من الصواريخ للغواصة المسيرة.. تصعيد حوثي متزايد والهدف اقتصاد “إسرائيل”
– بدأت عمليات الحوثيين ضد “إسرائيل” ومصالحها البحرية في 31 أكتوبر 2023
– نفذت الجماعة مئات الهجمات استخدمت خلالها أكثر من 1000 صاروخ وطائرة مسيّرة وزورق مسيّر
– نفذت الحوثي مؤخراً مناورات بالبحر الأحمر بهدف الاستعداد لأي هجوم بري محتمل
بعد أيام قليلة من اندلاع شرارة “طوفان الأقصى”، وتحديداً في الـ19 من أكتوبر 2023، اعترضت سفينة حربية أمريكية صواريخ قالت حينها إنها أُطلقت من اليمن باتجاه “إسرائيل”، لتكون بذلك بداية المشاركة الفعلية من قبل الجماعة في إسناد غزة.
ومنذ ذلك الحين طوّرت الجماعة اليمنية، المتحالفة مع إيران في عملياتها، وانتقلت إلى مرحلة العمليات البحرية ضد السفن الإسرائيلية، المارّة في خط الملاحة عبر البحر الأحمر وخليج عدن.
وبعد مرور عام على أولى العمليات، نفذت الجماعة في ساحل اليمن الغربي، وعلى مقربة من القطع البحرية الأمريكية والغربية، مناورات واسعة شملت محاكاة للتصدي لعمليات غزو محتملة، فما رسائل تلك المناورات، وكيف أثرت عمليات الجماعة على “إسرائيل”؟
انخراط مبكر
منذ الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على غزة انخرطت جماعة الحوثي، التي تعتبر نفسها عضواً في محور المقاومة، في الحرب ضد “إسرائيل” من خلال إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاه الأراضي المحتلة.
وأول حديث عن مشاركة الحوثيين في الحرب، كان في الـ19 من أكتوبر 2023، حينما اعترضت سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية قرابة 3 صواريخ أُطلقت من جهة اليمن، باتجاه شمال البحر الأحمر.
حينها لم تكن تقديرات الجيش الأمريكي دقيقة حول هدف تلك الصواريخ، وما إذا كانت تستهدف “إسرائيل” أو السفينة “يو إس إس كارني” التابعة للبحرية الأميركية والتي كانت ترابط في البحر الأحمر.
إلا أن أول إعلان رسمي بانخراط الجماعة في الحرب، جاء على لسان المتحدث العسكري يحيى سريع، في 31 أكتوبر 2023، الذي أعلن حينها إطلاق مجموعة كبيرة من الصواريخ الباليستية والمجنحة، والطائرات المسيرة على أهداف لجيش الاحتلال في الأراضي المحتلة.
هجمات بحرية
في 19 نوفمبر 2023، نفذت جماعة الحوثي عملية بحرية نوعية، كانت كفيلة بلفت نظر العالم إلى الجماعة وقدرتها على إحداث تأثير، تلك العملية تمثلت في السيطرة على السفينة “غالاكسي ليدر” المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، واقتيادها إلى سواحل اليمن.
وبعدها توالت هجمات الجماعة على السفن الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، ووفق إحصائية جديدة للجماعة فقد استهدفت أكثر من 188 سفينة منذ بداية العمليات.
وفي 18 فبراير 2024، استهدف “الحوثيون” بصواريخ مضادة للسفن سفينة شحن بريطانية تُدعى “روبيمار”، ما تسبب بأضرار كبيرة فيها، وبعد أيام من محاولة إنقاذ السفينة، وتحديداً في 1 مارس 2024، غرقت بحمولتها، لتمثل واحدة من أخطر هجمات الحوثي.
وفي مارس أيضاً، قتل ثلاثة بحارة وأصيب آخرون جراء استهداف الحوثيين لناقلة بضائع في خليج عدن، وهذا هو الهجوم المميت الوحيد الذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف البحارة جراء هجوم نفذه الحوثيون.
ومن الهجمات البحرية الخطيرة للجماعة استهداف سفينة يونانية مخصصة لنقل الوقود تُدعى “سونيون”، في 23 أغسطس 2024، وهو الهجوم الذي تسبب بوقوع حريق ضخم على متن السفينة، وآخر تلك الهجمات كان يوم 28 أكتوبر، حيث هاجمت الجماعة ثلاث سفن في البحر الأحمر والبحر العربي بالصواريخ والمسيرات.
أضرار في “إسرائيل”
بحسب بيانات الجماعة فقد استخدمت أكثر من 1000 صاروخ وطائرة مسيرة وزورق انتحاري في هجماتها على “إسرائيل” أو على السفن المرتبطة بها.
بالنسبة للهجمات العابرة على “إسرائيل”، كان أخطرها استهداف مدينة تل أبيب بطائرة مسيرة، في 19 يوليو 2024، وهو الهجوم الذي أدى إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.
ومن الهجمات الخطيرة التي نفذتها الجماعة إطلاق صاروخ فرط صوتي على تل أبيب، في 15 سبتمبر 2024، وهو الصاروخ الذي نجح في الوصول إلى هدفه متجاوزاً منظومات الدفاع الجوية، وهو الأمر الذي يمثل فشلاً ذريعاً لمنظومة الدفاع الإسرائيلية.
وعلى الصعيد الاقتصادي كانت ضربات الحوثي مؤثرة كثيراً، إذ تسببت بتوقف الحياة الاقتصادية كلياً في مدينة إيلات الاستراتيجية جنوبي “إسرائيل”، كما فرضت تعقيدات وتأثيرات سلبية على سلاسل التوريد العالمية، فضلاً عن تقييد وصول السفن والناقلات إلى “إسرائيل”.
ورداً على تلك الهجمات شكّلت الولايات المتحدة ما عُرف بتحالف “حارس الازدهار” للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، في 19 ديسمبر 2023، كما أطلق الاتحاد الأوروبي مهمة “أسبيدس” لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، في فبراير 2024.
وفي 11 يناير 2024، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بشن ضربات عسكرية ضد الحوثيين في اليمن، كما نفذت إسرائيل في 20 يوليو 2024، أول هجوم من نوعه على الحديدة، استهدف الميناء ومنشآت حيوية أخرى، ثم كررت الضربة أواخر سبتمبر 2024.
مناورات عسكرية
وبعد مرور عام على تلك العمليات نفذت جماعة الحوثي سلسلة مناورات في الساحل الغربي لليمن، على مقربة من السفن الأمريكية والغربية المرابطة في البحر الأحمر.
مناورات قالت الجماعة إنها تُحاكي التصدي لأربع موجات هجومية افتراضية على الأراضي اليمنية، وفي تلك المناورات استخدمت الجماعة أسلحة نوعية في تضاريس مختلفة، بحرية وبرية وجبلية وصحراوية أيضاً.
ويرى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء ركن محمد الصمادي، أن تلك المناورات التي تضمنت كشفاً عن أول غواصة مسيرة، تظهر إصرار الحوثيين على إسناد جبهتي غزة ولبنان.
وأضاف اللواء الصمادي في تصريح لـ”الخليج أونلاين” أن هذه المناورات “تبرز قدرات تدريبية عالية، ومستوى قتالياً احترافياً، وإعلاناً لإمكانيات جديدة”.
رسائل المناورات
ويرى الصمادي أن تلك المناورات تحمل رسائل للولايات المتحدة و”إسرائيل”، مفادها أن جماعة الحوثي مستمرة باستهداف السفن البحرية الداعمة لـ”إسرائيل”.
واستطرد قائلاً: “هذه المناورات العسكرية التكتيكية في الساحل الغربي في الحديدة جاءت بعد توفر معلومات استخبارية لدى الجانب اليمني حول نية الجانب الأمريكي تنفيذ عملية إضرار بحري وإنزال قوات في ميناء الحديدة”.
وأضاف اللواء الصمادي مستعرضاً أبرز الرسائل ودلالات هذه المناورات:
- الكشف عن الطوربيد البحري أو الغواصة واستخدام ذخيرة حية والتدريب على القتال من مسافة صفر يشكل تحدياً للولايات المتحدة و”إسرائيل”، فالمناورة تحاكي إجراءات التصعيد لهجوم واسع على الأراضي اليمنية.
- اللافت في عملية التطوير والتصنيع للطوربيد البحري أنه من المحتمل أن يكون الحوثيون قاموا باستنساخ للغواصة الأمريكية ريموس 600 التي استولوا عليها عام 2018، بينما كانت تقوم بأعمال التجسس في البحر الأحمر.
- وجود هذه الغواصة الانتحارية سيضيف بعداً جديداً للحوثيين في عملية الاستمرار بالمواجهة، بما أن الإمكانات التكنولوجية والقدرة على التطوير متوفرة، ومنها الصواريخ الباليتسية والصواريخ الفرط صوتية، والطائرات المسيرة والانتحارية، إضافة إلى الزوارق البحرية الانتحارية.
- خلال الفترة الماضية أسقط الحوثيون 11 طائرة مسيرة من طراز إم كيو 9، وباعتقادي أنهم استفادوا من مخلفاتها بأعمال التطوير لمسيراتهم.
تأثير ملموس
ويرى الصمادي أن عمليات الحوثيين ضد “إسرائيل” أحدثت أثراً ملموساً، مشيراً إلى أن ميناء إيلات أعلن قبل أشهر إفلاسه، مؤكداً أن هناك تأثيراً حقيقياً اقتصادياً في المجال التجاري والسياحي.
وأضاف اللواء الصمادي أن “استمرار العمليات البحرية التي استهدفت قرابة 200 سفينة، وإطلاق المسيرات والصواريخ على إيلات، بلا شك تؤدي إلى إحداث خسائر وعمليات إزعاج وإرباك لقوات الاحتلال”.
وتابع أن “جماعة الحوثي تمضي قدماً في هذه العمليات متحملة كافة المخاطر، والخسائر التي تتعرض لها من قبل الجانب الأمريكي والإسرائيلي”.
وذكر أن الجماعة “قادرة على الاستمرار بالتصدي للقطع البحرية، ويمكن أن تغلق مضيق باب المندب من خلال وضع بعض من الألغام البحرية في هذه المنطقة”.