي الإحسان إلى الأقربون، يكون الإحسان بالفعل والقول، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، ويدخل في ذلك زيارتهم، والسعي في مصالحهم، ومساعدة المحتاج منهم، وصلة الأرحام من الإيمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من كان يؤمن بالله واليوم الآخـر فليـكرم ضيفه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) رواه البخاري .
وقد ربط الرسول محمد صلى الله عليه وسلم صلة الرحم بالإيمان، وصلة الرحم علامة على الإيمان، فالمسلم الذي يؤمن بالله واليوم الآخر يصل رحمه ولا يقطعه.[2]
اقرأ أيضًا: حكم صلة الرحم الكافرة
حكم صلة الرحم
صلة الرحم واجبة ولا خلاف عليها، وقطيعتها من كبائر الذنوب وتعد معصية، يختلف حكم صلة الرحم عند الدخول في تفصيلاتها، باختلاف حاجة الموصول، بالإضافة إلى قدرة الواصل، وباختلاف الشيء الواصل به، وتوضيح ذلك، أنه إذا كان للإنسان أخ فقير بحاجة للمساعدة، فإنه من واجب الأخ الغني عليه أن يصل رحمه من خلال إعطاء أخيه الفقير، والعطاء أصبح هو الصلة، فلو كان الأخ غنياً لا يحتاج، تكون الصلة بالأشياء الأخرى كالصلة بالكلام والسلام هي التي تصبح واجبة، إذن هنا تم مراعات حاجة الموصول، كذلك لا بد من الانتباه إلى الأشياء الذي يوصل بها فهناك بعض الأشياء يكون فعلها على سبيل الاستحباب وأشياء أخرى تكون على سبيل الوجوب وهناك أمور أخرى.
الوجوب يكون على الأقرب فمن يأتي بعده ومثال على ذلك إذا كان الرجل الغني له أخ فقير، وله أيضًا عم فقير ولا يستطيع أن يؤدي حقهما معًا، فهنا يصح قول أن الواجب صلة الأخ الفقير أولًا لأنه أقرب، وصلة العم والاحسان إليه تكون على سبيل الاستحباب، وهناك أمر آخر وجب التنبيه إليه، وهو أن تقصير الشخص الأقرب في القيام بواجباته تجاه رحمه، فإن هذا لا يعفي الرحم البعيد من المسؤولية تجاهه، فمثلاً لو وجد أن هناك شخص غني وله أخ فقير يحتاج إلى عطائه وصلته، ولهما عم غني فهنا صلة الأخ الفقير تكون واجبًا على الأخ الغني، أما بالنسبة للعم فتكون مستحبة، ولكن لو افترض أن الأخ الغني لم يقم بواجباته تجاه أخيه وقطع رحمه، فإن العم هنا لا يحق له التنصل من المسؤولية، ولا يحق له أن يقول إن صلة رحم هذا القريب واجبة على أخيه، وقد قصر فلا شأن لي به، بل إن ينتقل الوجوب إلى العم وهكذا.[3]
اقرأ أيضًا: من هو ذو الرحم الكاشح وما المقصود به
بم تكون صلة الأرحام
إن الرحم القريب أولى بالصلة من الرحم البعيد, وليس هناك تحديد للوقت الذي يجب على المسلم فيه وصل الرحم، فلا يمكن القول أنه يجب عليه أن يصل أخاه كل يومين أو كل يوم أو كل أسبوع، وعمه كذلك الأمر، كل كذا إن كان في البلد نفسه وكذا إن كان في بلد آخر، فالرحم القريب نسبًا كالأخ والوالد يختلف عن الرحم البعيد كابن الخال أو ابن العم، كذلك الأمر للذي يسكن بنفس الحي، يختلف عن رحم آخر يسكن في حي آخر، والرحم الذي يسكن في المدينة نفسها يختلف عن الذي يسكن خارجها وهكذا يختلف الأرحام بحسب بعدهم وقربهم من الشخص, أي البعد المكاني والبعد النسبي.
