الاخبار

وديعة سعودية جديدة.. محاولة لإنقاذ اليمن من أزمته الاقتصادية

أعلنت المملكة في الـ27 من ديسمبر 2024، تقديم دعم اقتصادي ومالي جديد لليمن بقيمة 500 مليون دولار

يواجه اليمن ضغوطاً وصعوبات مالية واقتصادية لم يسبق لها مثيل نتيجة توقف إيرادات النفط التي تشكل 70% من دخل البلاد بسبب هجمات الحوثيين عليها، وكذلك توقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية والدخل من السياحة.

ولا يجد اليمن حلاً لدعم موازنته والتخفيف من معاناته الاقتصادية غير اللجوء إلى الحلفاء الخليجيين وتحديداً السعودية لتقديم مزيد من الدعم والمعونات والودائع لإنعاش جزئي لاقتصاده، وسط توقعات باستمرار التدهور الاقتصادي في البلد العربي مع استمرار حالة اللاحرب واللاسلم خلال العامين الأخيرين.

وعلى الرغم من إعلان السعودية مؤخراً تقديم وديعة جديدة للحكومة اليمنية، إلا أن كثيراً من اليمنيين يبدون تشاؤمهم المستمر من أن تقدم تلك الوديعة حلول جذرية.

وديعة جديدة

بعد نقاشات ولقاءات مكثفة في العاصمة السعودية الرياض، أعلنت المملكة في الـ27 من ديسمبر 2024، تقديم دعم اقتصادي ومالي جديد لليمن بقيمة 500 مليون دولار.

وأوضحت السلطات السعودية أن هذا الدعم الجديد يتضمن:

– وديعة بقيمة 300 مليون دولار في البنك المركزي اليمني لتحسين الوضعين الاقتصادي والمالي.

– 200 مليون دولار لدعم عجز الموازنة.

ويهدف الدعم الاقتصادي السعودي لليمن إلى:

– إرساء مقومات الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي في اليمن.

– تعزيز وضعية المالية العامة.

– تنمية وبناء قدرات المؤسسات الحكومية، وتعزيز حوكمتها وشفافيتها.

– تمكين القطاع الخاص من دفع عجلة النمو الاقتصادي المستدام.

– خلق فرص العمل، مما سيؤدي إلى وضع الاقتصاد الوطني في مسار أكثر استدامة، ودفع مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ويقول رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أحمد عوض بن مبارك -على منصة “إكس”- إن الدعم المالي المقدم من السعودية سيمكن الحكومة اليمنية من دفع مرتبات موظفي الدولة وإيقاف التدهور في سعر العملة، كما سيمكنها من المضي في برنامج الإصلاح المالي والإداري ومكافحة الفساد.

وكانت السعودية أقرت، في أغسطس 2023، منحة بقيمة 1.2 مليار دولار للحكومة اليمنية، سلمت من ضمنها الدفعة الرابعة في يونيو الماضي بـ300 مليون دولار للبنك المركزي.

الريال يفقد قيمته

وعلى الرغم من الوديعة، إلا أن قيمة الريال اليمني لا تزال في تراجع ولمستوى تاريخي لم يسبق له مثيل، حيث بلغ سعر الدولار الواحد 2053 ريالاً (30 ديسمبر 2024)، بعد أن كان سعره 215 ريالاً أثناء الحرب مطلع العام 2015.

ويؤكد تقرير لمنظمة “الفاو” الدولية (نوفمبر 2024) إن العملة اليمنية في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها فقدت ربع قيمتها خلال الأشهر الماضية.

وأوضح أن استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية في مناطق الحكومة مقابل الدولار، يُعزى إلى حد كبير إلى احتياطيات النقد الأجنبي المستنفدة، التي تفاقمت بسبب الأزمة المالية المستمرة.

كما ذكرت المنظمة -في “نشرة السوق والتجارة في اليمن” الصادرة مؤخراً- أن العملة المحلية فقدت أكثر من ثلث قيمتها خلال السنوات الثلاث الماضية، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وشدد البنك الدولي على أن اقتصاد اليمن يواجه تحديات متزايدة مع استمرار الصراع وتصاعد التوترات الإقليمية، فقد توقع البنك أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 1% عام 2024، بعد انخفاضه بنسبة 2% سنة 2023، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي، لتصل نسبة الانخفاض إلى 54% منذ عام 2015.

جرعة إسعافية

مثل الكثير من المتشائمين يرى المحلل الاقتصادي اليمني وفيق صالح أن المبلغ الذي أعلن عنه كدعم للحكومة اليمنية، “رقم متواضع ولا يتناسب مع تضاعف حجم التحديات الاقتصادية وتفاقم الأزمات المالية”.

وأكد أن هذا الدعم “هو مخصص لدفع رواتب الموظفين والإنفاق على الخدمات الأساسية للحكومة، بمعنى أنه جرعة إسعافية لكي تتمكن الحكومة من الإيفاء بالتزاماتها الأساسية أمام المواطنين”.

وحول الحلول لتعزيز احتياطات البنك المركزي لكي يحدث استقرار في سعر الصرف وتتحسن قيمة العملة الوطنية يرى صالح في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن ذلك يأتي عبر “رفد البنك بمبالغ كبيرة من النقد الأجنبي إضافة إلى تمكين الحكومة من تشغيل المصادر المستدامة من النقد الأجنبي للدولة وتحقيق إصلاحات هيكلية في أجهزة ومؤسسات الدولة الإيرادية وكذلك تفعيل السياسات المالية للحكومة”.

ولفت إلى أن الاقتصاد الوطني اليمني “يمر بمنعطفات حرجة للغاية”، من بينها حسب قوله: “الانقسام المالي الحاد وتعطيل الموارد الهامة، والنفقات الحكومية التي تتضاعف بسبب استمرار الحرب”، مشيراً إلى أن هذا الأمر “يستدعي أن يكون هناك دعم مالي دولي يتناسب مع حجم التحديات لكي يعيد تحقيق التعافي الاقتصادي والاستقرار المعيشي”.

ويعتقد أن الحل للأزمة الاقتصادية في البلاد “لا يمكن أن يكون عبر حقن المهدئات والجرع الإسعافية وإنما لابد أن تكون هناك حلول شاملة تتضمن تفعيل كافة أجهزة الدولة الرقابية وتشغيل المصادر المعطلة وتنمية الموارد المحلية والقضاء على كافة الاختلالات في مؤسسات الدولة”.

أسباب مختلفة

وعلى الرغم من توقف القتال إلى حد بعيد مع جماعة الحوثي في شمال اليمن خلال العام الماضي والحالي، لكن الحكومة المدعومة من السعودية في عدن تعاني بسبب تراجع قيمة العملة والنقص في الاحتياطيات الأجنبية وارتفاع الأسعار.

ونهاية أكتوبر الماضي أعلن محافظ البنك المركزي أحمد غالب المعبقي، أن بلاده “خسرت أكثر من 6 مليارات دولار من مواردها الذاتية نتيجة لتوقف صادرات النفط والغاز بسبب هجمات الحوثيين على مرافئ وناقلات النفط، إضافة لاستهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر”.

وشنت جماعة الحوثي هجمات على ثلاثة موانئ نفطية، هي الضبة والنشيمة وقنا في محافظتي حضرموت وشبوة شرق البلاد، وتسبب ذلك في توقف تصدير النفط في أكتوبر 2022، وحتى اليوم.

كما يستهدف الحوثيون، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم المناطق المأهولة بالسكان في البلاد، الشحن الدولي في البحر الأحمر. وتقول الجماعة إن هجماتها تأتي تضامناً مع الفلسطينيين في ظل الحرب مع “إسرائيل”، ونتيجة لذلك نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا هجمات انتقامية منذ الشهر الماضي.

ويوجد في البلاد بنكان مركزيان متنافسان أحدهما خاضع للحكومة المعترف بها في عدن والآخر لجماعة الحوثي في صنعاء.

ووفقاً لمراكز اقتصادية، انخفض الريال اليمني بأكثر من 300% عما كان عليه قبل الحرب عندما كان سعر الصرف مستقراً عند نحو 214 ريالاً أمام الدولار في 2014.

ويخشى مراقبون من أن تواصل العملة اليمنية انهيارها وهو ما ينذر بحدوث مجاعة تهدد ملايين اليمنيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى