قانون جديد للإعلام في عُمان.. حرية ومواكبة لتطورات القطاع
متى أصدر قانون الإعلام الجديد في عُمان؟
11 نوفمبر 2024.
كم عدد المواد في القانون العماني الجديد؟
60 مادة.
يمثل الإعلام أحد أبرز أدوات التواصل والتأثير في المجتمعات، ويتطلب تطويره قوانين وتنظيمات تواكب التطورات التكنولوجية وتستجيب للتحديات الحديثة.
وفي سلطنة عمان، يشكل قانون الإعلام الجديد خطوة مهمة نحو تحديث منظومة الإعلام المحلي، إذ يسعى هذا القانون إلى تكييف القواعد القانونية بما يتناسب مع التحولات التقنية السريعة، خاصة في ظل صعود الإعلام الرقمي ومنصات التواصل الاجتماعي كوسائط رئيسية لنقل المعلومات والتأثير على الرأي العام.
قانون جديد للإعلام
أعلنت وزارة العدل والشؤون القانونية في عُمان، في 11 نوفمبر الجاري، نشر النص الكامل للمرسوم السلطاني رقم 58/2024 بشأن إصدار قانون الإعلام.
ويمكّن هذا القانون وزارة الإعلام بصلاحيات واسعة تشمل توجيه حظر النشر في موضوعات معينة ومنع الإعلانات التي تخالف ضوابط الوزارة.
ورغم تأكيده على حرية الإعلام وحرية التعبير عبر وسائله، إلا أنه يشترط أن تتماشى مع القواعد العامة والنظام الأساسي للدولة، ويحدد مفهوم الإعلام ليشمل كل أشكال النشر، سواء عبر المطبوعات، أو الوسائل السمعية والبصرية، أو الإلكترونية، بحيث تصل إلى الجمهور بشكل مباشر أو لفئات محددة.
كما يُعنى بتنظيم المهن الإعلامية عبر تراخيص خاصة، ويشترط لمزاولة الأنشطة الإعلامية الالتزام بالحيادية والموضوعية، وتجنب نشر أي محتوى يتعارض مع القيم العامة أو يهدف لتضليل الجمهور.
ويشمل القانون أيضاً تنظيم الأنشطة الإعلامية للدولة وأي جهة اعتبارية عامة، ويمنع الرقابة المسبقة على النشاط الإعلامي مع ضمان الحق في تلقي المعلومات والمعرفة.
ويستثني القانون حالات النشر المتعلقة بالتحقيقات والمحاكمات، ويشدد على منع نشر أي بيان أو خبر توجهت الوزارة بحظره.
وللحفاظ على الهوية الوطنية، ينص القانون على ضرورة إبراز التاريخ والثقافة العمانية، ويلزم كل من يمارس الأنشطة الإعلامية بالحصول على تراخيص رسمية وفق شروط الوزارة، كما يمنع الترخيص لأنشطة تقوم على تمييز ديني، عرقي، أو طبقي، أو تحريضية.
وأقر القانون عقوبات تشمل السجن والغرامات في حالات مثل مزاولة نشاط بدون ترخيص، أو نشر محتوى مخالف لضوابط الوزارة، إضافة إلى عقوبات تتعلق بإفشاء مصادر المعلومات أو عدم الالتزام ببث التصحيحات الرسمية عند طلبها.
من جانبه، صرح وزير الإعلام، عبد الله بن ناصر الحراصي، في 10 نوفمبر الجاري، بأن هذا القانون يأتي متماشياً مع أهداف رؤية عُمان 2040 والتغيرات السريعة في المجال الإعلامي، خاصة فيما يتعلق بالتقنيات الحديثة في الإعلام الرقمي، ويعزز من دور الإعلام عبر الالتزام بالموضوعية والصدق والحياد، مع كفالة حرية الرأي والتعبير وفق النظام الأساسي للدولة، وإعلاء قيم الانتماء الوطني.
وأضاف الحراصي أن القانون يوفر الحماية لحقوق الإعلاميين وينظم مهنة الإعلام، واضعاً ضوابط لممارسة الأنشطة الإعلامية وآليات تنظيم الأعمال المرتبطة بالمطبوعات والمصنفات الفنية.
وأعرب الوزير عن تفاؤله بأن القانون الجديد سيساهم في الارتقاء بالإعلام العماني، ويؤسس لمرحلة جديدة تدعم رسالة الإعلام الحضارية والوطنية وفق تطلعات سلطنة عمان في مسيرتها النهضوية المتجددة.
علامات استفهام
ويقول الباحث حارث سيف الخروصي، إن القانون فيه جوانب مختلفة ومتعددة، ومن الجوانب الإيجابية ما يتعلق بحظر ممارسة المطبوعات التي تكون لها خلفية دينية، أو فيها تمييز عرقي أو ديني وغيره.
ويرى في حديثه مع “الخليج أونلاين” أن هناك علامات استفهام حول بعض نقاط القانون، منها حق وزير الإعلام والادعاء العام في منع صدور صحيفة أو منع مزاولة المهنة لمدة سبعة أيام.
وأضاف الخروصي أن كثيراً من التفاصيل في هذا القانون تحتاج إلى توضيح ما، وقد يصدر بصدده لائحة تنفيذية من قِبل وزير الإعلام تتضمن العديد من التفاصيل لهذا المرسوم السلطاني.