وتختلف الصلة حسب قدرة الواصل وحسب حاجة الموصول، فإذا كان الموصول محتاجًا إلى شيء ما، والواصل قادر عليه فإنه يصله من خلال هذا الشيء، كما تختلف صلة الرحم بحسب قرب الرحم من الواصل وبعده عنه، فما يصل به العم قد يختلف عما يصل به أبناء العم، وعمومًا يمكن أن تكون الصلة بما يأتي:
- الاستضافة: تكون بأن يستضيف الواصل رحمه في منزله.
- السؤال عنهم وتفقدهم والسلام عليهم: وتكون بأن يسأل الواصل عن أحوال رحمه، سواء أكان السؤال عن طريق الهاتف، أو نقل السلام اليهم، وسؤال من ينقله إليهم , أو أرسال ذلك عن طريق رسالة.
- توقير الكبير فيهم ورحمة الضعيف.
- المشاركة في الأفراح بالتهنئة، والمواساة والتعزية في أحزانهم، فمثلاً تزوج أحدهم أو رزق بطفل أو حصل على وظيفة و غير ذلك، شاركه الواصل الفرحة بمقابلة أو هدية يظهر فيها السرور والفرح لفرحة، أو عن طريق مكالمة يضمنها تبريكاته ويظهر فيها فرحه بما رزقوا، فإن مات لهم شخص أو أصيبوا بمصيبة يواسيهم ويحاول التخفف عنهم وتذكيرهم بأجر الصابرين وثوابهم، ويظهر الحزن لما أصابهم.
- إصلاح ذات البين بينهم, فإذا علم بفساد علاقة رحمه ببعضهم بادر بالإصلاح وتقريب القلوب ووجهات النظر، ومحاولة إصلاح وإعادة العلاقة بينهم.
- إعطاؤهم من المال: سواء كان هذا العطاء هدية إن لم يكن الموصول محتاجًا أو صدقة إذا كان محتاجًا، وقد ورد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة ) رواه النسائي وله اللفظ، والترمذي وحسنه.
- إعلاء شأنهم: ويكون بإنزالهم منازلهم التي يستحقونها.
- دعوتهم إلى الهدى،ونهيهم عن المنكر وأمرهم بالمعروف مع مراعاة استخدام الأسلوب المناسب.
- الدعاء لهم: وهذا يحتاجه كل شخص، ويملكه كل شخص.
- الاستجابة لدعوتهم: إذا وجهوا للواصل دعوة فلا يتخلف عنها إلا لوجود العذر.
- عيادة مرضاهم وإتباع جنائزهم.[3]
فوائد صلة الرحم
- صلة الرحم سبب لصلة الله للواصل، وورد ذلك في الحديث المتفق عليه فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : (إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قالت الرحم هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال نعم أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك قالت بلى يا رب قال فهو لك)، رواه البخاري.
- صلة الرحم تعد امتثالًا لأمر الله عز وجل، قال تعالى : ( والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب).
- صلة الرحم تعد من أحب الأعمال إلى الله: فقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: الإيمان بالله، قال: ثم مه ؟ قال: ثم صلة الرحم، قال: ثم مه ؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال: قلت يا رسول الله أي الأعمال أبغض إلى الله ؟ قال : الإشراك بالله ، قال: قلت يا رسول الله ثم مه؟ قال: ثم قطيعة الرحم، قال: قلت يا رسول الله ثم مه ؟ قال : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف)، رواه أبو يعلى بإسناد جيد.
- صلة الرحم تشهد للواصل بالوصل يوم الحساب، فعن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلة إن كان وصلها وعليه بقطيعة إن كان قطعها) رواه البخاري.
- صلة الرحم تعجل الثواب والأجر وقطيعتها تعجل العقاب, وورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 ليس شيء أُطِيع الله فيه أعجل ثواباً من صلة الرحم وليس شيء أعجل عقاباً من البغي وقطيعة الرحم) البيهقي في السنن الكبرى. [3]
متى يعظم اجر واصل الرحم، يعظم أجر واصل الرحم عندما يصل من يقطعه، ولا يكافئ السيئة بالسيئة، وإنما يبدلها بالحسنة، امتثالًا لأوامر الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم عليه السلام، وطمعًا في ما عند الله تعالى من حسن الأجر وعظيم الثواب في الدنيا والآخرة.
المصدر: السعادة فور