الاخبار

تهنئة الشرع لترامب.. رسالة تطمين وامتصاص للمخاوف الأمريكية

تسعى السلطات الجديدة في سوريا إلى كسب ثقة الغرب للبدء بإعادة إحياء البلد المدمر في عهد نظام المخلوع الأسد

تسود حالة من الترقب في منطقة الشرق الأوسط حيال ما تحمله إدارة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، ويعد الملف السوري من أبرز الملفات الساخنة التي عادت للواجهة مع وصوله إلى السلطة، مع استمرار المخاوف الأمريكية بشأن الإدارة الجديدة الحاكمة في سوريا.

وبعد ساعات من تنصيب ترامب رئيساً لأمريكا، فاجأ قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، بإرسال تهنئة للرئيس الأمريكي الجديد بمناسبة أداء اليمين الدستورية، متطلعاً لتحسين علاقات البلدين.

يأتي ذلك فيما لا تزال “هيئة تحرير الشام” التي تقود الإدارة السورية الجديدة وقائدها الشرع، في قوائم الإرهاب الأمريكية، وقد أوكلت إدارة الرئيس الأسبق جو بايدن هذه القضية الحساسة إلى إدارة ترامب بعد انفراجات سياسية ودبلوماسية حذرة مع الإدارة السورية الجديدة، فهل تكون التهنئة الأخيرة للشرع رسالة تطمين للبيت الأبيض؟.

تهنئة مباشرة

تسعى السلطات الجديدة في سوريا إلى كسب ثقة الغرب للبدء بإعادة إحياء البلد المدمر في عهد نظام المخلوع الأسد، وكان ذلك لافتاً من تهنئة الشرع (20 يناير 2025) لترامب.

وقال الشرع في التهنئة التي نشرتها قناة “القيادة العامة – سورية” عبر تطبيق “تليغرام”: “باسم القيادة والشعب في الجمهورية العربية السورية، أهنئ السيد دونالد ترامب على تنصيبه الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية. إنّ اختيار الشعب الأمريكي له يعكس ثقتهم في قيادته الجديدة”.

وأشار الشرع إلى أن “العقد الماضي شهد معاناة كبيرة للشعب السوري نتيجة الصراع الذي أدى إلى اضطرابات كبيرة في المنطقة”، وأعرب عن ثقته بأن ترامب “سيكون الرئيس الذي يساهم في إحلال السلام وإعادة الاستقرار إلى المنطقة”.

أضاف: “نأمل في تحسين العلاقات الثنائية بين بلدينا من خلال الحوار والتفاهم. ونؤمن بأن الإدارة الأمريكية الحالية ستتيح الفرصة لتشكيل شراكة تخدم تطلعات الشعبين السوري والأمريكي”.

ترامب بعد الأسد

عقب سقوط نظام الأسد، قال ترامب إن الأسد “فر من بلاده” بعدما فقد دعم حليفته روسيا، وكتب عبر منصته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال” إن “الأسد رحل”، مضيفاً: “إن حاميته، روسيا، روسيا، روسيا التي يرأسها فلاديمير بوتين، لم تعد تكترث لحمايته بعد الآن”.

وقال أيضاً إن “سوريا في حال من الفوضى، لكنها ليست صديقتنا، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تكون لها أي علاقة. هذه ليست معركتنا. فلندع الوضع يأخذ مجراه. دعونا لا نتدخل”.

وفي السادس من يناير الحالي، تراجعت إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن عن تعليق العقوبات على سوريا لمدة عام، وذلك بناء على طلب من الفريق الانتقالي لترامب.

ووفق تصريحات لرئيس المجلس السوري الأمريكي فاروق بلال، فإنه كان من المقرر أن يصدر بايدن قراراً بحصول سوريا على إعفاء من جميع العقوبات منذ 1978 حتى اليوم، بما فيها قانون قيصر، من خلال “رخصة”، والتي هي ضمن سلطة الرئيس ووزارة الخزانة، ولكن الإدارة تراجعت بناء على طلب من الفريق الانتقالي لترامب.

