ما فوائد الإمارات من التعاون مع شركات التكنولوجيا الأمريكية؟
في أواخر سبتمبر 2024 وقعت الإمارات والولايات المتحدة إطاراً للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي بين البلدين.
تتوسع الإمارات بشكل لافت مؤخراً في الاستثمار بمجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة الأمريكية، لكونها مقراً لأهم وأكبر الشركات العاملة في هذا القطاع.
وتهدف أبوظبي من هذه الاستثمارات في الاستفادة من خبرة تلك الشركات، لتحقيق الريادة التقنية في منطقة الشرق الأوسط.
وخلال السنوات الفترة الماضية، أبرمت الإمارات اتفاقيات مع الجانب الأمريكي، أبرزها كان التوقيع على إطاراً للتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي أواخر سبتمبر الماضي بحضور الرئيسان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وجو بايدن.
استثمار ضخم
وقبيل أيام من تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة أعلن دونالد ترامب (7 يناير 2025) عن صفقة ستقوم بموجبها شركة “داماك” الإماراتية باستثمار 20 مليار دولار على الأقل، لتطوير مراكز البيانات الأمريكية.
ترامب وعد بتسريع إصدار التراخيص لكي تبدأ الشركة الإماراتية في العمل، بعدة ولايات أبرزها تكساس، أوهايو، ميشيغان، أوكلاهوما، أريزونا، لويزيانا، إلينوي، وإنديانا.
وتسعى “داماك” من هذا الاستثمار للاستفادة من سوق البيانات الضخم في الولايات المتحدة، والتي تعتبر مركزاً رئيسياً للابتكار التكنولوجي، ومعقلاً للذكاء الاصطناعي، بحسب وكالة “بلومبيرغ”.
وتحتضن الولايات المتحدة أهم شركات التقنية في العالم، مثل “إنفيديا” و”ميتا” و”آبل” و”أمازون”، و”مايكروسوفت”، و”جوجل”، وهذا يعني احتياجاً كبيراً لمراكز البيانات.
ترسيخ التعاون
ولا تتوقف اللقاءات والزيارات للمسؤولين الإماراتيين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لبحث التعاون في قطاع التكنلوجيا، ويوم 9 يناير الجاري، بحث وزير الدولة للتجارة الخارجية بدولة الإمارات ثاني الزيودي، في لاس فيغاس، التعاون والشراكة طويلة الأمد في المجال التكنلوجيا، مع عدد من كبار المسؤولين وقادة الأعمال هناك.
وكالة الأنباء الإماراتية، قالت إن تلك اللقاءات التي جاءت على هامش معرض CES 2025 العالمي، “تهدف لترسيخ مكانة الإمارات، كمنصة عالمية للابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة”.
النقاشات تركزت على “سبل تعزيز الشراكات التكنولوجية بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، واستكشاف فرص التعاون”، وكذا إمكانية استثمار الشركات الأمريكية في هذا القطاع، بدولة الإمارات.
الوزير الزيودي قال، إن بلاده “تهدف إلى دعم الابتكار وتوفير المزيد من فرص العمل وتسريع تبني الجيل التالي من التكنولوجيا، حيث تتيح منظومة التكنولوجيا في دولة الإمارات، المدعومة بمبادرات منها الجيل التالي من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، فرصاً لا تضاهى للشركات الأمريكية التي تتطلع إلى الارتقاء بعملياتها والوصول إلى الأسواق عالية النمو”.
وأكد على أن الدولتان “الولايات المتحدة والإمارات”، يمكنهما معاً، “تحقيق الازدهار المشترك وبناء مستقبل زاخر بالابتكار والتعاون”.
إطار للتعاون
وتأكيداً لرغبة الإمارات في الاستفادة القصوى من الريادة الأمريكية في قطاع التكنولوجيا، وقع البلدان إطار تعاون في مجال الذكاء الاصطناعي، أواخر سبتمبر 2024، بحضور الرئيسان محمد بن زايد وجو بايدن.
ويؤكد الإطار على رغبة البلدين في تعميق التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات ذات الصلة، والالتزام المشترك بتطوير مذكرة تفاهم مشتركة.
الجانبان أكدا كذلك حينها عزمهما على التعاون في العديد من المجالات أهمها “تعزيز الذكاء الاصطناعي الآمن والموثوق ودعم البحث والتطوير الأخلاقيين له، وبناء أطر تنظيمية لتعزيز الابتكار، وتعميق التعاون في مجال الأمن السيبراني”.
كما أجرى نائب حاكم أبوظبي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان عقب توقيع الاتفاقية، رئيس مجموعة “جي 42” الإماراتية للذكاء الاصطناعي، سلسلة لقاءات مع عمالقة التقنية في الولايات المتحدة، أمثال أيلون ماسك، وجيف بيزوس، ركزت جميعها على التعاون في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
الإمارات والتكنولوجيا
وكانت مجلة “تايم” الأمريكية أعلنت وضعت الشيخ طحنون بن زايد ضمن قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة عالمياً في تشكيل مستقبل تقنية الذكاء الاصطناعي في سبتمبر الماضي.
“التايم” أشارت إلى دور الشيخ طحنون بن زايد في إطلاق المبادرات التي تسهم في تحويل دولة الإمارات إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي، حيث يقود واحدة من أكبر الشركات المتخصصة في تطوير الذكاء الاصطناعي هي “G42″، التي برزت كعملاق تقني في الشرق الأوسط، كما تقوم بشراكات مهمة عالمياً.
وبحسب كيريل إفتيموف مدير التكنولوجيا بمجموعة “G42″، إن الإمارات تقف في طليعة التطورات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية.
ولفت إفتيموف في تصريحات لوكالة الأنباء الإماراتية “وام” (28 سبتمبر 2024) إلى أن “الدور الإستراتيجي للإمارات ترسخ من خلال استثمار مايكروسوفت بقيمة 1.5 مليار دولار في G42، ما يسلط الضوء على قدرتها على دفع عجلة تطوير الذكاء الاصطناعي، وتبنيه في قطاعات حيوية مثل الرعاية الصحية والتعليم والطاقة، ما يجعل أبوظبي مركزاً عالمياً للابتكار والتعاون في مجال الذكاء الاصطناعي”.
وفي سبتمبر الماضي، توقعت شركة “ماغناتي” التابعة لبنك أبوظبي، أن يبلغ حجم سوق الذكاء الاصطناعي في الإمارات 5.22 مليار دولار في 2024،، فيما تشير التوقعات مؤسسة “موردر إنتيليجانس” للأبحاث إلى أنه بحلول 2029 سيصل لنحو 77 مليار دولار.
وحتى نهاية الربع الثاني من 2024، سجلت غرفة تجارة وصناعة أبوظبي ما يزيد على 400 شركة في قطاع الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، فيما حلّت في المركز الـ5 عالمياً بمؤشر الذكاء الاصطناعي 2024 التابع لجامعة “ستانفورد” الأمريكية المرموقة.