تصعيد واشنطن ضد الحوثي.. تمهيد ناري لاحتمال توغل بري للقوات الحكومية

– الجيش الأمريكي يواصل توجيه ضربات مركزة على مواقع وأهداف تابعة للحوثيين في اليمن.
– تقارير تشير إلى احتمال تتويج العمليات الأمريكية ضد الحوثيين بعمل بري تنفذه القوات الحكومية.
في منتصف شهر مارس الماضي، اتخذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول قرار عسكري في ولايته الثانية، تضمن توجيهاً لقوات بلاده، بتكثيف الضربات العسكرية على جماعة الحوثي في اليمن.
وبالفعل منذ ذلك التاريخ، نفذ الجيش الأمريكي ضربات غير مسبوقة، ومختلفة عن الحملة التي أطلقتها إدارة سلفه جو بايدن، منذ يناير 2024.
الضربات الأمريكية الجديدة، شملت لأول مرة، أهدافاً بشرية (قيادات وتجمعات مفترضة)، إلى جانب ضرب مواقع وأهداف عسكرية، ويبدو أنها أكثر فاعلية من أي ضربة سابقة تعرضت لها الجماعة خلال عام ونصف.
الضربات تزامنت مع تهديدات وتصريحات يكسوها شيء من التفاخر، أطلقها ترامب، وفريقه، قوبلت بشيء من التحدي، ورفض الخضوع من قبل الجماعة، التي لم تتوقف هجماتها رغم شراسة الضربات.
حملة مستمرة
تعهد ترامب بحملة عسكرية ساحقة ضد الحوثيين، وعلى مدى ثلاثة أسابيع، نفذت الطائرات والقطع البحرية سلسلة هجمات على أهداف للجماعة، في صنعاء وضواحيها، وصعدة، والحديدة، وتعز، وذمار، ومأرب، والبيضاء، وحجة، والجوف، وعمران، ومناطق أخرى.
وعلى مدى 21 يوماً لم تتوقف الضربات الأمريكية على الجماعة، وظلت حالة التعبئة مستمرة للقوات البحرية والجوية الأمريكية في محيط اليمن، لتنفيذ المزيد من الضربات ضد الجماعة في اليمن.
وخلال مساء الإثنين وصباح اليوم الثلاثاء، شنت المقاتلات الأمريكية سلسلة غارات عنيفة، منها 5 غارات على جبل الجميمة بمديرية بني حشيش، و6 غارات على منطقة جربان بسنحان، بمحيط العاصمة صنعاء.
كما شن الطيران خلال الساعات الماضية، غارتين على منطقة كوفل، بمديرية صرواح، وغارتين على منطقة الجوبة، و5 غارات على منطقة الجفرة، بمحافظة مأرب شرق اليمن، إضافة إلى غارتين على جزيرة كمران بمحافظة الحديدة، غرب اليمن.
ونشر ترامب فيديو قبل أيام، يظهر لحظة استهداف اجتماع قال إنه لتجمع مقاتلين حوثيين، كانوا يستعدون لتنفيذ هجمات ضد القوات الأمريكية في البحر الأحمر، معلقاً بالقول: “إنهم كانوا يتلقون تعليمات لشن هجمات على قواتنا”.
ونقلت قناة “العربية” عن مصادر لم تسمها، أن قرابة 70 من عناصر وقيادات الجماعة، قتلوا بضربة أمريكية استهدفت تجمعاً في منطقة التحيتا، بالحديدة، إلا أن الحوثيين قالوا إنه لتجمع احتفالي مدني، في حين قالت مصادر محايدة، إنهم لمقاتلين من عناصر الجماعة.
مئات الغارات
وأول أبريل الجاري، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، في إحاطة صحفية، إن الجيش الأمريكي نفذ منذ 15 مارس أكثر من 200 ضربة ناجحة ضد الحوثيين.
ولعل اللافت في الأمر، هو كثافة الضربات الأمريكية على محافظة صعدة، معقل جماعة الحوثي.
ووفق الصحفي والراصد اليمني، فارس الحميري، فإنه منذ منتصف مارس الماضي، تتعرض صعدة لغارات جوية مكثفة، وسط تكتم كبير من قبل الحوثيين، على طبيعة الأهداف.
ووفقاً لتدوينة نشرها الصحفي الحميري، على منصة “إكس”، فإن الغارات استهدفت مناطق جبلية ومخابئ عسكرية مستحدثة للحوثيين، في محيط مدينة صعدة، ومديرية كتاف، والصفراء، وسحار.
وأشار إلى أن العديد من تلك الغارات أحدثت أضرار كبيرة بالمخابئ والمخازن العسكرية، وأوقعت ضحايا، وسط تكتم كبير، فضلاً عن أن الضربات وقعت في مناطق يندر منها عدد كبير من قادة الجماعة العقائديين.
نجاح محدود
لكن وبالرغم من شراسة الضربات، وحديث إدارة ترامب عن نجاحها، إلا أن تقارير أمريكية وغربية، تشير إلى أنها ذات تأثير محدود، وهذا ما تحدث به مسؤولون أمريكيون في وزارة الدفاع، لصحيفة “نيويورك تايمز” مطلع أبريل الجاري.
وأعرب مسؤولون عسكريون أمريكيون، عن خوفهم من استنزاف ذخائر بملايين الدولارات، لإحراز نجاح حدود في تدمير ترسانة الجماعة.
المسؤولون قالوا إن مذكرات تقييم سرية بشأن الأضرار التي لحقت بالحوثيين، إن القصف كان أعنف من الضربات التي وجهتها إدارة بايدن، إلا أن الحوثيين عززوا مخابئهم ومواقعهم، ما أحبط قدرة الأمريكيين على تعطيل هجماتهم.
ومن وقت لآخر يعلن الحوثيون عن تنفيذ هجمات على القطع البحرية الأمريكية، من بينها حاملة الطائرات يو إس إس هاري ترومان ومجموعتها، كما يطلقون الصواريخ والمسيرات بشكل مستمر باتجاه “إسرائيل”.
ويوم 5 أبريل، نقلت شبكة “سي إن إن عربية”، عن ثلاثة أشخاص مطلعون على الضربات الأمريكية، أن التكلفة الإجمالية للعملية، تقترب من مليار دولار في أقل من 3 أسابيع، على الرغم من تأثيرها المحدود على قدرات الجماعة.
وتوقع محللون وخبراء – بحسب الشبكة الأمريكية – أن الولايات المتحدة قد تنشر قوات خاصة قليلة للمساعدة في توجيه الضربات الجوية، إضافة إلى مساعدة القوات اليمنية ببعض الدعم اللوجستي، لإضعاف وضرب الجماعة.
الاجتياح البري
ويميل الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني الدكتور علي الذهب، لفرضية الاجتياح البري، بعد الضربات الموجعة التي تتعرض لها الجماعة منذ قرابة 21 يوماً.
وأضاف الذهب في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن “قدرات الحوثيين تراجعت كثيراً، ولكن هذا لا يعني أنهم باتوا لقمة سائغة”.
ورأى أن “هناك توجه لتقويض قدرات الحوثيين وإضعافهم، إلى الحد الذي لا يمكنهم بعد ذلك مواجهة أي اجتياح بري، وهذا الاجتياح بلا شك سيكون لقوى محلية مدعومة أمريكياً، وقد يكون اجتياح جزئي، أو من محور أو محورين”.
وتابع أن “الجبهة أو الاتجاه الذي سيتم التركيز عليه لمواجهة الحوثيين هو الساحل الغربي”.
وأشار إلى أن العملية البرية، ستكون المقياس الذي سيحدد حجم الضرر الذي لحق بالحوثيين جراء تلك الضربات، فإن حققت العملية البرية نتائج مؤثرة في مناطق سيطرة الجماعة، خصوصاً في المنطقة الساحلية حيث الموانئ الثلاثة، رأس عيسى والصليف والحديدة، فلا شك أن هذا يعني أن قدراتهم قد ضعفت، ليس في هذه المنطقة، وحسب، بل في كل المناطق التي تعرضوا فيها لضربات.
تجدر الإشارة إلى أن شبكة “سي إن إن عربية” نقلت عن مصادر دبلوماسية إقليمية قولها، إن الحكومة اليمنية تستعد لشن هجوم بري ضد الحوثيين، وأنه سيكون من جهتين، من الجنوب والشرق، وأيضاً من الساحل الغربي للبلاد.