وبعدها بيومين زار دمشق وفد من الخارجية الأمريكية (بإدارة بايدن) يضم ممثلين لإدارة ترامب، والتقى قائد الإدارة السورية الجديدة.

خطوة ذكية

يرى المحلل السياسي السوري محمد نادر، أن الرسالة التي بعثها الشرع “ذكية وتعد خطوة إيجابية تعبر عن الإدارة السورية الجديدة والسوريون الذين يأملون في إنهاء العقوبات على بلادهم”.

ويؤكد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن هذه الخطوة “لا تكفي بل يجب على الإدارة السورية الجديدة تكثيف تحركاتها لتعزيز العلاقات مع دول الغرب وخاصة في الولايات المتحدة من أجل كسب ثقة الإدارة الأمريكية الجديدة”.

ولفت إلى أن سوريا أمام إدارة أمريكية جديدة “سيكون لها آلية مختلفة في التعامل والتعاطي مع سوريا سواء مع الشرع أو ملف العقوبات”، مضيفاً: “تعامل ترامب مع ملف العقوبات وإزالتها تدريجياً ربما يخضع لعمليات ابتزاز للشرع من قبل الرئيس الأمريكي الذي عرف في سنوات حكمه السابق على التعاطي مع الجميع بنفس هذه الآلية”.

وأضاف: “مواقف ترامب من أي مسألة تخضع لعاملين اثنين وهما مزاجه الشخصي والسعي خلف مصلحته، لكن ربما إنهاء الوجود الإيراني في سوريا سيكون مشجعاً لترامب في التعاطي بطريقة أفضل مع الإدارة الجديدة”.

ويوضح قائلاً: “ستربط الإدارة الجديد رفع العقوبات بما يقدم من خطوات ميدانية على الأرض، ولا سيما مشاركة كافة المكونات في العملية السياسية والتعامل مع الأقليات، وأن يقدم أرضية لسوريا تكون قادرة على إبرام صفقات، خاصة فيما يتعلق بحماية المصالح الأمريكية وربما أيضاً المصالح الإسرائيلية”.

آمال سورية

يتولى الشرع السلطة في سوريا، منذ أطاح هجوم مباغت شنته قوات المعارضة السورية التي تقودها “هيئة تحرير الشام” (المصنفة إرهابية في أمريكا)، الرئيس المخلوع بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر الماضي.

وقامت الولايات المتحدة بإدراج الهيئة وأفرادها على قوائم الإرهاب عام 2018، كما تم إدراج الهيئة على قائمة العقوبات التابعة لمجلس الأمن في الأمم المتحدة، الأمر الذي تسبب بفرض حظر دولي على السلاح وتجميد الأصول العالمية للأفراد.

وتسعى السلطات الجديدة إلى توفير موارد مالية لإعادة بناء البلاد، عقب حرب مدمرة امتدت لأكثر من 13 عاماً، وأسفرت عن مقتل نحو نصف مليون شخص وتهجير الملايين ودمار واسع، حيث طالب مسؤولون سوريون في الأسابيع الماضية برفع العقوبات التي فرضتها دول غربية على دمشق خلال حكم الأسد.

ويعتبر رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، بما في ذلك قانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة منذ عام 2020، في صدارة الملفات بين واشنطن والإدارة الجديدة في دمشق.

وفي حين لاقت هذه الدعوة تأييد أطراف عرب وإقليميين، ربطت القوى الغربية تخفيف هذه العقوبات بالنهج الذي ستعتمده السلطات الجديدة في الحكم، خصوصاً لجهة تشكيل حكومة جامعة وحماية الأقليات.

وأعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في وقت سابق من يناير، أن بعض الأنشطة في سوريا ستكون معفية من العقوبات خلال الأشهر الـ6 المقبلة، لتسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى