تقرير جديد يُسلّط الضوء على تكلفة تطوير نماذج DeepSeek
أحدثت شركة DeepSeek الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي ضجة كبيرة في الأوساط التقنية والمالية، إذ تمكنت من تطوير نموذج دردشة آلي متطور بتكلفة أقل بكثير من منافسيها الأميركيين.
وقد أثار هذا الإنجاز تساؤلات حول إستراتيجية الشركة ومصادر تمويلها، وسط مخاوف من أن تكون DeepSeek قد تجاوزت القيود الأميركية على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتطورة.
وفي عام 2021، اشترت الشركة الأم لـ DeepSeek، التي تُعرف باسم High-Flyer، نحو 10,000 وحدة معالجة رسومات (GPU) من طراز A100 من شركة إنفيديا الأميركية، قبل أن تفرض واشنطن حظرًا على بيع هذه الرقاقات إلى الصين في عام 2022.
وقد مكّن هذا التوقيت المثالي DeepSeek من بناء حاسوب فائق للذكاء الاصطناعي، وقد استخدمته في تطوير نموذج الدردشة الآلي الخاص بها، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال.
وأعلنت DeepSeek أنها درّبت أحد نماذجها الحديثة بتكلفة متواضعة بلغت 5.6 ملايين دولار فقط، باستخدام نحو 2,000 وحدة من رقاقات H800 الأقل تطورًا من إنفيديا. وقد أثار هذا الإعلان دهشة الخبراء والمستثمرين، إذ إن الشركات الأميركية الكبرى أنفقت مبالغ طائلة لتطوير نماذج مماثلة.
ومع أن DeepSeek لم تكشف عن مصادر تمويلها، فقد أشارت بعض التقارير إلى أن الشركة الأم High-Flyer قد استثمرت بنحو كبير في بناء منظومة حوسبة متقدمة. وقدّر خبراء أن التكلفة الفعلية للمشروع قد تكون أعلى بكثير من المبلغ المُعلن.
وساعد المشروع الحاسوبي الفائق الذي أنشأته الشركة الأم لـ DeepSeek في بناء شبكة واسعة من العلاقات بالباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في الصين، مما يشير إلى أن DeepSeek استفادت منها بنحو كبير قبل أن تظهر كقوة مفاجئة في السوق خلال الأيام الأخيرة.
وتأسست High-Flyer في عام 2015، في حين لم تظهر DeepSeek رسميًا إلا قبل عامين. وقد أعلنت الشركة الأم أن بناء الحاسوب الفائق الخاص بها كلفها مليار يوان (أي نحو 139 مليون دولار).
وفي المقابل، كشف الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، سام ألتمان، أن تدريب نموذج GPT-4، الذي أطلقته الشركة عام 2023، كلفها أكثر من 100 مليون دولار، مما دفعه إلى التشكيك في ادعاءات DeepSeek المتعلقة بالتكلفة وكفاءة استهلاك الطاقة.
وقال ألتمان: “إن هذا نموذج بقدرات مشابهة لما وصلنا إليه قبل مدة طويلة”، مضيفًا أن أرقام DeepSeek “مبالغ فيها إلى حد بعيد”.
وقدّرت شركة الأبحاث SemiAnalysis أن DeepSeek أنفقت أكثر من 500 مليون دولار على شراء وحدات معالجة الرسومات، مع إجمالي نفقات تقارب 1.3 مليار دولار.
وأثار صعود DeepSeek قلق الشركات الأميركية، التي تخشى أن تفقد هيمنتها على سوق الذكاء الاصطناعي، وخسارة العملاء بسبب الأسعار التنافسية للغاية التي تقدمها DeepSeek، وقد دفع هذا الأمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى دعوة الشركات الأميركية إلى “تركيز جهودها بالكامل” على المنافسة.
وما زال من غير الواضح إذا كانت DeepSeek قد تمكنت بالفعل من تجاوز القيود الأميركية على توريد رقاقات إنفيديا. ومع ذلك، فإن الشركة تمكنت من تحقيق إنجازات مثيرة للإعجاب في بيئة مليئة بالتحديات، مما يثير تساؤلات حول مستقبل المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي بين الصين والولايات المتحدة.