هل تتجه “إسرائيل” لفرض حكم عسكري في غزة؟
قوات الاحتلال بدأت توسيع سيطرتها على مسارات داخل قطاع غزة، وتعمل على إقامة نقاط دائمة بمثابة “بؤر استيطانية عسكرية”.
بعد قطع “إسرائيل” لعلاقاتها مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أواخر الشهر الماضي وتشديد الحصار على شمال قطاع غزة، تظهر مؤشرات على عزم جيش الاحتلال فرض حكم عسكري في المنطقة.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي، الأربعاء (20 نوفمبر)، أن “رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب يسرائيل كاتس، أجريا نقاشاً لمدة 4 ساعات بخصوص غزة مع مختصين، تناول خطة لجلب شركة أمن أمريكية خاصة إلى غزة لتوزيع المساعدات الانسانية”.
كما ذكرت أيضاً إلى أن الشركة الأمنية – لم تشر لهويتها – سوف تعمل في منطقة جباليا شمال غزة، تحت إشراف الجيش الإسرائيلي.
وفي 28 أكتوبر الماضي، أقر الكنيست الإسرائيلي بشكل نهائي حظر أنشطة “الأونروا” في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة أدانتها دول إقليمية وأوروبية وغربية ومنظمات دولية.
ويأتي القرار على خلفية المزاعم الإسرائيلية بأن موظفين في المنظمة الأممية ساهموا في هجوم “طوفان الأقصى” الذي نفذته حركة “حماس” الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023.
حكم عسكري
ويتحكم جيش الاحتلال في إدخال المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة وسط أزمة إنسانية خانقة وشبح مجاعة لا سيما شمال القطاع.
لكن الخطة الجديدة للاستعانة بشركة أمنية خاصة لتوزيع المساعدات، لاقت انتقادات من وزير الحرب الإسرائيلي السابق يوآف غالانت الذي اعتبرها مقدمة لـ”حكم عسكري سيدفع الجنود الإسرائيليون حياتهم ثمناً له”.
كما حذر غالانت من أنه إذا نقلت الحكومة الإسرائيلية مسؤولية توزيع المساعدات في القطاع إلى شركة خاصة، وزودتها بأمن من الجيش الإسرائيلي على مدار الساعة، فإنها ستكون أقرب خطوة إلى الحكم العسكري في غزة، و”سيدفع جنود الجيش الإسرائيلي ثمن ذلك بدمائهم”.
وبحسب صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية، فقد قال إن “الحكم العسكري في غزة ليس من أهداف الحرب، بل هو عمل سياسي خطير وغير مسؤول”.
أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في “جامعة حيفا”، البروفيسور محمود يزبك، يرى أن “الخطة الحالية حول شمال قطاع غزة مكون من مرحلتين، الأولى تنفيذ تطهير عرقي للسكان في الشمال وتحضير المنطقة لإقامة مستوطنات فيها لاحقاً”.
ويقول يزبك في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “المرحلة الثانية يتوقع فيها جلب شركة أمنية أمريكية لإدخال المساعدات لشمال غزة وكل القطاع، تحت حماية جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعنى تحضير المنطقة لحكم عسكري قد يمتد لسنوات”.
كما يضيف: “مخطط الحكم العسكري موجود وهناك توقع كبير لتنفيذ ذلك في كل قطاع غزة بالفترة القريبة القادمة، وسيبدأ من تسهيل إدخال المساعدات من خلال الشركة الأمنية الأمريكية”.
ويرى يزبك أن “الهدف من إقامة الحكم العسكري الإسرائيلي في قطاع غزة حسب ما ينشر، هو منع حركة حماس من أن تقوم بإدارة القطاع إدارة سياسية”.
خصخصة السيطرة المدنية
وسبق أن أفادت صحيفة “يديعوت أحرنوت”، أن قوات الاحتلال بدأت توسيع سيطرتها على مسارات داخل قطاع غزة، وتعمل على إقامة نقاط دائمة بمثابة “بؤر استيطانية عسكرية”.
كما باشرت وزارة الجيش الإسرائيلية التعاون مع شركات خاصة، للإشراف على تقديم المساعدات الإنسانية، تحت رقابة إسرائيلية مباشرة، بهدف تعزيز السيطرة على غزة، بما يتوافق مع توجهات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الداعمين لإقامة إدارة عسكرية في القطاع، وفق الصحيفة.
ووفقا لمصادر أمنية تحدثت إلى “يديعوت أحرونوت” فإن التحركات على الأرض “تأخذ زخماً في ظل عاملين جديدين، الأول يتمثل بتعيين وزير الدفاع الجديد إسرائيل كاتس، والثاني انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، حيث يُنظر إلى كاتس على أنه أقل تحفظاً تجاه هذه خطط حكم غزة مقارنة بسلفه غالانت”.
وحول الخطة الإسرائيلية الجديدة، اعتبر النائب السابق لرئيس الساحة الفلسطينية في قسم التخطيط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفرايم غانور، أن فكرة استقدام شركات أمنية أمريكية خاصة للسيطرة على الجوانب المدنية في غزة، هي “أفضل حل لمعالجة فشل الحد من استمرار سيطرة المقاومة الفلسطينية مدنياً على القطاع، رغم مرور أكثر من عام على الحرب”.
كما يوضح غانور في مقال له بصحيفة “يديعوت أحرنوت” أن “الهدف الأساسي من الخطة هو خصخصة السيطرة المدنية في غزة، حيث ستتولى الشركات الأمنية الخاصة مسؤولية الإشراف على الجوانب الإنسانية والمدنية دون التدخل في العمليات العسكرية”.
واعتبر أيضاً أن “هذا النهج يتيح لإسرائيل الحفاظ على سيطرتها الأمنية دون أن تتورط في تفاصيل الحياة اليومية لسكان غزة”.
ولم يخفي غانور قلقه من أن تتحول الخطة من مرحلة مؤقتة إلى واقع دائم، مما يجعل “إسرائيل” حاكمة مدنية لغزة بما يترتب على ذلك من مسؤوليات قانونية في إدارة السكان، ولذلك فهو يؤكد أن “الهدف هو جعل الحل محدوداً زمنياً قبل التوصل إلى نظام دائم ومستقر”.