وحول تأثير القانون على الصحافة والإعلام، يبيّن أن “تقدم الأمم ونهضتها تتطلب توفر مساحة واسعة وشاملة من الحرية الإعلامية، لمعالجة كثير من القضايا المتعلقة بالمجتمع وتوعية الناس، إذ إن للإعلام دور محوري وهام يتاح له الحرية في التعبير وادلاء الرأي”.
ويعرب الخروصي عن أمله بأن يسهم القانون في تعزيز الهوية الوطنية في الإعلام، ونشر المعرفة وتعزيز القيم الإنسانية، لافتاً إلى أن ذلك مرتبط بترجمة هذه القوانين على أرض الواقع.
نقلة نوعية
حظي قانون الإعلام الجديد بترحيب واسع بين الإعلاميين والمهتمين بالشأن الإعلامي في سلطنة عمان، إذ يرى كثيرون أنه خطوة إيجابية نحو تعزيز حرية التعبير وتطوير الإعلام لمواكبة التغيرات السريعة في المجال.
ووصف رئيس تحرير جريدة “عُمان أوبزيرفر” عبد الله الشعيلي، خلال حديثه لصحيفة “عمان اليوم”، القانون بأنه يمثل “مرحلة محورية نحو تحقيق أهداف رؤية عمان 2040، من خلال إنشاء منظومة إعلامية متكاملة ترتكز على الشفافية والمصداقية وتساهم في التنمية الشاملة في السلطنة”.
ويركز القانون على تنظيم كافة الأنشطة الإعلامية، سواء كانت مستمرة أو مؤقتة، ليشمل بذلك جميع المؤسسات العامة والخاصة، محدداً حقوق وواجبات العاملين في هذا المجال، مع ضمان ممارستها ضمن إطار يحافظ على القيم الوطنية.
وللصحيفة نفسها، أشار الكاتب الصحفي سالم الجهوري، نائب رئيس جمعية الصحفيين العمانية، إلى أن إصدار قانون الإعلام يمثل نقلة نوعية في مسيرة الإعلام العماني، وذلك بفضل التعديلات المتفق عليها بين مجلسي الدولة والشورى، مما يمنح مساحة جديدة لتطوير العمل الصحفي والإعلامي وفق متطلبات المرحلة القادمة، حسب قوله.
وأكد الجهوري أن اهتمام الحكومة بتحديث القوانين والتشريعات يهدف إلى تعزيز ركائز رؤية عمان 2040، وتوفير بيئات جاذبة للعمل الإعلامي تُلبي الاحتياجات الحالية.
بدوره، رأى الصحفي العُماني سهيل النهدي، أن القانون الجديد يعكس تطلعات المرحلة القادمة ويؤسس لمرحلة أكثر احترافية في ممارسة العمل الإعلامي بكافة وسائله، مما يسهم في تقديم رسالة إعلامية تعكس عمق الثقافة العمانية وأصالتها التاريخية، وفق “عمان اليوم”.
أما الإعلامي يعقوب المعمري، من قناة “تلفزيون عُمان”، فقد وصف للصحيفة القانون بأنه “خارطة طريق لمستقبل الإعلام في السلطنة، يواكب التحولات الراهنة ويعمل كمرجع قانوني لجميع الممارسات الإعلامية، ملبياً بذلك تطلعات الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية في البلاد”.
كما أوضح عضو مجلس الدولة والكاتب الصحفي، عوض بن سعيد باقوير، أن قانون الإعلام الجديد يمثل نقلة نوعية في المجال المهني، ويؤكد على أهمية وجود تشريع ينظم الإعلام بمختلف مجالاته، بما في ذلك الإعلام الرقمي ومنصاته.
وفي تصريح خاص لجريدة “الرؤية”، بيّن باقوير أن مواد القانون البالغة 60 مادة تعالج حقوق وواجبات الإعلاميين، مشدداً على أهمية النصوص التي تضمن حماية الصحفيين أثناء أداء مهامهم، وتدعم حقوق المؤسسات الإعلامية.
ورأى الأكاديمي المختص في الإعلام والرأي العام، محمد بن عوض المشيخي، خلال حديثه لصحيفة “الرؤية” أن هذا القانون يمثل “ركيزة أساسية للعمل الإعلامي الحر”، مؤكداً على أنه يدعم حقوق الصحفيين واستقلاليتهم، ويكفل لهم الحق في نقل الأخبار دون قيود مسبقة، مما يهيئ بيئة تعزز الإبداع والتميز.
من جانبه، عبّر الأمين العام المساعد لشؤون الجلسات بمجلس الشورى، محمد بن خلفان العاصمي، -للصحيفة العمانية- عن ارتياحه لصدور القانون الذي “يدعم حرية الرأي والتعبير، ويضمن حق الأفراد في الحصول على المعلومات وتداولها بشكل قانوني”، مؤكداً أن هذه الخطوة تتماشى مع رؤية عمان 2040، التي تضع الشفافية والإعلام المسؤول ضمن أهدافها.
ورحبت مديرة دائرة الإعلام بمجلس الشورى، أمل بنت طالب الجهورية، بصدور القانون كونه محطة هامة في مسار الإعلام العُماني، موضحة أنه يعزز حرية الرأي ويأتي في توقيت هام، تزامناً مع توجه السلطنة نحو تنفيذ رؤيتها المستقبلية، بما يضمن للصحفيين حقوقهم وحرياتهم ويواكب التطورات الإقليمية والدولية في المجال الإعلامي، وفق ما صرحت به لصحيفة “الرؤية”.