الاخبار

قطر وتركيا.. علاقات تاريخية وتقارب سياسي واقتصادي متصاعد

خلال عقد من الزمن، ما بين 2014 والعام الجاري، عقد زعيما البلدين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس رجب طيب أردوغان، 34 اجتماعاً

تطورت العلاقات القطرية التركية، خلال العقدين الأخيرين، بشكل متنامٍ في شتى المجالات؛ الاقتصادية والسياسية والعسكرية، خاصة منذ تولي “حزب العدالة والتنمية” إدارة تركيا في العام 2002، لكنها توسعت وأصبحت ذات علاقات كبيرة منذ العام 2014.

واستضافت أنقرة، منتصف نوفمبر 2024، الاجتماع العاشر للجنة الاستراتيجية العليا التركية القطرية، في ظل تطور كبير تشهده علاقات البلدين، تحوّلت إلى تعاون متواصل على مختلف الصعد، ووسط تطورات كبيرة في المنطقة.

لذلك فإن علاقات البلدين تتميز بتقارب فريد في وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وتناغم الرؤى السياسية إزاء كثير من الملفات، حيث يتشارك البلدان توجهات سياسية واحدة تعتمد الحوار والدبلوماسية وتفعيل جهود الوساطة أساسا للأمن والاستقرار والسلام وحل النزاعات الدولية والإقليمية.

قمة جديدة

خلال عقد من الزمن ما بين 2014 والعام الجاري 2024، عقد زعيما البلدين الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس رجب طيب أردوغان، 34 اجتماعاً بينهما كان آخره في الـ14 من نوفمبر الجاري.

وترأس أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاجتماع العاشر للجنة التركية القطرية الاستراتيجية العليا، ووقع البلدان 8 اتفاقيات.

في القمة الأخيرة، أشاد الرئيس التركي بحرص أمير قطر “على تعزيز علاقات التعاون الاستراتيجي الذي يجمع البلدين، وتوطيدها في كافة المجالات”، منوهاً بجهود قطر وأميرها ومساعيها الدبلوماسية والإنسانية الإقليمية والدولية.

فيما أشاد أمير دولة قطر بمستوى الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي قال: إنها “تتعزز على مدار الأعوام في إطار اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة”، وفق الديوان الأميري. كما أكد حرص دولة قطر الدائم على “اكتشاف آفاقٍ للتعاون وتعميقها بما يلبي تطلعات البلدين، ويحقق ما يصبوان إليه من تقدم ورقي وازدهار”.

وبحسب الديوان الأميري، جرى خلال الاجتماع بحث العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات، واستعراض الشراكة الثنائية بينهما في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والصناعة، وغيرها من القطاعات الحيوية، إضافة إلى تبادل الآراء حول أبرز التطورات الدولية والإقليمية، ولا سيما الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان.

وقت بالغ الحساسية

لعل توقيت الاجتماع العاشر للجنة يشكل أهمية خاصة هذا العام في ظل التحديات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة، ومن بينها العدوان الإجرامي المستمر على قطاع غزة ولبنان.

ويؤكد محللون سياسيون أن الاجتماع الأخير للجنة الاستراتيجية العليا القطرية التركية برئاسة قيادتها، يأتي تأكيداً لحرص البلدين على مواصلة تعزيز علاقاتهما الوطيدة في جميع المجالات.

ويقول الباحث في العلاقات الدولية طه عودة اوغلو، إن ما يلفت أهمية الزيارة التي قام بها أمير قطر، من خلال التجهيزات المسبقة؛ بداية من وصول وفد إعلامي قطري كبير منذ أسبوع إلى أنقرة وإسطنبول، ولقاء مسؤولين في الرئاسة التركية ونواب وإعلاميين ورجال أعمال لتسليط الضوء على فعاليات زيارة أمير قطر إلى تركيا، وأهميتها بالنسبة للجانبين.

وإلى جانب ذلك يؤكد أن الزيارة تأتي “في وقت بالغ الحساسية، إذ جاءت بعد فوز الرئيس الأمريكي المنتخب ترامب بولاية جديدة، وفي ظل التطورات الخطيرة التي يشهدها قطاع غزة من حرب إبادة”.

وأضاف في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن الزيارة تأتي في وقتٍ تمر المنطقة بـ”تحديات إقليمية صعبة تدفع كلا البلدين نحو تنسيق أكبر لسياساتهما لمواجهة هذه التحديات”.

أما الملف الاقتصادي من وجهة نظر أوغلو فكان ضمن المسارات الأساسية في التعاون بين البلدين، وشهد تطوراً لافتاً خلال السنوات الخمس الماضية، حيث “كان حاضراً بقوة من خلال الزيارة بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والصناعة وغيرها من القطاعات الحيوية”.

شريك رئيسي

بدوره يقول المحلل السياسي التركي فراس رضوان اوغلو حول الزيارة: “بكل تأكيد اللقاء هو تكملة للخطط الاستراتيجية والاتفاقيات السابقة والتعاون المنبثق بين الطرفين، ولذلك هو استكمال لاستراتيجية كاملة واضحة بشكل كبير بين قطر وتركيا”.

وأشار في حديث لـ”الخليج أونلاين” إلى أن الشريكين مهمين “ولربما قطر شريك رئيسي وحقيقي لتركيا، وبشكل كبير جداً في كثير من الأمور، وهذا ما تحتاجه تركيا”.

وحول أهمية الشراكة قال رضوان أوغلو: “هناك شراكة قوية جداً بين قطر وتركيا، تعتبر ربما من أقوى الشراكات، تأتي بعدها أذربيجان، على كل الأحوال هناك خطط وهناك مشاكل استراتيجية في الإقليم، تحتاج إلى التنسيق بين الطرفين”.

ولفت إلى أن الطرفين “يدعمان حماس، والقضية الفلسطينية، والضفة، ولبنان ضد إسرائيل، وهذا يحتاج إلى تنسيق كامل بينهما”.

في الجانب الاقتصادي أشار المحلل التركي إلى أن “القضايا الاقتصادية بين الطرفين مهمة، ووضع الخطط والمشي عليها والاستمرار فيها مهم أيضاً، لكن الاستمرارية هي الأهم في هذا الأمر، وهذا ما يحدث فعلياً”.

وتطرق إلى أن توقيت الزيارة جاء بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، “والتنسيق مهم بين الطرفين حول المتوقع من سياسة دونالد ترامب، وفيما إذا كان سيكرر ما فعله خلال ولايته السابقة بشأن القدس والأراضي السورية والفلسطينية وغيرها”.

زيارة سابقة وتطورات

وكانت العاصمة التركية أنقرة على موعدٍ مع مباحثات هامة وبارزة جمعت زعيمي البلدين، في أغسطس الماضي 2024، والتي جاءت عقب اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية في طهران، وتهديد إيران ووكلائها حينها بالرد، والتصعيد بين تركيا و”إسرائيل” مؤخراً.

وتعتبر الدوحة وأنقرة من بين العواصم التي ربما تتأثر من تداعيات أي حرب واسعة في المنطقة، وذلك في الوقت الذي تبذل قطر جهوداً دبلوماسية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.

ويومها أكد أمير قطر، عقب اختتام زيارته إلى أنقرة، أن اللقاء يأتي ضمن تنسيق جهود البلدين بشأن التطورات في المنطقة وتحدياتها المتزايدة، ولا سيما مساعيهما لخفض التصعيد والتوصل إلى حل لوقف الحرب على غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.

وكان السفير التركي في قطر مصطفى كوكصو أعلن، في يوليو الماضي، تعاوناً قطرياً تركياً في العمل على خطة مشتركة للتعافي المبكر في قطاع غزة بعد الحرب، استناداً إلى تجربة تركيا السابقة في الاستجابة للأزمة الإنسانية في أعقاب الزلزال الذي ضرب جنوبي البلاد، في فبراير 2023.

اللجنة القطرية التركية

واللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة التي ترأسها أمير قطر ورئيس تركيا تأسست عام 2014، وتعقد اجتماعاتها كل عام بالتبادل بين البلدين.

وتعتبر اللجنة آلية للتشاور حول العلاقات القطرية التركية، وتمثل أحد أهم مؤشرات العلاقات المتميزة والشراكة الاستراتيجية بين الدوحة وأنقرة، وتعد الأداة القطرية التركية لبحث سبل توطيد وتطوير علاقات التعاون بين البلدين وآفاق الارتقاء بها على مختلف الصعد، خصوصاً في مجالات الاقتصاد والاستثمار والصناعة والدفاع والأمن والتنمية والاستثمار والثقافة.

ونتج عن تلك الاجتماعات إبرام أكثر من 110 اتفاقيات ومذكرات تفاهم لتطوير ودعم التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، كما يجري خلال هذه الاجتماعات استعراض مسيرة التعاون بين البلدين.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى