الاخبار

“مركبات جدعون”.. توسيع إسرائيلي للإبادة بغزة ومخاوف من تهجير قسري

كثف الاحتلال من غاراته الجوية العنيفة على مناطق متعددة في قطاع غزة مستهدفاً المباني السكنية والمرافق الصحية

في الوقت الذي تواصل فيه كل من قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية جهودها المكثفة للوساطة بهدف التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن بدء المراحل الأولى من هجوم واسع النطاق على القطاع، أطلق عليه اسم عملية “مركبات جدعون”، في تصعيد خطير يعكس إصرار حكومة الاحتلال على المضي قدمًا في الخيار العسكري، متجاهلة التحركات الدبلوماسية الجارية.

وجاء هذا الإعلان بعد زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة، وهي زيارة لم تفضِ إلى أي نتائج ملموسة بشأن التهدئة، في ظل تعنت واضح من قبل رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يصر على الاستمرار في العدوان تحت مبررات وذرائع متعددة.

وقبيل إعلان العملية رسمياً، كثف الاحتلال من غاراته الجوية العنيفة على مناطق متعددة في قطاع غزة، مستهدفاً المباني السكنية والمرافق الصحية، حيث تعرضت عدة مستشفيات للقصف المباشر وأُخرجت عن الخدمة بالكامل.

 كما أصدر الاحتلال أوامر نزوح قسرية جديدة طالت مئات الآلاف من السكان، في محاولة واضحة لتفريغ مناطق بعينها تمهيداً لاجتياحها برياً.

وقال جيش الاحتلال، في بيان الجمعة 16 مايو الجاري، إنه “خلال اليوم الماضي، نفذت قواتنا هجمات جوية مكثفة، وحشدت عناصرها للسيطرة على مواقع استراتيجية داخل قطاع غزة، ضمن الخطوات التمهيدية لعملية (مركبات جدعون)، بهدف توسيع الحملة وتحقيق كافة أهداف الحرب، بما يشمل إطلاق سراح الرهائن وهزيمة تنظيم حماس”.

وأضاف البيان: “ستواصل القوات العاملة في القيادة الجنوبية عملياتها المكثفة لحماية المواطنين الإسرائيليين، وتحقيق أهداف الحرب التي وضعت مسبقًا”.

التهجير القسري

ومن الأهداف المعلنة للعملية تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة قسراً نحو أقصى الجنوب، بين محوري “موراج” و”فلادلفيا”، تمهيدًا لمحاولة تهجيرهم إلى خارج القطاع، وفق تصريحات سابقة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.

 وقد أكد نتنياهو ذلك ضمنياً في خطاباته، مشيراً إلى استراتيجية تقوم على السيطرة الميدانية والتضييق الجغرافي على الفلسطينيين.

وفي هذا السياق، كشفت قناة “NBC News” الأمريكية عن تفاصيل صادمة، مفادها أن إدارة الرئيس ترامب تدرس بالتعاون مع (إسرائيل) إمكانية نقل ما يقرب من مليون فلسطيني إلى ليبيا بشكل دائم، وذلك ضمن خطة إعادة توطين مقابل الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الليبية المجمدة في الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد.

 وذكرت القناة أن الخطة جرى مناقشتها مع أطراف ليبية، وهي لا تزال على طاولة البحث رغم خطورتها الإنسانية والسياسية.

تصعيد تدريجي

الخبير العسكري اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي أكد أن جيش الاحتلال بدأ فعلياً تنفيذ عملية “مركبات جدعون” منذ أيام، حتى قبل الإعلان الرسمي عنها، مشيراً إلى أن هذا التأجيل الإعلامي جاء لأسباب سياسية، أهمها تجنب إحراج الشركاء الدوليين، وعدم التأثير سلباً على مسار المفاوضات التي ترعاها قطر.

ويتوقع الشرقاوي في تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين” أن تشهد الأيام القادمة تصعيداً عسكرياً متسارعاً، من خلال زيادة كثافة القصف الجوي والمدفعي عبر بطاريات المدفعية المتمركزة على حدود غزة، بالإضافة إلى دعم ناري من القطع البحرية المنتشرة في عرض البحر، تمهيدًا لتنفيذ هجوم بري واسع النطاق.

وخلال الاجتياح البري المتوقع، يرى الشرقاوي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيحاول السيطرة على مساحات أوسع من أراضي القطاع، مع تفريغ هذه المناطق من السكان قسراً لتجنب الالتزامات القانونية أو الإنسانية تجاههم، متوقعاً أن يترافق هذا التقدم الميداني مع مزيد من التدمير المنهجي للبنية التحتية، والمنشآت المدنية، والمنازل، وحتى الأراضي الزراعية وآبار المياه، بهدف إضعاف قدرة السكان على الصمود.

البعد الديني

ويحمل اسم العملية “مركبات جدعون” دلالات دينية عميقة، فجدعون، بحسب الرواية التوراتية، هو أحد “قضاة بني إسرائيل” الذي انتصر على أعدائه بعدد قليل من المحاربين المختارين.

ويؤكد الشرقاوي أن جيش الاحتلال يسعى، من خلال هذه التسمية، إلى تقديم نفسه كقوة تنفذ “مهمة مقدسة”، وأنه يعتمد على “نخبة مختارة” تشبه النخبة التي اختارها جدعون في العهد القديم، في رسالة واضحة موجهة إلى جمهوره الداخلي، وأيضاً إلى خصومه.

ويضيف: “هذه العملية ليست مجرد حملة عسكرية، بل تمثل جولة جديدة في صراع طويل، تتداخل فيه الأبعاد الدينية، والسياسية، والرمزية، ولذلك، على الفلسطينيين والعرب أن يدركوا خطورة هذا المنحى، وأن يتعاملوا مع المعركة على أنها معركة سرديات بقدر ما هي معركة ميدانية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى