الاخبار

غزة بعد وقف إطلاق النار.. دمار يتكشف وحضور لافت لـ”القسام”

مدينة رفح أصبحت رسمياً منكوبة، نتيجة الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية

مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ، تنفس السكان الصعداء بعد أيام وليالٍ قاسية من التصعيد العسكري، إلا أن المشهد على الأرض كان مزيجاً من الدمار الواسع والمشاعر المتباينة التي عبر عنها السكان، ما بين الفرح بنهاية القصف والخوف من عودة العدوان الإسرائيلي من جديد.

عند اللحظات الأولى لبدء وقف إطلاق النار صباح الأحد (19 يناير)، بدأت تتكشف أبعاد الدمار الإسرائيلي الذي لحق بالمنازل والبنى التحتية.

مراسل “الخليج أونلاين” في قطاع غزة، أجرى جولة على مناطق مختلفة كان أبرزها في مدينة رفح جنوب القطاع، حيث تحولت أحياء بأكملها إلى أنقاض، وطرق رئيسية دمرت، مما أعاق حركة المرور والتنقل.

دمر جيش الاحتلال، المستشفيات، والمدارس، وشبكات الكهرباء والمياه تعرضت لأضرار جسيمة، ما فاقم من الأوضاع الإنسانية التي كانت أصلاً متردية قبل التصعيد، وهو ما سيضع تعقيدات وصعوبات أمام العائدين إلى مدينتهم في رفح.

محمد ماضي، أحد سكان مدينة رفح، وصف مشهده الأول بعد عودته إلى منزله قائلاً: “ما كنت أعتقد أن منزلي سيصمد، لكن ما رأيته كان أسوأ مما توقعت، الركام في كل مكان، والأمل في العودة إلى الحياة الطبيعية يبدو بعيداً”.

يقول ماضي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “وصلت رفح عند الساعة التاسعة صباحاً، وتعرضت لإطلاق نار من قبل طائرات مسيرة لجيش الاحتلال، وكان معي الكثير من الجيران والناس العائدين إلى المدينة، ورغم ذلك استمرينا بالمشي نحو منازلنا لتفقدها ومعرفة ما حدث”.

ويضيف: “في الطريق أصبت بالذهول والصدمة من حجم المنازل التي هدمت بالكامل من قبل طائرات جيش الاحتلال، وهو ما يعكس حالة الحقد الكبير لهذا الجيش الذي يدعي أنه أخلاقي، ولكن ما شاهدته يثبت أنه أكثر الجيوش حقارة”.

في الحي السعودي، غرب مدينة رفح، وصل خالد البردويل إلى منطقة سكنه التي مكث فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي لأكثر 7 شهور.

لم يجد البردويل وجيرانه أي آثار لمنازلهم، وكان الدمار هو المسيطر على كل المنازل التي كانت موجودة في تلك المنطقة.

يقول البردويل وهو في حالة صدمة لـ”الخليج أونلاين”: “الاحتلال هدم منزلنا بالكامل ولا أجد حتى مكان لإقامة خيمة فوق أنقاضه، وهذا هو تعب العمر، وبه الكثير من الذكريات الجميلة والحزينة، وهو الذي يحمينا من برد الشتاء، وحر الصيف”.

لا يعلم البردويل ما هي المدة التي سيتم إعادة بناء منزله خلالها وعودته إلى حياته الطبيعية كما كانت قبل الحرب.

مدينة منكوبة

رئيس بلدية رفح، أحمد الصوفي، أعلن أن المدينة أصبحت رسمياً منكوبة، نتيجة الدمار الهائل الذي خلفته آلة الحرب الإسرائيلية، التي استمرت هناك لأكثر من 8 أشهر.

وأوضح الصوفي، خلال مؤتمر صحفي له، داخل مدينة رفح، الأحد 19 يناير، وحضر مراسل “الخليج أونلاين”، أن حجم الأضرار الكارثية في مدينة رفح، يتجاوز إمكانات البلدية والمجتمع المحلي.

غزة

وبين أن آلة الحرب الإسرائيلية دمرت جزءاً كبيراً من البنية التحتية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والطرق، إلى جانب تدمير آلاف المنازل والمرافق العامة.

وقال: “تواجه رفح مأساة إنسانية تتطلب استجابة عاجلة. نناشد المجتمع الدولي والمؤسسات الإغاثية بالتحرك الفوري لتوفير الاحتياجات الأساسية، من مأوى وغذاء ومياه نظيفة وخدمات صحية للمنكوبين”.

ودعا الصوفي إلى إطلاق خطة طوارئ شاملة لإعادة إعمار المدينة وإصلاح البنية التحتية المتضررة، مؤكداً أن بلدية رفح ستواصل العمل بكل طاقاتها للتخفيف من معاناة المواطنين، رغم الظروف القاسية.

وشدد على أن المأساة الحالية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية على وجه السرعة، لضمان توفير الدعم الإنساني اللازم وتمكين المدينة من التعافي والعودة إلى حياتها الطبيعية.

وذكر أن المأساة الحالية تتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية على وجه السرعة؛ لضمان توفير الدعم الإنساني اللازم وتمكين المدينة من التعافي والعودة إلى حياتها الطبيعية.

خروقات إسرائيلية

خلال اليوم الأول لدخول وقف إطلاق النار، قام جيش الاحتلال باستهداف عدد من المواطنين وقصف آخرين، وتسبب باستشهاد 19 شخصاً في غارات إسرائيلية وإطلاق نار، ما يمثل خرقاً للاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ صباح الأحد.

وأفاد جهاز الدفاع المدني في غزة بارتفاع عدد الشهداء إلى 19 والإصابات إلى 36 بالقصف الإسرائيلي وإطلاق النار بعد بدء تنفيذ وقف إطلاق النار المتفق عليه في الساعة الـ8:30.

تسلم الأسرى وحضور المقاومة

إلى جانب الدمار الكبير، سلمت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس”، الأسيرات الإسرائيليات الثلاث، وهن من الدفعة الأولى للأسرى الذين سيتم إطلاق سراحهم، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار.

وسلمت “القسام” الأسيرات من ساحة السرايا وسط مدينة غزة شمال القطاع، إلى اللجنة الدولة للصليب الأحمر.

وكان اللافت الحضور المهيب لعناصر المقاومة الفلسطينية خلال تسليم الأسيرات، وسط احتفاء شعبي بتضحياتهم ومقاومتهم طيلة 15 شهراً في ساحات القتال بعيداً عن المدنيين، حيث تجمهر الآلاف لمشاهدة عملية التسليم.

ومساء الأربعاء 15 يناير، أعلن رئيس الوزراء وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن، نجاح جهود الوسطاء في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.

ويتكون الاتفاق من ثلاث مراحل مدة كل منها 42 يوماً، ويتضمن وقفاً للعمليات العسكرية، وانسحاب جيش الاحتلال من المناطق المأهولة في غزة وفتح معبر رفح وتعزيز دخول المساعدات عبره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى