في طليعة العالم.. مدن قطر تحتضن معايير الصحة العالمية
– قطر أول دولة عالمياً يتم تصنيف جميع مدنها كمدن صحية من منظمة الصحة العالمية
– هذا التصنيف يعزز من مكانة قطر كنموذج يحتذى به في الصحة العامة والتنمية الحضرية
تعمل دولة قطر بجد على تحويل مدنها إلى نماذج يحتذى بها في التنظيم الحديث والمعايير الصحية، وقد حققت مؤخراً إنجازاً استثنائياً يتمثل في اعتماد جميع بلدياتها كمدن صحية من قبل منظمة الصحة العالمية.
هذا التميز يضع قطر في موقع الريادة كأول دولة في منطقة الشرق الأوسط والعالم تنال جميع مدنها هذا اللقب، ويعكس التزام الدولة برفع مستوى جودة الحياة لسكانها.
نجاحات قطرية متواصلة
وفي إطار ذلك، تأتي مشاركة دولة قطر في الجلسة الوزارية لمنتدى “جسر المدن 2024” التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، الذي انعقد في فيينا، في الفترة بين 9-10 أكتوبر الجاري، تحت شعار “الحلول المبتكرة لمدن الغد”.
وترأس وفد قطر وزير البلدية، عبدالله بن حمد بن عبدالله العطية، حيث شدّد على أهمية وضع استراتيجيات مبتكرة لمواجهة تحديات التحضر المتزايدة، ودعم تطوير مدن مستدامة وذكية ومزودة بأحدث التقنيات لمواكبة تحديات المستقبل وتوفير حلول حضرية فعالة على مستوى العالم.
وأشار العطية إلى أن دولة قطر تفتخر بكونها أول دولة عالمياً تحصل جميع مدنها على تصنيف “المدينة الصحية” من منظمة الصحة العالمية، مما يعكس التزامها بتوفير خيارات مستدامة وصحية لجميع السكان.
وتهدف مبادرة “المدن الصحية”، التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، إلى جعل الصحة أولوية على الأجندات الاجتماعية والسياسية للمدن حول العالم.
وتسعى هذه المبادرة إلى تعزيز الصحة العامة، وتحقيق الإنصاف، ودعم التنمية المستدامة من خلال الابتكار وتنسيق الجهود بين مختلف القطاعات، حيث يتم منح لقب “المدينة الصحية” للمدن التي تحقق المعايير المحددة من قبل منظمة الصحة العالمية.
وتحقيق اعتماد جميع البلديات القطرية كمدن صحية من منظمة الصحة العالمية يشكل محطة هامة في مسيرة قطر، حيث إن هذا الاعتراف الدولي يعزز من مكانة قطر كنموذج يحتذى به في مجالات الصحة العامة والتنمية الحضرية.
وقد أعرب المسؤولون في قطر عن طموحاتهم لتحقيق المزيد من الإنجازات في المستقبل، مشيرين إلى أهمية هذه المبادرة في تعزيز مستوى الرفاهية المجتمعية والالتزام بالمعايير العالمية.
وتهدف الحكومة القطرية من خلال هذه المبادرة إلى تعزيز الصحة العامة من خلال تحسين جودة الهواء، وتوفير مرافق خضراء، ورفع كفاءة إدارة النفايات، إلى جانب برامج التوعية المجتمعية التي تشجع على اتباع نمط حياة صحي.
وفازت دولة قطر في سبتمبر الماضي، بجائزة الابتكار العالمية 2024 من المنظمة العالمية للتنمية عن فئة (صحة جيدة ورفاهية)، وذلك ضمن منتدى المدن السحابية المخصص لمستقبل المدن الكبرى في مجموعة “بريكس”، في العاصمة الروسية موسكو.
وأشارت صحيفة الشرق القطرية في 19 سبتمبر الماضي، إلى أن قطر حققت الفوز بجائزة الابتكار لحرصها على دمج التنمية المستدامة في سياساتها الوطنية، وجهودها في مجال التنمية الحضرية المستدامة من خلال الاستثمار في المدن الذكية والمستدامة، وتبني مشاريع البنية التحتية في الدولة لمعايير الاستدامة، والاستثمار في الطاقة المتجددة، وزيادة المساحات الخضراء في المدن.
كما عملت الدوحة على تحسين أنظمة إدارة النفايات وإعادة تدويرها وتحويلها إلى طاقة، وكذلك الجهود القطرية في تعزيز بيئة الشركات الناشئة وتطوير التكنولوجيا، مما يمكن أن يقدم رؤى ونماذج قيمة لدول مجموعة “البريكس”.
وتعد هذه الإنجازات إحدى ثمرات رؤية قطر الوطنية 2030 التي تهدف إلى خلق بيئة معيشية مستدامة تلبي احتياجات الحاضر والمستقبل على حد سواء.
معايير دولية
ويتحدث الصيدلاني والإعلامي الطبي أيمن خسرف، عن جهود قطر في جعل جميع مدنها صحية، بهدف تحقيق جودة الحياة، مبيناً أن البلد الذي يصل لهذا المستوى يجب أن يحقق تحسينات كبيرة في مختلف الجوانب، كالجانب النفسي والصحة العامة للمجتمع وغيرها.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن الخدمات الحياتية هنا يجب أن تخضع لمعايير معينة تحددها الهيئات الدولية وتشترك فيها أيضاً منظمة الصحة العالمية، مما يؤدي إلى رفع جودة الحياة الصحية.
ويشير خسرف إلى أن البنية التحتية الصحية في المدن القطرية لها تأثير على جاذبيتها للسياحة والاستثمارات، إذ تعتبر خطوة باتجاه العولمة.
ويوضح أن مساعي تحسين الخدمات في المدن يهدف إلى جذب الناس، لذا فإن المساعي القطرية لأن تكون جميع مدنها صحية تهدف لتسهيل الحياة للناس وجعلها في جانب التكيف في هذه المدن من مختلف النواحي.
ويؤكد خسرف أن الانتقال من مرحلة العيش البسيط أو العادي إلى مرحلة الحصول على معايير عالمية، يتطلب تبني فكرة رفع الجودة ورفع الكفاءة من قبل السلطات العليا، ومن كافة مؤسسات الدولة.
ويلفت إلى أنه لا يمكن أن تحقق المدن معايير عالمية والجودة وفق المقاييس الدولية، إذا لم تكن الدولة تتبنى هذه الفكرة، وتسخر لها الموارد الكافية.
المدن الذكية.. مشيرب نموذجاً
تُعد مدينة مشيرب، الواقعة في وسط العاصمة القطرية الدوحة، واحدة من أبرز المدن الذكية عالمياً، إذ تجمع بين أحدث التقنيات المتطورة والتصاميم المعمارية التي تعكس التراث القطري.
وتعتمد المدينة على أنظمة ذكية متقدمة لإدارة الطاقة والمواصلات، مما يسهم في توفير نمط حياة حديث ومستدام وصديق للبيئة.
وانطلق العمل في إنشاء المدينة، الذي بلغت تكلفته الإجمالية حوالي 5.5 مليارات دولار، في عام 2000، وتمتد على مساحة تبلغ أكثر من 319 ألف متر مربع، وتضم 100 مبنى سكنياً وتجارياً، موزعة على خمسة أحياء.
وتشمل المدينة على 800 وحدة سكنية مصممة بمعايير ذكية ومستدامة؛ إذ تم تجهيز المنازل بأنظمة تحكم ذكية للتحكم في الإضاءة، والستائر، والتكييف، والأجهزة الكهربائية مثل الثلاجات، وأفران الميكروويف، وماكينة إعداد القهوة.
وتحتوي المدينة على أكثر من 100 نظام ذكي، من بينها موقف سيارات يتسع لـ10 آلاف سيارة، حيث يمكن للسكان والزوار تحديد مواقع سياراتهم من خلال تطبيق على أجهزتهم الذكية، مستفيدين من شبكة متكاملة تضم 10 آلا كاميرا وأجهزة استشعار موزعة في أنحاء المدينة.
وتتضمن المدينة خط ترام يربط مختلف أنحاء المدينة في رحلة مدتها 18 دقيقة، وتحتوي محطة مشيرب للقطارات، الأكبر ضمن شبكة السكك الحديدية، على ثلاثة خطوط رئيسية، مما يتيح للسكان والزوار سهولة التنقل بين أحياء مشيرب في قلب الدوحة.
وحقق مشروع إنشاء المدينة تصنيف الفئة الذهبية في تصميم المباني المستدامة، حيث يتم الاعتماد على الطاقة الشمسية لتلبية معظم احتياجات الكهرباء في المدينة، بالإضافة إلى استخدام نظم تدوير المياه لري النباتات وتوفير مياه باردة وصالحة للشرب.