الاخبار

صوت الأسد يختفي للأبد.. 11 يوماً تهدم عرشه وتقلب الموازين

بيان المعارضة السورية: بعد 50 عاماً من القهر تحت حكم البعث و13 عاماً من الإجرام والطغيان والتهجير، نعلن اليوم نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا.

بعد أكثر من عقد على انطلاق الثورة السورية، شهد العالم تحولاً تاريخياً مفاجئاً الأحد (8 ديسمبر 2024) حيث حقق السوريون ما كانوا يحلمون به بالإطاحة بنظام بشار الأسد ليدخل هذا اليوم في قائمة أهم الأحداث في تاريخ سوريا.

خلال 11 يوماً فقط، انهار نظام بشار الأسد الذي بدا صامداً لسنوات بفضل الدعم الروسي والإيراني، هذه الأيام الحاسمة قلبت الموازين العسكرية والسياسية في البلاد، وأسفرت عن سيطرة الفصائل المعارضة على العاصمة دمشق وسقوط معاقل النظام الرئيسية.

بدأت الأحداث تتسارع عندما بدأت فصائل المعارضة في 27 نوفمبر الماضي، هجوماً ضد قوات النظام، في هجوم أطلق عليه “ردع العدوان”، مستخدمة تكتيكات جديدة.

ومع توالي الانتصارات الميدانية، انهارت خطوط الدفاع الأمامية للنظام، ما دفع بقواته إلى الانسحاب التدريجي من مواقع استراتيجية كانت تعد معاقل رئيسية.

الساعة الرابعة من فجر الأحد، أعلن طي صفحة حكم نظام الأسد، حين أعلنت إدارة العمليات العسكرية لفصائل المعارضة السورية، في بيان “تحرير سوريا”، وهروب بشار الأسد.

وأضافت المعارضة في بيان قصير: “بعد 50 عاماً من القهر تحت حكم البعث و13 عاماً من الإجرام والطغيان والتهجير، نعلن اليوم نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا”.  

الانسحاب الروسي الحاسم

كان لتراجع الدعم الروسي دور محوري في تسريع سقوط النظام؛ ففي ظل ضغوط دولية واقتصادية متزايدة على موسكو، قررت تقليص تدخلها العسكري، مما ترك قوات النظام مكشوفة أمام زحف المعارضة.

عدم قدرة إيران والمليشيات الموالية لها في الوقوف لدعم نظام الأسد، وانهيار قدرات “حزب الله” كان من بين الأسباب التي سارعت في سقوط الأسد.   

ذلك ما أشار إليه الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في منشور على منصة التواصل الاجتماعي “تروث”، أن روسيا وإيران لم تعد مهتمتان في الدفاع عن نظام الأسد، وأنهما تعانيان جراء انشغال موسكو بالحرب في أوكرانيا، وطهران بسبب تداعيات المواجهة مع “إسرائيل”.

مع سقوط دمشق بيد المعارضة، أفادت مصادر متعددة بأن بشار الأسد فرّ إلى جهة غير معلومة، وسط تضارب الأنباء حول مكانه، حيث رجح البعض انتقاله إلى دولة حليفة مثل إيران، فيما أشارت تقارير أخرى إلى احتمال لجوئه إلى روسيا. 

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الأسد غادر على متن طائرة خاصة أقلعت من مطار دمشق الدولي عند العاشرة ليل السبت (19,00 ت غ)، من دون أن يحسم وجهتها.

أضاف المرصد أن إقلاع الطائرة أعقبه انسحاب الجيش والقوى الأمنية من هذا المرفق الحيوي الرئيسي في البلاد، بعد ساعات من تعليق الرحلات عبره.

مدير المرصد رامي عبد الرحمن قال لوكالة “فرانس برس” إن هناك 3 احتمال لوجهة الأسد، مبيناً أن أولها حليفته روسيا التي وفّرت له خلال النزاع دعماً دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً منقطع النظير.

ثاني الاحتمالات إيران التي وفّرت مستشارين عسكريين، إضافة الى مقاتلي مجموعات موالية لها على رأسها حزب الله.

أما الوجهة الثالثة التي يعدّها عبد الرحمن الأكثر ترجيحاً، هي الإمارات التي كانت من أولى الدول الخليجية التي قطعت علاقاتها مع دمشق عقب اندلاع النزاع، وأول من استأنفتها عام 2018. 

تأخر سقوط الأسد

ثلاثة عشر عاماً شهد السوريون خلالها ترويعاً كبيراً ودموية قلّ نظيرها، من قبل نظام الأسد، على إثر حراك شعبي سلمي بدأ في مارس 2011 يطالب بالإصلاح والحرية.

الحرك السلمي سرعان ما تحول إلى صراع مسلح بين جيش النظام والمعارضة، في ردّ فعل طبيعي من قبل المعارضة جراء استخدام النظام القمع؛ لتُرسم ملامح مأساة إنسانية وسياسية غير مسبوقة.

دعمت روسيا وإيران نظام بشار الأسد عبر تدخلات عسكرية مباشرة ودعم لوجستي؛ ما دعم بقاء النظام.

أسفرت الهجمات المروعة التي شنها النظام على المدن التي احتوت المعارضة، عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين داخل سوريا وخارجها.

وأدت أيضاً إلى تدمير البنية التحتية في هذه المناطق بما في ذلك المدارس والمستشفيات، وأصبحت المدن الكبرى مثل حلب وحمص ساحات قتال عنيفة، ما حولها إلى أطلال.

تقدم سريع

خلال عملية “ردع العدوان” سيطرت “إدارة العمليات العسكرية” على مدينة حلب بالكامل وأجزاء واسعة من ريفها، ثم أطبقت سيطرتها على محافظة إدلب التي تعد المعقل الرئيسي للمعارضة.

وواصلت قوات المعارضة تقدمها لتفرض سيطرتها على 7 مناطق وبلدات في أطراف حماة وسط سوريا.

كما تمكنت من الاستحواذ على ذخيرة أسلحة ضخمة، إضافة إلى طائرات في مطاري كويرس ومنغ العسكريين.

وتقدمت المعارضة لتسيطر على درعا والسويداء مع تواصل التقهقر السريع لقوات نظام الأسد، لتواصل المعارضة تحقيق نجاحات في السيطرة على المزيد من المدن، لتضم تحت سيطرتها حمص، وتحاصر دمشق حتى دخلت فجر الأحد معلنة سقوط النظام.

أسباب نجاح المعارضة

سقوط نظام الأسد هي الغاية التي خرج من أجلها السوريون في مظاهرات حاشدة، واضطروا ليقاتلوا قوات النظام منذ 13 عاماً، لكن تلك الأعوام لم تكن تشهد تقدماً من جانب المعارضة، في مقابل هجوم “ردع العدوان” الذي استمر فقط 12 يوماً ليحقق الغاية!

ذلك يتأكد منه أن المعارضة استفادت كثيراً من الدروس الماضية، واتخذت خطوات مناسبة للسير قدماً نحو دمشق.

وبحسب ما ذكرت “الجزيرة نت” هناك 5 أسباب نجاح عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها فصائل المعارضة السورية في تحقيق الانتصار على نظام الأسد خلال 12 يوماً، مستفيدة من أخطاء ارتكبت في الثورة السورية عام 2011، لافتة إلى أن الأسباب الخمسة تمثلت بـ:

  • توحيد الفصائل المشاركة في عملية “ردع العدوان” بغرفة عمليات واحدة أطلقت عليه إدارة العمليات العسكرية، وتوحيد الراية، وتوحيد الخطاب الإعلامي.

  • وجهت إدارة العمليات العسكرية رسائل تطمين إلى كافة مكونات الشعب السوري، وتجلى ذلك في البيانات التي أصدرتها الإدارة مع دخولها مدينة حلب في اليوم الثالث من العملية، إذ أكدت لهم على احترام حقوقهم وحرياتهم ومعتقداتهم الدينية.

  • عملت قوات المعارضة السورية على الاهتمام بالواقع الخدمي والمعيشي للمناطق التي تسيطر عليها، إذ يعاني السكان هناك من أوضاع معيشية صعبة جداً بسبب ارتفاع نسبة الفقر والبطالة والتضخم. 

  • توجيه الرسائل والتطمينات إلى أطراف دولية وإقليمية وعلى رأسها العراق الذي أعرب عن تخوفه من تطور الأوضاع في سوريا، والتواصل مع العديد من الدول ومعمنظمات غير حكومية، لشرح حقيقة ما يجري في سوريا.

  • تطوير القدرات العسكرية والتنظيمية لفصائل المعارضة، إذ أحدثت المدرعات المصفحة المحلية الصنع، والطائرات المسيرة فرقا كبيراً بسير العمليات. وحققت كتائب الشاهين أهدافاً نوعية خلف خطوط قوات النظام، إلى جانب تطور آليات القتال الليلي لدى الفصائل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى