لماذا لم تدخل آبل في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي حتى الآن؟
تخوض كبرى شركات التكنولوجيا سباقًا شرسًا في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ بداية هذا العام، وتقود السباق حتى الآن شركتي جوجل ومايكروسوفت؛ إذ تسعى كل منهما إلى أن يكون لها الهيمنة على الحقبة الجديدة من البحث الذي يستند إلى الذكاء الاصطناعي التي بدأت بالفعل، وكل ذلك وسط صمت شبه تام من شركة آبل.
لا يُعد تطوير الذكاء الاصطناعي أمرًا جديدًا على شركة آبل التي أصدرت منذ 12 عامًا خدمة المساعد الصوتي سيري (Siri)، التي تستند إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للتعرف على الكلام، ولفهم الطلب وتنفيذه.
وقد قال تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، للمستثمرين خلال شهر فبراير الماضي: “إن الذكاء الاصطناعي سيكون محور تركيز الشركة الرئيسي، وأشار إلى الطرق التي تستخدمها الشركة بالفعل في ميزات؛ مثل: اكتشاف الأعطال في ساعة آبل وهواتف آيفون”.
ولكن لماذا لم تدخل آبل فعليًا في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي حتى الآن، وهل تبني نموذج لغوي كبير منافس لنموذج (PaLM 2) من جوجل المنافس الأول والمباشر لنموذج (GPT-4) الذي قدمته شركة (OpenAI) خلال شهر مارس الماضي، والذي تستخدمه مايكروسوفت في منتجاتها؟
سباق روبوتات الدردشة التفاعلية:
موضوعات ذات صلة بما تقرأ الآن:
في وقت سابق من هذا الشهر؛ أعلنت جوجل عن سلسلة من الميزات والمنتجات التي تستند في عملها إلى الذكاء الاصطناعي، وذلك في مؤتمرها السنوي للمطورين (Google I/O 2023)، منها: إتاحة روبوت الدردشة (بارد) Bard للاستخدام العام في 180 دولة، وإضافة المساعد (Duet AI) في حزمة تطبيقاتها المكتبية (Workspace)، وغيرها من الميزات الجديدة في جيميل، وصور جوجل، وخدمة الخرائط.
ولكن ليست جوجل وحدها من فعلت ذلك؛ فقد لحقت بها مايكروسوفت يوم الثلاثاء الماضي؛ وأعلنت أيضًا خلال مؤتمرها السنوي للمطورين (Build 2023) عن الجديد لديها في الذكاء الاصطناعي، مثل: دعم روبوت الدردشة (Bing Chat) للإضافات، وإدماج الذكاء الاصطناعي في نظام ويندوز 11، وفي متجر تطبيقاتها، وغير ذلك الكثير.
نهج آبل في الانتظار والترقب:
تبنت آبل عادةً نهج الانتظار والترقب حول التقنيات الناشئة، وقد نجح ذلك غالبًا معها، على سبيل المثال: لم تكن هي مخترعة الجهاز اللوحي، ولكن جهاز (آيباد) iPad الآن هو الذي يستحوذ على الحصة السوقية الأكبر في سوق الأجهزة اللوحية.
كما أنها حتى الآن لم تدخل سوق الهواتف القابلة للطي، في حين سبقتها شركة سامسونج المنافس التقليدي لها في سوق الهواتف الذكية، وسبقتها أيضًا جوجل هذا العام؛ حيث أعلنت عن هاتفها (Pixel Fold) القابل للطي في مؤتمر المطورين، ومع ذلك؛ هناك شائعات مفادها أن هاتف آيفون القابل للطي الذي ربما يُعرف باسم (iPhone Flip) يمكن أن تطرحه آبل في السوق في عام 2025.
وبناءً على تصريحات (تيم كوك) الرئيس التنفيذي للشركة، يبدو أن شركة آبل قد تتخذ نهجًا مشابهًا مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ قال كوك ردًا على سؤال يتعلق بالذكاء الاصطناعي التوليدي في مكالمة أرباح آبل في الشهر الحالي: “أعتقد أنه من المهم جدًا أن تكون هذه الخطوة مدروسة جيدة، كما يجب أن ندرس كيفية التعامل مع مشكلات الذكاء الاصطناعي أولًا؛ فهناك عدد من القضايا التي تحتاج إلى حلول”.
ولكن مع التطور السريع الذي يشهده الذكاء الاصطناعي، فلا شك في أن آبل تخاطر بالتخلف عن منافسيها، فقد تخلفت آبل في فئات معينة بالفعل، على سبيل المثال: لم تصل مكبرات الصوت الذكية HomePod إلى السوق إلا بعد سنوات من وصول Amazon Echo و Google Home – اللذان يتمتعان بحصة سوقية أعلى بكثير من آبل في فئة السماعات الذكية – على الرغم من كل النجاح الذي حققته الشركة حتى الآن.
آبل تستعد لدخول سوق الذكاء الاصطناعي:
كشف تقرير من (وول ستريت جورنال) أن شركة آبل تعمل حاليًا على بناء نموذج لغوي كبير من أجل روبوت دردشة منافس لروبوت ChatGPT و Bard من جوجل حسب ما قاله أشخاص مطلعون على الأمر للصحيفة.
ويقود جهودها في هذا المجال (جون جياناندريا) John Giannandrea رئيس قسم الذكاء الاصطناعي السابق في جوجل الذي انضم إلى شركة آبل في عام 2018.
بالإضافة إلى ذلك؛ تعمل آبل على توظيف عدد كبير من الباحثين والعلماء في مجال الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على مستوى العديد من القطاعات وأهمها النماذج الذكية لإنشاء المحتوى البصري، إذ رصد موقع (Techcrunch) أن آبل نشرت ما لا يقل عن 12 إعلانًا للوظائف للبحث عن خبراء في الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ نهاية أبريل وحتى مطلع الأسبوع الماضي.
كما أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن آبل منعت موظفيها من استخدام ChatGPT، وأدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى مثل: المساعد الذكي (Copilot) في منصة GitHub – التابعة لشركة مايكروسوفت – خوفًا من تسريب بيانات الشركة السرية، وذلك لأن مدخلات المستخدمين تُرسل إلى الشركات المطورة لهذه الأدوات للمساعدة في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وفقًا لوثيقة داخلية اطلعت عليها الصحيفة.
هل تركز آبل في مؤتمر المطورين هذا العام على الذكاء الاصطناعي؟
إذا صحت التقارير والتسريبات حول عمل آبل على نموذج لغوي كبير خاص بها، فستكون آبل هي أحدث شركة تدخل سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي، بعد دخول كبرى الشركات مثل: مايكروسوفت وجوجل وميتا، عبر تقديم نماذج لغوية وأدوات وميزات تستند في عملها إلى الذكاء الاصطناعي.
ويتزامن ذلك مع قرب موعد عقد آبل مؤتمرها السنوي للمطورين في مطلع يونيو المقبل، مما قد يعطي احتمالًا بشأن إعلان الشركة عن إدماج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجاتها أو الإعلان عن أدوات أو منصات ذكية جديدة تدخل من خلالها رسميًا إلى هذا السباق.