برنامج “المصافحة الذهبية”.. فرصة لتطوير القطاع الخاص السعودي

ما الهدف الأساسي من برنامج “المصافحة الذهبية”؟
- تقليص أعداد الموظفين الحكوميين.
- تحسين كفاءة القطاع العام.
- توفير فرص للشباب.
كيف يسهم البرنامج في تطوير القطاع الخاص؟
يعزز انتقال الكفاءات للقطاع الخاص، ويدعم التوطين، ويرفع التنافسية.
تسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز كفاءة القطاع الحكومي وتحقيق التوازن في سوق العمل من خلال إطلاق برامج تهدف إلى تحسين الإنتاجية وترشيد الإنفاق، وذلك في إطار الإصلاحات الاقتصادية والتطوير الإداري الذي تشهده البلاد.
ويعد برنامج “المصافحة الذهبية” واحداً من هذه المبادرات الاستراتيجية، التي تسهم في خلق بيئة عمل أكثر تنافسية، يتم من خلالها الاحتفاظ بأفضل الكفاءات، مع توفير فرص جديدة للكوادر الشابة للدخول إلى سوق العمل والمساهمة في التنمية الاقتصادية.
المصافحة الذهبية
ويأتي إعلان المملكة عن إطلاق برنامج “المصافحة الذهبية”، مطلع فبراير الجاري، بهدف تقليص أعداد الموظفين في القطاع الحكومي من خلال تقديم حوافز مالية للراغبين في الاستقالة.
وبيّنت صحيفة “أم القرى” الرسمية أن السقف الأعلى لصرف المخصصات المالية للبرنامج حدّد بمبلغ 12.75 مليار ريال (3.4 مليارات دولار) موزعاً على الأعوام 2025 و2026 و2027.
وستعمل وزارة الموارد البشرية بالتنسيق مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، ولجنة إصلاح أنظمة التقاعد، ولجنة منظومة الدعم والإعانات الاجتماعية، لوضع الضوابط والشروط والإجراءات الخاصة بالبرنامج.
وتتضمن هذه الضوابط تحديد الفئات العمرية المستهدفة، وعدد سنوات الخدمة المطلوبة، وآلية تقديم الحوافز المالية، وذلك بشرط موافقة الجهة الوظيفية والموظف المعني.
ويُمنح الموظفون ذوو المؤهلات الدنيا أولوية في الاستفادة من البرنامج، مع تصعيد الأولوية تدريجياً للمؤهلات الأعلى، عند استقالة الموظف، تُلغى وظيفته باستثناء الوظائف الإشرافية، مع منع الجهات الحكومية من إعادة توظيف المستفيدين من البرنامج.
ولا يمكن للموظف الاستفادة من البرنامج إلا بعد استنفاد جميع البدائل، مثل النقل أو الإعارة أو إعادة التدريب لشغل وظائف أخرى أكثر احتياجاً، كما يُستثنى من البرنامج من تتوفر لديه شروط التقاعد المبكر.
ويعتمد وزير المالية ووزير الموارد البشرية الشروط والضوابط النهائية للبرنامج، مع مراجعتها بشكل دوري ورفع التقارير اللازمة حولها، وستلتزم الجهات الحكومية المختلفة، بما في ذلك الهيئات والمؤسسات العامة، بوضع برامج تحفيزية لموظفيها للخروج من الخدمة في حال لم تكن ممولة من الميزانية العامة للدولة، وأما الجهات الممولة من الدولة، فسيتم تنسيق احتياجاتها المالية مع وزارة المالية.
وتم تخصيص 5.06 مليارات ريال (1.35 مليار دولار) ضمن ميزانيات الجهات غير الممولة من الدولة لدعم برامجها التحفيزية، إضافة إلى إنشاء بند خاص في ميزانية وزارة الموارد البشرية لتغطية أي تكاليف إضافية قد تنشأ على أنظمة التقاعد أو التأمينات الاجتماعية، بحيث يقتصر الصرف على هذا الغرض وفقاً لضوابط محددة.
كما وضعت الجهات المختصة خطة لترشيد الإنفاق على الرواتب والأجور في القطاع الحكومي، حيث خُصص 22.9 مليون ريال (6.1 ملايين دولار) سنوياً لهذا الغرض.
وبموجب البرنامج، ستعلن الجهات الحكومية الخاضعة لنظام الخدمة المدنية عن وظائفها الشاغرة من خلال النظام الإلكتروني لوزارة الموارد البشرية لمدة خمسة أيام قبل اتخاذ قرارات التوظيف.
ويُستثنى من ذلك وظائف المستخدمين وبند الأجور، إضافة إلى الوظائف الحيوية والحرجة، كما سيتم التنسيق مع وزارة المالية لإعداد قائمة بهذه الوظائف، والتي يمكن التوظيف عليها مباشرة دون الحاجة إلى إعلان مسبق.
وستعمل الوزارات على حصر الوظائف الشاغرة التي مضى على شغورها خمس سنوات أو أكثر، مع اتخاذ إجراءات لإلغائها مستقبلاً إذا لم تُشغل خلال عامين من استحداثها، كما ستتم مراجعة قائمة الوظائف المستثناة، مع الأخذ في الاعتبار الوظائف التي يصعب شغلها لعدم توفر الكفاءات المناسبة، والوظائف الإشرافية.
وبموجب ذلك تقرر تعديل المادة (11) من لائحة المعينين على بند الأجور، بحيث يتم معاملة شاغلي هذه الوظائف من حيث ساعات العمل والإجازات والبدلات وفقاً لما هو معمول به في وظائف المستخدمين، مع استثناء الحراس من العمل الإضافي.
وستكون الأولوية في سد احتياجات الجهات الحكومية – التي تتبع لوائح خاصة وتخضع لنظام العمل والتأمينات الاجتماعية – بتوظيف موظفي الخدمة المدنية عبر الإعارة لمدة محددة بدلاً من التوظيف الجديد.
ويخضع الموظفون في هذه الحالة لفترة تجربة تتراوح بين 30 و90 يوماً، مع إعلان الوظائف المتاحة عبر النظام الإلكتروني للوزارة، وستقوم وزارة الموارد البشرية بإعداد قائمة بوظائف الدعم والمساندة وتعميمها على الجهات الحكومية لتطبيق هذه الآلية.
انعكاسات إيجابية
ويقول الخبير الاقتصادي جلال بكار، إن برنامج “المصافحة الذهبية” السعودي سيعزز رؤية الموظفين داخل المملكة، مما سينعكس إيجاباً على إنتاجيتهم؛ لأن ضمان مستقبل الموظف يضمن الحاضر للمؤسسة.
وفيما يخص التوازن بين القطاعين العام والخاص، يوضح بكار لـ”الخليج أونلاين” أن حكومة المملكة تستهدف موظفيها بالدرجة الأولى، وهذا الموضوع ليس إجبارياً على القطاع الخاص.
ويعتقد أن القرار سيخضع للمراقبة في البداية لضمان سير العملية التنفيذية، وسيعزز إمكانيات التأمينات الاجتماعية في سوق العمل.
ويرى الخبير الاقتصادي أن هذه الخطوات “عامل إيجابي؛ لأن أنظمة التأمينات الاجتماعية تحدد استراتيجيات الدول وازدهار المواطنين والمقيمين”.
وأكد بكار أن ضمان مستقبل الموظف يرفع جودة العمل والخدمة، وهذا هدف القطاع العام لتحقيق منظومة اقتصادية تضمن العيش الكريم، وهو ما تسعى إليه الحكومة السعودية.
إعادة هيكلة التوظيف
تغيرت معايير العمل في السعودية منذ انطلاق رؤية 2030 في عام 2016، ولم تعد المسألة تقتصر على استيفاء ساعات العمل، بل أصبح التركيز منصبّاً على الأداء الفعلي وتحقيق الأهداف، بعيداً عن الهدر الوظيفي.
وكشفت صحيفة “الاقتصادية” السعودية أن برنامج “المصافحة الذهبية”، يهدف إلى إعادة هيكلة القوى العاملة في القطاع الحكومي من خلال منح الموظفين المؤهلين فرصة الخروج الطوعي من الخدمة مقابل تعويض مالي مجزٍ.
وخصص هذا البرنامج لموظفي الجهات الحكومية الذين يشغلون وظائف يمكن إلغاؤها أو إحلالها، إضافة إلى أصحاب المؤهلات الأدنى والموظفين الذين تنطبق عليهم شروط الخدمة والأداء الوظيفي المحددة.
وبحسب اللائحة الأولية، فإن الاستفادة من البرنامج اختيارية، مع عدم إمكانية العودة إلى القطاع الحكومي بعد المغادرة.
يرى الخبراء أن “المصافحة الذهبية” ستساهم في تدوير القوى العاملة داخل المملكة، مما يضمن بقاء الكفاءات الأفضل، ومعالجة ضعف الإنتاجية، وتعزيز الكفاءة التشغيلية.
ومن المرجّح أن يفتح البرنامج المجال أمام الشباب السعودي، خاصة حديثي التخرج، للانضمام إلى سوق العمل الحكومي، دون التأثير على الاستقرار المالي لأسر الموظفين المستفيدين.
وتشير التجارب السابقة إلى نجاح مثل هذه المبادرات، حيث تبنّت مجموعة “stc” نموذجاً مشابهاً تحت اسم “الشيك الذهبي”، الذي يتيح للموظف إنهاء خدمته مقابل تعويض مالي مجزٍ.
ووفق خبير الموارد البشرية ياسر اليابس، فإن البرنامج سيعمل على تقليل الأعباء المالية المرتبطة بالرواتب والمزايا المستمرة للموظفين الذين تكون إنتاجيتهم ضعيفة ودون المستوى المطلوب.
وتوقع اليابس في حديثه لـ”الاقتصادية”، أن يكون هناك إقبال جيد على البرنامج، بما يهدف تحسين الكفاءة التشغيلية للجهات الحكومية، وتعزيز التعاون بين الجهات، وتقليل الاعتماد على التوظيف الجديد من خلال الاستفادة المثلى من الموارد البشرية المتاحة.
مزايا وتحديات
يحمل البرنامج في طياته العديد من المزايا التي تسهم في تحسين كفاءة العمل وترشيد الإنفاق، ومع ذلك، فإنه يواجه بعض التحديات التي قد تؤثر على تنفيذه وفعاليته، وهذا يتطلب دراسة متأنية لضمان تحقيق أهدافه، وفق مستشار الموارد البشرية علاء الدبيسي.
وأشار الدبيسي في حديثه لموقع “العربية نت” إلى أن من بين المزايا، يسهم البرنامج في تجديد بيئة العمل داخل الجهات الحكومية، مما يتيح استقطاب كفاءات جديدة بمهارات تتناسب مع متطلبات العصر الحديث.
وفيما يتعلق بالتحديات، يعرب الدبيسي عن خشيته من أنّ خروج عدد كبير من الموظفين ذوي الخبرة قد يؤدي إلى فقدان المعرفة المؤسسية، مما يؤثر على سير العمل وجودة الخدمات، كما أن نجاح البرنامج يعتمد على تنفيذ عادل وشفاف، مما يتطلب وضع ضوابط وشروط واضحة لضمان العدالة في اختيار المستفيدين وتحديد الحوافز.