الاخبار

توترات غزة وأوكرانيا.. وقود لسوق الأسلحة العالمية

كم عائدات أكبر 100 شركة لصناعة الأسلحة؟

632 مليار دولار في 2023.

كم عدد الشركات الأمريكية ضمن أكبر شركات الأسلحة؟

41 شركة أمريكية.

تتزايد حدة النزاعات والصراعات في العالم، وتتركز الأنظار على تأثيرها العميق على الصناعات العسكرية وسوق الأسلحة العالمية.

وتبرز الحرب في غزة وأوكرانيا كمحاور رئيسية تساهم في تعزيز الطلب على الأسلحة، وهو ما يؤدي إلى إعادة رسم خارطة تجارة السلاح الدولية.

وتأتي هذه التوترات في سياق عالمي معقد يتميز بتزايد التحديات الأمنية وتفاقم الأزمات السياسية، ما يدفع الدول إلى تكثيف إنفاقها العسكري لمواجهة التهديدات المتصاعدة.

انتعاش سوق الأسلحة

كشف تقرير حديث صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، في 2 ديسمبر الجاري، عن تأثير التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وأوكرانيا على ارتفاع مبيعات الأسلحة العالمية خلال عام 2023.

ووفق التقرير، بلغت عائدات أكبر 100 شركة لصناعة الأسلحة والخدمات العسكرية نحو 632 مليار دولار في 2023، مسجلة زيادة فعلية بنسبة 4.2% مقارنة بعام 2022.

وارتفعت الإيرادات في جميع المناطق، مع زيادات ملحوظة بشكل خاص بين الشركات التي تتخذ من روسيا ومنطقة الشرق الأوسط مقراً لها.

وأشار التقرير إلى أن العديد من مصنعي الأسلحة عززوا إنتاجهم استجابةً للطلب المتزايد، وهو ما أدى إلى ارتفاع إجمالي الإيرادات بعد انخفاض سُجل في عام 2022، كما شهدت قرابة 75% من الشركات ضمن القائمة زيادات في عائداتها السنوية.

وصرح الباحث في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة لدى المعهد، لورينزو سكارازاتو، بأن هذا الاتجاه الصاعد من المرجح أن يستمر في عام 2024.

وأضاف سكارازاتو أن العائدات الحالية لا تعكس بعد الحجم الكامل للطلب المتزايد، حيث أطلقت العديد من الشركات حملات توظيف واسعة، وهو ما يعكس تفاؤلها بشأن نمو المبيعات في المستقبل.

وأثبتت الشركات الصغيرة في قطاع إنتاج الأسلحة كفاءة أكبر في التعامل مع الطلبات الجديدة الناتجة عن الحروب في غزة وأوكرانيا، بالإضافة إلى التوترات المتصاعدة في شرق آسيا وجهود إعادة التسلح في مناطق أخرى، وفق المعهد.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مدير برنامج الإنفاق العسكري في المعهد، نان تيان، أن العديد من هذه الشركات تركز على إنتاج مكون واحد أو تطوير أنظمة تعتمد على سلسلة توريد محددة، وهو ما يمنحها ميزة الاستجابة السريعة لاحتياجات السوق.

تأجيج الصراعات

ويقول المحلل الاستراتيجي وخبير الشؤون الإقليمية والدولية محمد عيد الشتلي، إن الحرب الروسية الأوكرانية ساهمت في انتعاش أسواق السلاح العالمية، كما أن أزمة أوكرانيا أدخلت العالم في سباق تسلح جديد، إذ رفعت معظم الدول -خاصة شرق أوروبا- ميزانية إنفاقها العسكري لتعزيز ترسانتها العسكرية.

وفي حديثه مع “الخليج أونلاين” يشير إلى أن نحو 2.5 مليون أوكراني يمتلكون قطع سلاح بشكل شرعي، في حين يمتلك 5 ملايين آخرون أسلحة غير مرخصة، كما يتداول عشرات الآلاف بنادق الكلاشينكوف وأسلحة أخرى من منطقة الحرب بالسوق السوداء.

ويبيّن الشتلي أن تجارة الأسلحة تتسع وتواصل تأجيج الصراعات؛ “لأن دولاً تصدر السلاح مثل الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا؛ لم تصادق على معاهدة تجارة الأسلحة التي أصبحت قانوناً دوليّاً في ديسمبر 2014”.

ويرى أن الحرب بأوكرانيا أدت إلى ارتفاع إنتاج السلاح داخل الولايات المتحدة، “بعد أن تحوّلت كييف لساحة صراع بين القوى الدولية وتدفقت عليها المساعدات العسكرية لتعزيز صمودها أمام موسكو”.

ولفت إلى أن تصاعد التوترات في العالم ساهم في ارتفاع وتيرة التسلح بين الدول، ما أثر على أسواق الطاقة والموارد، “إذ إن تأمين الدول حاجتها العسكرية من السلاح وتدعيم سباق التسلح ساهم بطريقة ما في التركيز على التسليح وإنعاش أسواق السلاح العالمي”.

ويشير الشتلي إلى أن الولايات المتحدة والصين تصدرتا قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على الأسلحة، أما روسيا فخفضت ميزانيتها العسكرية بنسبة 6.6%، وبعدها جاءت تشيلي وكوريا الجنوبية والبرازيل، أما أستراليا فزادت ميزانيتها العسكرية الجديدة نحو 3.5 مليار دولار لتزويد الطائرات المقاتلة والقطع الحربية بصواريخ بعيدة المدى خشية اندلاع صراع محتمل مع الصين.

