هل تحاول أمريكا تسخير الحكومة اليمنية لقتال الحوثيين؟
تأتي اللقاءات في وقتٍ تمر الأزمة اليمنية بركود وسط مخاوف من فشل أي حلول أممية لإنهائها خصوصاً مع تصاعد التوترات في المنطقة
تحظى اليمن منذ نحو عام باهتمام إعلامي عالمي غير مسبوق؛ جراء الهجمات العسكرية الحوثية ضد أهداف تجارية في البحر الأحمر، وسط فشل أممي في التوصل لاتفاق سلام شامل في البلد العربي.
ويعيش اليمنيون تذمراً واسعاً ضد ممارسات الحوثيين في اليمن وحرمان موظفي الدولة اليمنية وأرباب المعاشات وأسرهم من أرامل وأيتام من مرتباتهم الشهرية لعدة سنوات، وكذلك حصارهم المرير مدينةَ تعز والاختطافات والقتل.
وسواء كانت هذه الهجمات الحوثية نتيجة إيعاز وتوجيه إيراني مباشر، أم كانت بإرادة حوثية خالصة كما تقول المليشيا، فإنها بلا شك قد دفعت واشنطن لتكثيف اهتمامها بهذه القضية، والعمل على أي طريقة تنهيها، فهل تتمكن واشنطن من حل هذه الأزمة بالاستعانة بالحكومة اليمنية؟.
لقاءات مكثفة
على غير المعتاد شهدت اليمن خلال الشهرين الماضيين لقاءات مكثفة بين السفير الأمريكي لدى اليمن والمسؤولين اليمنيين وهي المرة الأولى التي لم يسبق لها مثيل أن تعقد لقاءات بهذه الكثافة، حيث لم تكن تلك الاجتماعات متعلقة بشخصيات محددة بل شملت قيادات سياسية وعسكرية وحزبية ومحافظي محافظات يمنية.
وتأتي اللقاءات في وقتٍ تمر الأزمة اليمنية بركود وسط مخاوف من فشل أي حلول أممية لإنهائها خصوصاً مع تصاعد التوترات في المنطقة، وركزت على توحيد القوى السياسية في مواجهة الحوثي، ومناقشة أزمة البحر الأحمر بعد هجمات الحوثي، والعمل على التخفيف من الأزمة الإنسانية في البلاد.
ورصد “الخليج أونلاين” تلك اللقاءات، والتي كانت حصيلتها:
اجتماعات مع رشاد العليمي – رئيس مجلس القيادة الرئاسي
15/أكتوبر/2024
18/ سبتمبر/2024
11 أغسطس/2024
اجتماع مع أبو زرعة المحرمي – عضو مجلس القيادة الرئاسي
25/ أغسطس/ 2024
اجتماعين مع عيدروس الزبيدي – عضو مجلس القيادة الرئاسي
25/ أغسطس/ 2024
20/ أكتوبر/ 2024
اجتماعين مع عثمان مجلي – عضو مجلس القيادة الرئاسي
13/ أغسطس/ 2024
18/ أكتوبر/ 2024
اجتماع مع سلطان العرادة – عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مأرب اليمنية
17/ أكتوبر/ 2024
اجتماعين مع شائع الزنداني – وزير الخارجية اليمني
10/أكتوبر/2024
3 /سبتمبر/2024
اجتماع مع محسن الداعري – وزير الدفاع اليمني
26/سبتمبر/2024
اجتماع مع محمد اليدومي – رئيس حزب الإصلاح اليمني
25/ سبتمبر/ 2024
اجتماع مع مبخوت بن ماضي – محافظ حضرموت
15/ أكتوبر/2024
مباحثات في واشنطن بين رئيس هيئة الأركان عزيز بن صغير مع مبعوث أمريكا إلى اليمن تيم ليندركينغ
11/أكتوبر/2024
تهديدات عسكرية
وعقب نحو أسبوعين من لقاءه بالسفير الأمريكي، قال وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الفريق الركن محسن الداعري، إن الجيش اليمني جاهز للتحرك باتجاه العاصمة صنعاء “في أي لحظة”، مؤكداً أن جماعة الحوثي المصنفة على قوائم الإرهاب “تضعف يوماً بعد آخر”.
وأضاف “الداعري”، في حوار نشرته صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية (11 أكتوبر): “نحن في الجيش والقوات المسلحة اليمنية ووزارة الدفاع وكل المكونات اليمنية والمقاومة هدفنا الأساسي هو صنعاء”.
وقال: “هذه الميليشيات لا تلتزم بالعهود والاتفاقيات، وعندما تضعف تستخدم أساليب عدة للحصول على تعاطف الآخرين”. مؤكداً “جاهزية القوات اليمنية لجميع الخيارات، سواء الحرب أو السلام”.
وفي 11 أكتوبر أيضاً، التقى رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول صغير بن عزيز خلال زيارته إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، لقاءات مع مسؤولين أمريكيين، وبحث معهم مستجدات الوضع في اليمن.
وفي 13 أكتوبر شدد رئيس هيئة العمليات بالقوات المسلحة اليمنية، اللواء الركن خالد الأشول، على ضرورة رفع مستوى اليقظة ومضاعفة الجهود للتعامل مع التهديدات المحتملة بقوّة وحسم وكفاءة واقتدار.
وعقد المسؤول العسكري اليمني اجتماعاً برؤساء عمليات القوات المسلحة، للوقوف أمام مستوى جاهزية القوات المسلحة لأداء مهامها الوطنية، وفقا للمركز الإعلامي للقوات المسلحة، مؤكداً ضرورة رفع كفاءة القوة البشرية والتدريب والتأهيل في جميع التخصصات القتالية، وكذا تطوير القدرات العسكرية النوعية بما يتواكب مع متطلبات المعركة القائمة مع تنظيم جماعة الحوثي، وفق وكالة “سبأ” الرسمية.
دعم ممكن
يرى الباحث السياسي اليمني نجيب السماوي، إن ثمة احتمالاً بلجوء واشنطن إلى شن حرب برية ضد الحوثيين من خلال دعم القوات الحكومية، لكنه احتمال ضعيف لا تؤيده القراءة الدقيقة للواقع.
ويشير إلى أنه “ربما صار الواقع اليمني أكثر تعقيداً مما تتصور واشنطن أو أي قوى أخرى، فالسنوات العشر الماضية من الحرب العبثية هناك قد غيرت كثيراً من تفاصيل الواقع اليمني، وصارت هناك مشاريع عديدة، وكل مشروع له ممول وداعم وأهداف وأجندات، مثل القوات التي تمولها الإمارات وأخرى تمولها السعودية”.
لكن ومع ذلك يقول السماوي لـ”الخليج أونلاين”، إن واشنطن ربما متنبهة لهذه النقطة، من خلال “عقد اللقاءات مع كافة الأطراف السياسية اليمنية والتي أكدت في مضمونها أهمية وحدة القوى السياسية وفي مقدمتها المجلس الرئاسي الذي يعاني من خلافات داخلية”.
ويضيف: “إذا ما افترضنا أن أمريكا قد فشلت عبر الوسيط الإقليمي المتمثل في عُمان لوقف هجماتها، فإن تحويل المعركة إلى حرب برية قد يحدث ولكنها تتطلب توحيد شامل لكافة القوى اليمنية المناوئة للحوثي والتي حالياً تواجه أصعب مرحلة من عدم الثقة بينها”.
تهديدات أمريكية
منذ نوفمبر الماضي، يستهدف الحوثيون سفناً تجارية يشتبهون في أنها مرتبطة بـ”إسرائيل” أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامناً مع قطاع غزة الذي يشهد حرباً مع “إسرائيل” منذ السابع من أكتوبر.
ونشرت دول غربية، على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا، بوارج في البحر الأحمر. وشكلت واشنطن تحالفاً بحرياً دولياً لحماية الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي تمر عبرها 12٪ من التجارة العالمية.
ووجهت واشنطن ولندن تحذيرات متكررة للحوثيين من “عواقب” ما لم يوقفوا هجماتهم على السفن، قبل شنهما ضربات مستهدفة تحييد قدرات الحوثيين العسكرية، كان آخرها استخدام الطائرة الشبح “بي 12” لشن غارات غير مسبوقة على صنعاء منتصف أكتوبر الجاري.
ووفق موقع “المصدر أونلاين” اليمني نقلاً عن مصادر قولها، إن الولايات المتحدة نقلت قبل أيام عبر وسيط إقليمي، رسالة شديدة اللهجة الى الحوثيين، مفادها أن أي هجوم جديد ضد الملاحة في البحر الأحمر قد “يُواجَه برد قاسٍ وغير مسبوق”.
وخففت جماعة الحوثي، خلال الأيام الماضية، من حِدّة خطابها المرتبط بما أُطلق عليه “جبهات الإسناد” بشكل مفاجئ، وعادت لإثارة ملفات محلية، على الرغم من تعهداتها برفع وتيرة العمليات، في أعقاب مقتل حسن نصر الله أواخر سبتمبر الماضي.