مخاوف إسرائيلية.. هل ستتأثر وساطة مصر في غزة بعد تغيير عباس كامل؟
لعب كامل باعتباره رئيس المخابرات العامة المصرية دوراً محورياً في العديد من الملفات المحورية بالنسبة لمصر والمنطقة
تردد اسم كامل في ملف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية وحرب غزة وتبادل الرهائن بين “إسرائيل وحماس”
في قرار مفاجئ، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (16 أكتوبر 2024)، قراراً بتعيين اللواء حسن رشاد رئيساً للمخابرات العامة المصرية خلفاً لعباس كامل، الذي تصفه دوائر إعلامية قريبة من النظام بأنه “الرجل الثاني في الدولة”.
ولعب كامل باعتباره رئيس المخابرات العامة المصرية دوراً مهماً في العديد من الملفات المحورية بالنسبة لمصر والمنطقة، وقام بعدة جولات في الشهور الأخيرة، كما تردد اسمه في ملف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية وحرب غزة وتبادل الأسرى بين “إسرائيل” و”حماس”.
وبينما يقول الإعلام العبري إن “إسرائيل” تخشى من أن قرار السيسي بتغيير رئيس مخابراته سيؤخر صفقة الأسرى، تطرح تساؤلات ما الذي قد ينتج عنه هذا التغيير، وهل سيكون له دور في الإسراع بإنجاز الصفقة خصوصاً بعد إعلان الاحتلال اغتيال رئيس “حماس” يحيى السنوار.
تغيير مفاجئ
انتهت حقبة اللواء كامل بعد نحو 6 سنوات من توليه منصب رئيس جهاز المخابرات، كما أصدر السيسي قراراً قضى بتعيينه في منصب مستشار لرئيس الجمهورية، كمنسق عام للأجهزة الأمنية، ومبعوث خاص لرئيس الجمهورية.
ونظراً لقربه الشديد من الرئيس المصري، كان كامل يوصف بأنه “ظل الرئيس” و”كاتم أسراره”، وظهر في معظم لقاءات وجولات السيسي حتى الاجتماعات السياسية والأمنية والاقتصادية والخارجية.
وأدى كامل اليمين الدستورية أمام السيسي كرئيس لجهاز المخابرات العامة المصرية في يونيو 2018، حيث كان قد تم تكليفه بتسيير أعمال الجهاز منذ يناير من العام نفسه، خلفاً للواء خالد فوزي.
وكان كامل قد لازم الرئيس المصري أثناء فترة عمله في المخابرات الحربية، حيث شغل منصب مدير مكتبه بعد تدرجه في العديد من الوظائف وحتى تولي السيسي منصب وزارة الدفاع ثم رئاسة الجمهورية.
قرار وصف بـ”الزلزال”
“زلزال في المخابرات المصرية”؛ هكذا بدأت معظم المواقع الإخبارية في “إسرائيل” تقاريرها حول التغيير الجذري الذي قام به السيسي في جهاز المخابرات العامة المصرية.
وقال موقع “news1” الإخباري العبري، إن اللواء كامل عمل كوسيط رئيسي بين “إسرائيل” و”حماس” في المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى ورحيله قد يؤدي إلى تغيير في النهج المصري تجاه الصراع والمفاوضات.
ولفت الموقع العبري إلى أن اللواء كامل خلال فترة ولايته، كان يعتبر شخصية رئيسية في المفاوضات من أجل إطلاق سراح الجنود والمدنيين الإسرائيليين الذين أسرتهم “حماس”، وقاد الوساطة في المفاوضات التي أجرتها مصر بين الطرفين، مع الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع كل من طرفي الحرب، كما شارك في الترتيبات التي تمت مناقشتها بعد عملية “حارس الجدران” (2021)، وحاول تعزيز تبادل الأسرى والجهود المبذولة لإعادة التأهيل الإنساني في غزة.
وفي السياق نفسه قالت صحيفة “يسرائيل هيوم”، إن التغيرات في المخابرات العامة المصرية قد تؤثر على جهود الوساطة.
وأشارت الصحيفة العبرية إلى أن كامل منذ عام، كان كجزء من دوره كرئيس للمخابرات المصرية، أحد العوامل الرئيسية في التوسط بين “إسرائيل” و”حماس” بشأن وقف إطلاق النار واتفاق لإطلاق سراح الأسرى.
وكان موقع “واينت” العبري التابع لصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية قد أفاد بأن “ثمة قلقاً في إسرائيل جراء استبدال رئيس المخابرات المصرية عباس كامل بشخصية غير معروفة مسبقاً لدى تل أبيب”، مضيفاً: “استبدال رئيس المخابرات المصرية سيزيد من تأخير صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس”.
فيما قال الصحفيان الإسرائيليان في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، إيتمار إيخنر ويائيل تشيشنوفر، إن “إسرائيل” تخشى من أن قرار رئيس السيسي سيؤخر صفقة الأسرى.
ووفق الصحيفة، يعتبر عباس كامل شخصية “معروفة جداً ومحترمة في إسرائيل، وله علاقات مع جميع القيادات الأمنية الإسرائيلية والأمريكية”.
عودة للمفاوضات
وبعد أيام من تعيين شخصية جديدة للمخابرات المصرية، نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي عن مصادر إسرائيلية قولها (22 أكتوبر)، أن مصر اقترحت صفقة مصغّرة لتبادل الأسرى بين “حماس” و”إسرائيل”، مع وقف محدود لإطلاق النار في قطاع غزة.
وأوضح الموقع أن مدير جهاز المخابرات العامة المصرية الجديد حسن محمود رشاد، قدّم لرئيس جهاز “الشاباك” الإسرائيلي رونين بار فكرة لصفقة “مصغّرة”.
وأشار المسؤولان الإسرائيليان للموقع إلى أن المقترح المصري قد يمهّد الطريق لمفاوضات حول اتفاق أوسع، علماً بأن رئيس “الشاباك” زار القاهرة، يوم الأحد (20 أكتوبر)، والتقى باللواء رشاد لبحث الوضع في غزة.
وقال “أكسيوس” إن الجانب المصري اقترح “صفقة صغيرة” تتضمن إطلاق سراح عدد محدود من الأسرى المحتجزين لدى “حماس”، مقابل أيام قليلة من وقف إطلاق النار في غزة، على أن تتبع ذلك مفاوضات متجددة حول اتفاق أشمل.
وبحسب الموقع، فإن وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت أيّد المقترح المصري، بينما عارضه الوزيران القوميان المتطرفان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
لا تأثير
يؤكد الخبير العسكري والاستراتيجي نضال أبو زيد، أن تعيين رشاد مديراً للمخابرات المصرية “لن يؤثر على مسار المفاوضات بين المقاومة في غزة والاحتلال”.
ويرجع سبب اعتقاده بذلك إلى أن كامل “تم تعيينه بالأساس منسق عام للأجهزة الأمنية المصرية، وهو ما يعني الاستمرار بالمسار التفاوضي بنفس الأسلوب السابق”.
ويشير أبو زيد لـ”الخليج أونلاين”، إلى أن رئيس جهاز الشاباك التقى برئيس جهاز المخابرات المصرية الجديد وبحث معه ملف المفاوضات وملف محور فيلادلفيا الذي تتفاوض به مصر بشكل مستقل عن مفاوضات غزة.
وأضاف: “ذلك يشير إلى أن الثوابت الرئيسية في التفاوض لن تتغير، ويبدو أن رئيس جهاز الشاباك التقى مدير المخابرات المصرية الجديد لاستمزاج الآراء والاطلاع على رأي الجانب المصري حول المسار التفاوضي”.
ويلفت إلى أن رشاد “جاء من داخل أروقة جهاز المخابرات المصرية وليس من خارجها، وهو مطلع على تفاصيل الدبلوماسية المصرية خاصة في ملف المفاوضات”، مضيفاً: “لذلك من غير المتوقع أن نشهد تغير في المسار التفاوضي سواء حول غزة او محور فيلادلفيا”.
توترات وخلافات
ظهر اسم كامل في الصحف الغربية جاء حينما كشفت مصادر مطلعة على المفاوضات في الدوحة لصحيفة “وول ستريت جورنال” أن الأجواء كانت شديدة التوتر في يوليو 2024.
وأوضحت أنه “عندما طرح فريق التفاوض الإسرائيلي مطالب رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، الجديدة لتأمين الممرات الاستراتيجية في غزة، فقد رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، أعصابه، وانفجر غاضباً”، كما قال حينها لفريقه إن “نتنياهو يضيع وقته”.
وفي أغسطس الماضي، ذكرت مصادر إسرائيلية أن رئيس “الشاباك” التقى كامل في القاهرة لإجراء محادثات تناولت، من بين أمور أخرى، الجمود في المفاوضات بشأن صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وفق قناة “الحرة”.
ولا تزال قطر، إلى جانب كل مصر والولايات المتحدة، تقوم بوساطة لوقف حرب غزة التي أدت إلى استشهاد أكثر من 40 ألف شخص، لكن جهود الوساطة لا تزال تصل إلى طريق مسدود، وسط تبادل التهم بالمسؤولية عن ذلك بين حكومة نتنياهو و”حماس”، وسط مخاوف من تعقيد الأزمة بعد اغتيال رئيس الحركة يحيى السنوار.
يذكر أن كامل كان يقود الملف الأمني في غزة، وسبق أن التقى عدداً من قادة “حماس” وفي مقدمتهم السنوار خلال زيارته إلى القطاع في مايو 2021، وبحث معهم تثبيت وقف إطلاق النار مع “إسرائيل”، وذلك غداة مشاورات مماثلة أجراها مع المسؤولين في رام الله “وتل أبيب”.