1

أبرز شركات الأسلحة

تعتبر الصراعات المسلحة من أبرز المحركات التي تعيد تشكيل أسواق الأسلحة العالمية، حيث تُحفز الطلب على المعدات العسكرية والتكنولوجيا الدفاعية.

وفي السنوات الأخيرة، شهد العالم تحولاً ملحوظاً في أنماط الحروب واستخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة، كما في النزاعين البارزين في غزة وأوكرانيا، اللذين أحدثا تأثيراً ملموساً على ديناميكيات سوق الأسلحة العالمي.

الشركات الأمريكية، التي بلغ عددها 41 من أصل أكبر 100 شركة، حققت عائدات أسلحة بلغت 317 مليار دولار، ما يمثل نصف إجمالي الإيرادات في القائمة وزيادة بنسبة 2.5% عن العام السابق.

ومنذ عام 2018، تصدرت الشركات الأمريكية الخمس الكبرى المشهد العالمي، رغم أن بعض الأسماء البارزة، مثل “لوكهيد مارتن” و”RTX”، سجلت انخفاضاً طفيفاً في العائدات.

وخلال الربع الثالث من العام الجاري، استمرت كبرى شركات التصنيع العسكري الأمريكية في تحقيق نتائج مالية قوية، مدفوعة بمبيعاتها لوزارة الدفاع الأمريكية والدعم المقدم لأوكرانيا و”إسرائيل” من معدات وذخائر.

وتجاوزت شركة “لوكهيد مارتن” توقعات المحللين بتحقيق أرباح بلغت 6.84 دولارات للسهم الواحد، وإيرادات تخطت حاجز 17 مليار دولار.

كما رفعت الشركة توقعاتها لإيرادات العام المالي لتتجاوز 71 مليار دولار، مع تسليم 48 طائرة من طراز “إف-35” وزيادة إنتاج برامج الصواريخ.

وشهدت “جنرال ديناميكس”، المُصنِّعة لدبابات “أبرامز”، ارتفاعاً في إيراداتها بنسبة تتجاوز 10% خلال الربع الثالث، لتصل إلى 11.7 مليار دولار.

ورفعت “نورثروب غرومان” مرة أخرى توقعات أرباحها السنوية لتتخطى 26 دولاراً للسهم، مع مبيعات سنوية بلغت 41.4 مليار دولار.

وبرزت الشركة من خلال عملها على برامج دفاعية معقدة، مثل قاذفة القنابل النووية “-21 Raider” وتطوير صواريخ باليستية عابرة للقارات لتحل محل الترسانة النووية الأمريكية الحالية، كما ارتفعت مبيعاتها بنسبة 2% إلى نحو 10 مليارات دولار.

وحققت “RTX” أداءً تشغيلياً مميزاً، حيث سجلت مبيعات تجاوزت 20 مليار دولار في الربع الثالث بزيادة قدرها 49%، في حين قفز صافي الدخل إلى 1.5 مليار دولار.

وعلى الصعيد الأوروبي، بلغت إيرادات 27 شركة مقرها أوروبا- باستثناء روسيا- نحو 133 مليار دولار، مسجلة زيادة طفيفة بنسبة 0.2% فقط مقارنة بعام 2022، وهو ما يعتبر أقل معدل نمو مقارنة بالمناطق الأخرى.

وسجلت فرنسا وإيطاليا انخفاضاً في الإيرادات، في حين شهدت الشركات الألمانية زيادة بنسبة 7.5%.

وتضم ألمانيا أربع شركات ضمن قائمة أفضل 100 عالمياً، أبرزها “راينميتال” التي تحتل المركز 26 وزادت إيراداتها بنسبة 10%، مدفوعة بالطلب المتزايد على الذخائر والمدفعية.

أما شركة “Diehl” فقد حققت نمواً أعلى بلغ 30%، بفضل أنظمة الصواريخ والدفاع الجوي.

وشهدت شركات الدفاع الروسية ارتفاعاً لافتاً في إيراداتها خلال عام 2023، حيث سجلت زيادة بنسبة 40% وفقاً لتقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وقد تم إنتاج الصواريخ والطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار على مدار نوبات متعددة لتعويض الخسائر الكبيرة في المعدات العسكرية على الجبهات.

ورغم ذلك، لم تظهر سوى شركتين روسيتين فقط ضمن قائمة أكبر 100 شركة دفاعية عالمياً، وأوضح الباحث شياو ليانغ أن السبب يعود إلى توقف معظم الشركات الروسية عن نشر بياناتها المالية منذ عام 2022.

ومع ذلك، قدمت شركة “Rostec”، السابعة عالمياً في قطاع الدفاع، والتي تضم تحت مظلتها سبع أو ثماني شركات أخرى، بيانات تفصيلية ساعدت الباحثين في معهد ستوكهولم على تكوين تصور واضح لتطور الصناعة الدفاعية الروسية.

ومن الجانب الأوكراني، تصدرت شركة “JSC” للصناعات الدفاعية، وهي الوحيدة ضمن قائمة أفضل 100 شركة عالمياً، مع قفزة في إيراداتها بلغت 69%.

وفي آسيا، استجابت شركات الدفاع في كوريا الجنوبية واليابان لتصاعد التوترات الإقليمية بزيادة إنتاجها وإيراداتها بشكل ملحوظ.

وعززت اليابان قوتها العسكرية منذ عام 2022 بوتيرة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، وشهدت طفرة في قطاعها الدفاعي.

وعلى الصعيد الكوري، تمكنت شركات مثل “هيونداي روتم” من دخول السوق الأوروبية ببيع دباباتها القتالية إلى بولندا.

أما الصين، فقد شهدت نمواً محدوداً في القطاع الدفاعي بنسبة 0.7% فقط خلال 2023، رغم تباطؤ الاقتصاد العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى