هذا أول ما سيفعله النازحون الغزيون بعد عودتهم لديارهم
كل هذه الآمال قابلة للتحقق إذا ما سارت مفاوضات الدوحة في الطريق الصحيح نحو وقف إطلاق النار
“سأذهب إلى قبر طفلتي وزوجتي في المقبرة التي قام جيش الاحتلال بتجريفها شرق مدينة غزة، واتفقد ماذا حل في قبورهم”، هذا أول ما سيفعله النازح محمود نصر عند عودته إلى مسقط رأسه في شمال القطاع في حالة تم توقيع اتفاق وقف إطلاق نار بين حركة “حماس” ودولة الاحتلال.
يأمل نصر ومئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين الذين تركوا منازلهم ومدنهم وأحيائهم في شمال قطاع غزة ونزحوا قسراً إلى جنوب القطاع، بالعودة إلى ديارهم بعد وضع اللمسات الأخيرة لوقف إطلاق النار بين حركة “حماس” و”إسرائيل”، وقرب الإعلان عن الاتفاق.
وبات اتفاق وقف إطلاق النار قاب قوسين أو أدنى، خاصة بعد تأكيد المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد بن محمد الأنصاري، الثلاثاء 14 يناير، الوصول إلى المراحل النهائية من مفاوضات تبادل الأسرى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقال الأنصاري في مؤتمر صحفي في العاصمة القطرية الدوحة، إن المحادثات الجارية بشأن غزة مثمرة وإيجابية وتركز على التفاصيل الأخيرة.
وأعرب عن أمله في الحصول على أخبار جيدة بشأن اتفاق غزة، وأن تخفض نقاط الاختلاف بين الجانبين، والوصول إلى التفاصيل النهائية.
يقول نصر لـ”الخليج أونلاين”: “بدأت الأفكار تراودني عندما تناقلت وسائل إعلامية موثوقة أخباراً عن وجود وفود من حركة حماس والاحتلال في قطر واقتراب التوصل إلى هدنة وصفقة تبادل يتم من خلالها عودة النازحين”.
استشهدت طفلة نصر وزوجته في الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودفنوا في المقبرة الشرقية للمدينة وهي منطقة قريبة جداً من السياج الفاصل بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948، أي أن الاحتلال وصل إليها مبكراً وقام بتجريف المقبرة.
نصر يمن النفس عند اللحظات الأولى لدخوله مدينة غزة بالذهاب فوراً إلى المقبرة وقراءة الفاتحة على ابنته وزوجته والدعاء عند قبورهم، ومعرفة مصيرها بعد وصول آليات جيش الاحتلال إلى تلك المنطقة.
تقدر الأمم المتحدة، نزوح 1.9 مليون شخص في غزة مرات عدة، إضافة إلى أن جميع السكان تقريباً بحاجة إلى المساعدة، منبهة إلى أن الحرب في غزة تستمر في خلق “مزيد من الألم والمعاناة”.
وحسب الأمم المتحدة يقدر إجمالي عدد السكان في غزة بالوقت الراهن بنحو 2.1 مليون نسمة مع الوضع في الاعتبار استشهاد قرابة الـ47 ألف شخص ومغادرة 110,000 للقطاع منذ أكتوبر 2023.
ينتظر النازح من شمال القطاع إلى جنوبه، محمد أبو عساكر، العودة إلى بيته في حي النصر بمدينة غزة، والذهاب إلى البحر والسباحة فيها، ونسيان الأيام السوداء التي عاشها طيلة العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية.
يقول أبو عساكر لـ”الخليج أونلاين”: “في منطقة نزوحي بمواصي خان يونس يوجد بحر ولكن لا أشعر به، وكل تفكيري الآن عند العودة إلى شمال القطاع في حالة تم الإعلان عن توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار، هو دخول البحر حتى وإن كانت الأجواء باردة، فأنا مشتاق لهذا البحر”.
يعيش أبو عساكر بكابوس داخل خيمة النزوح، وافتقد كل أساسيات الحياة الطبيعية التي تعود عليها، وينتظر بفارغ من الصبر وقت الإعلان عن وقف إطلاق النار، والعودة إلى حياته التي يعرفها.
لا يزال يعيش النازح أبو عساكر أيام النزوح القاسية في مخيم للنازحين بمنطقة المواصي، يفتقد الدفء، والماء والطعام النظيف، والاستحمام ودخول الحمام بخصوصية، والنوم، والراحة، ومشاهدة التلفزيون، وتناول قهوته في بلكونة منزله.
منى المصري فتاة نازحة من شمال القطاع إلى وسطه، تنتظر العود إلى منزلهم الكبير في منطقة بيت لاهيا شمال قطاع غزة والذي يحتوي أيضاً على حديقة كانت مزروعة بأنواع من الخضروات والفواكه والورد.
تقول منى لـ”الخليج أونلاين”: “أول ما سأفعله عند العودة لمدينتي ومنزلي في بيت لاهيا هو تنظيف الحديقة الخاصة بالمنزل وزراعتها بالمزروعات السنوية التي كنت معتادة عليها قبل حرب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”.
تعيش المصري برفقة عائلتها بخيمة في دير البلح وسط القطاع، بعد أن كانت تعيش في الفيلا المحاطة بالمزروعات في مدينة بيت لاهيا التي عرف عنا أنه مدينة زراعية وتشتهر بعذابة مياهها.
كل هذه الآمال قابلة للتحقق إذا ما سارت مفاوضات الدوحة في الطريق الصحيح نحو وقف إطلاق النار وبدء تبادل الأسرى ودخول المساعدات وفتح المعابر.
وتواصل “إسرائيل” شنّ الحرب على غزة، منذ 7 أكتوبر 2023، رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بوقف القتال فوراً، وطلب محكمة العدل الدولية تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني في القطاع.