الاخبار

في غزة.. طحن العدس والمعكرونة حلاً لمواجهة الجوع

يواجه السكان في غزة ظروفاً مأساوية في ظل الحصار المفروض من قبل جيش الاحتلال على دخول المساعدات.

لم يجد أحمد عياد، رب أسرة من حي الزيتون جنوب مدينة غزة، خياراً آخر لإطعام أطفاله الجائعين سوى اللجوء لما تبقى لديه من عدس ومعكرونة، فقام بطحنها يدوياً، محاولاً إنتاج شيء يشبه الخبز بعد أن نفد الدقيق الذي تسلمه من وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.

يقول عياد لـ”الخليج أونلاين”: “نفد الدقيق منذ أكثر من أسبوعين، والموجود في الأسواق قليل جداً وسعره خيالي، لا يستطيع شراؤه إلا من يمتلك آلاف الشواكل، وأنا فقدت عملي منذ بداية الحرب، ولم يعد هناك مال ولا دخل”.

ويضيف بحرقة: “طحنت العدس والمعكرونة، وجرّبت أن أخلطها بالماء وزيت الطهي القليل المتبقي لدينا، وفي المرة الأولى فشلت، لكن في الثانية أنتجنا عجينة كانت أشبه بكتلة مطاطية، بكيت وأنا أراها تطهى، وتذكرت خبز الطابون الذي كنا نشتريه قبل الحرب بربع شيكل”.

لم يتقبل أطفال أحمد طعم خبز العدس والمعكرونة في البداية، لكنه كان الحل الوحيد لسد رمقهم، في ظل عدم وجود أي بديل لهم أو خيارات أخرى، وحول هذا يقول عياد: “قال لي ابني الصغير يا أبي هذا لا يؤكل لكنه أكل، ثم بكى، ثم نام جائعاً”.

الطحين..عملة نادرة

مثل عياد، لجأت مئات العائلات في أنحاء القطاع إلى وسائل بدائية لصناعة الخبز، مستخدمة كل ما يمكن طحنه وتحويله إلى دقيق منزلي الصنع.

فمع نفاد مخزونات الطحين التي أعلنت عنها الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي، ارتفع سعر كيس الطحين (25 كغ) إلى أكثر من 2000 شيكل (500 دولار)، بينما فقد الغالبية الساحقة من السكان مصادر دخلهم.

معظم العائلات في القطاع تكتفي اليوم بوجبة واحدة يومياً، وغالباً لا تكفي لسد رمق الجميع، والطحين بات عملة نادرة، والخبز تحول من حق إنساني إلى حلم صعب المنال.

طحن العدس والشعير

في حي الشيخ رضوان شمال غزة، تحكي أم علاء المصري، وهي أم لأربعة أطفال، عن تجربتها في طحن العدس والشعير لصناعة الخبز.

تقول في حديثها لـ”الخليج أونلاين” “طحنت العدس في مطحنة يدوية قديمة، ولم يكن لدي حتى ملح، وخلطته بالماء فقط، وبدأت أخبزه على صاج صنعه زوجي من حديد بقايا قصف، وخرج الخبز قاسياً كالخشب، لكنه أرحم من الجوع”.

تضيف المصري: “نفذ الدقيق من الجميع ولا يوجد أحد من الجيران يمكن لها أن يعطيني حفنة من طحين لأن الكل جائع، والخبز هو فقط ما تبقى لأج سد جوع الأطفال”.

كما استطردت قائلةً: “عندما ينتهي العدس سنلجأ لاستخدام علف الدجاج، وغسله ثم تجفيفه، ثم طحنته قدر المستطاع، من أجل تقديمه للأطفال”.

وفي خان يونس جنوب قطاع غزة، اصطف العشرات أمام مطحنة صغيرة تبيع التوابل. يقول صاحبها، خالد النجار: “أنا أصلاً أبيع الهيل والقرفة، لكن منذ أن انتهى الطحين، الناس يحضرون العدس، الشعير، وحتى الحمص، يطلبون مني طحنه لهم”.

يضيف في حديثه لـ”الخليج اونلاين”: “أستقبل أكثر من 300 شخص يوميًا، بعضهم يبكي وهو ينتظر، وأحياناً أعمل حتى منتصف الليل”.

كما يوضح أن “العدس والمعكرونة هي آخر المواد الغذائية المتوفرة لدى سكان قطاع غزة من أجل استخدامها كبديل عن الدقيق في إنتاج الخبز، وفي حالة لم يدخل الدقيق خلال الأيام القريبة لن يجد الناس شيء ليأكلوه هنا”.

الأمم المتحدة تحذر

وتعقيباً على هذا الوضع الكارثي، أكدت أولغا شيريفكو، المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، أن الوضع في غزة بات لا يحتمل.

وقالت شيريفكو في حديثه للصحفيين الجمعة 2 مايو الجاري: “الأطفال يبحثون في أكوام النفايات عن بقايا الطعام والوقود. الوضع الصحي يتدهور بسرعة، والدخان السام المنبعث من حرق البلاستيك يزيد الأمر سوءًا”.

وأضافت: “المواطنون باتوا يهاجمون الشاحنات التي يُعتقد أنها تحمل ماءً أو غذاء. لم يعودوا يملكون ترف الانتظار. أمام المجتمع الدولي خياران لا ثالث لهما: إما كسر الحصار فوراً أو مواصلة مشاهدة غزة تختنق وتموت جوعاً”.

أما المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس، فأوضحت أنه “منذ بداية عام 2025، تم الإبلاغ عن إصابة ما يقرب من عشرة آلاف طفل في غزة بسوء التغذية الحاد الشامل، بما في ذلك 1397 يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم تم إدخالهم لتلقي العلاج في العيادات الخارجية والداخلية”.

وقالت: “نرى أيضا الكثير من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم مع مضاعفات طبية، وبمجرد الوصول إلى هذه المرحلة دون علاج، فإنهم سيموتون”.

كما أشارت إلى أن “ثلاثة من أصل أربعة مراكز لعلاج سوء التغذية الحاد الوخيم في غزة تعمل، ولكن عدد حالات الأطفال الذين يأتون إلى تلك المستشفيات لتلقي العلاج أقل من المتوقع”.

وعزت ذلك إلى عدم قدرتهم على الوصول إلى المراكز، مضيفة أن “واحداً من كل خمسة أطفال لا يكمل علاجه، وعادة ما يكون ذلك بسبب الإخلاء أو النزوح أو الوضع الفوضوي الذي يعيشون فيه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى