الاخبار

رغم سقوط الأسد.. صداع المخدرات يواصل استهداف المنطقة

سلطات مكافحة المخدرات السعودية تزود نظيرتها العراقية بمعلومات أسهمت في ضبط أكثر من طن من حبوب الكبتاغون قادمة من سوريا للعراق.

بالرغم من التفاؤل الذي عم الأوساط الأمنية والحكومية في دول الخليج والشرق الأوسط، بخصوص التضييق على صناعة وتجارة الكبتاغون والمخدرات عقب سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، إلا أن الخطر لا يزال قائماً ويطل برأسه من وقت لآخر.

وعقب إسقاط نظام الرئيس المخلوع في 8 ديسمبر الماضي، خاضت السلطات السورية الجديدة حرباً ضد معامل وتجار الكبتاغون في سوريا، وهي التجارة التي كانت تدر قرابة 5.6 مليارات دولار للنظام، بحسب تقديرات شبه رسمية.

تعاون خليجي

السبت (15 مارس)، ضبطت سلطات الأمن العراقية أكثر من طن من حبوب الكبتاغون المخدرة، كانت قادمة من سوريا إلى العراق، بعد أن تلقت معلومات من قبل سلطات مكافحة المخدرات السعودية.

وبحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية العميد مقداد ميري، فإن عملية ضبط هذه الكمية الضخمة من حبوب الكبتاغون، تمت بعد تلقي معلومات مهمة من إدارة المخدرات في المملكة العربية السعودية.

وقال إن العمل الاستخباراتي أسفر عن ضبط شاحنة قادمة من سوريا باتجاه العراق مروراً بتركيا وهي تحمل طناً واحداً و100 كغم من حبوب الكبتاغون المخدرة والقبض على المتورطين بهذه الجريمة وتفكيك شبكتهم.

المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية طلال بن شلهوب، قال إنه بناء على معلومات قدمتها المديرية العامة لمكافحة المخدرات بالمملكة، للجهاز النظير في العراق، تم إحباط محاولة تهريب 7 ملايين قرص من مادة الإمفيتامين المخدر مخبأة في شحنة بضائع ألعاب أطفال وطاولات كوي ملابس.

شلهوب قال إن المملكة مستمرة في متابعة النشاطات الإجرامية في إنتاج وتهريب المخدرات، والتصدي لها بالتعاون مع الجهات النظيرة في الدول الشقيقة والصديقة، بحسب وكالة “واس” للأنباء السعودية.

وليست هذه المرة الأولى التي تتعاون فيها الأجهزة الأمنية الخليجية للتصدي لظاهرة تهريب المخدرات، ففي 3 مارس الجاري، نجحت السلطات الأمنية الكويتية ونظيرتها القطرية، في إحباط محاولة تهريب شحنة ضخمة من حبوب الكبتاغون.

ووفق بيان الداخلية الكويتية، فإن الشحنة كانت تحوي 75 ألف حبة كبتاغون، مخبأة داخل قطع غيار، مشيرةً إلى أنها كانت قادمة من إحدى الدول الأوروبية إلى الخليج عبر الشحن الجوي.

وخلقت مخدرات الأسد خلال السنوات القليلة الماضية، حالة طوارئ دائمة في دول مجلس التعاون الخليجي، ووفق معلومات نشرتها “الجزيرة” وشبكة “سي إن إن”، فقد بلغت حبوب الكبتاغون المضبوطة في السعودية وحدها خلال عامي 2022، و2023، قرابة 95 مليون حبة، بينما ضبطت الإمارات 4.5 مليون حبة خلال 2023.

الأسد والمخدرات

ولمواجهة العقوبات التي حاصرت الرئيس المخلوع خلال السنوات الأخيرة من حكمه، اعتمدت سلطته على المخدرات، وتحولت البلاد إلى منتج رئيسي لأخطر أنواعها، وفق تقارير دولية.

وبحسب معهد “نيولاينز” الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، فإن تجارة الكبتاغون أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد غير الرسمي الذي هيمن عليه النظام السوري والمجموعات التابعة لها.

ولفت المعهد بحسب تقرير نشره موقع “CNBC عربية” في ديسمبر 2024، إلى أن الدولة السورية في عهد الأسد، جنت حوالي 5.7 مليار دولار من تجارة المخدرات غير المشروعة في العام 2021 وحده.

في حين قالت مديرة المعهد، الباحثة كارولين روز، في مقال لها بمجلة “المجلة” في أكتوبر 2024، إنه في السنوات الأخيرة، أصبحت سوريا مركزاً رئيسياً لإنتاج وتجارة المنشطات مثل “الكبتاغون” و”الميثامفيتامين”، إضافة إلى تهريب أدوية أخرى غير مشروعة مثل “الترامادول”.

وتشير بيانات رسمية بريطانية، إلى أن سوريا كانت تنتج قرابة 80% من الإنتاج العالمي من حبوب الكبتاغون، وهذه الحبوب أصبحت تغزو العديد من الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان والعراق، بالإضافة إلى دول الخليج.

وخلال شهر أبريل 2022 وحده، تم الإعلان عن مصادرة قرابة 25 مليون قرص من الكبتاغون تبلغ قيمتها نحو 500 مليون دولار في تلك البلدان، بحسب موقع “الجزيرة نت” (ديسمبر 2024).

أما الأردن، فأعلن مطلع يناير الماضي، أنه ضبط أكثر من 27 مليون حبة كبتاغون، و3 آلاف كيلو غرام من الحشيش في 2024، بالإضافة إلى توقيف أكثر من 38 ألف شخص في قضايا متعلقة بالمخدرات.

عودة النشاط

وقطعاً كان سقوط نظام الأسد بمثابة ضربة لصناعة وتجارة المخدرات في الشرق الأوسط، كونه كان المصدر الأول والأكبر للمخدرات التي تغزو المنطقة.

وبحسب تقارير غربية وعربية، فإن الإطاحة بالأسد ساهمت في انقطاع سلاسل التوريد مؤقتاً، خصوصاً بعد ضبط الحكومة السورية الجديدة لعشرات المعامل التي كانت تدار من قبل أجهزة الأمن والفرق العسكرية التابعة للأسد.

لكن، ونظراً لانشغال الحكومة السورية الجديدة بترتيب الوضع الأمني والسياسي للبلد، بدأ تجار المخدرات بالنشاط مجدداً، وإن في نطاق محدود.

وفي مطلع مارس الجاري، اشتبكت قوات حرس الحدود الأردنية، مع مهربين مسلحين حاولوا التسلل من سوريا إلى الأراضي الأردنية، ما أدى إلى مقتل 4 منهم وضبط كمية كبيرة من المخدرات والأسلحة.

كما تأتي عملية ضبط 1.1 طن من حبوب الكبتاغون المخدرة، من قبل سلطات الأمن العراقية، وبالتعاون مع نظيرتها السعودية، لتؤكد استمرار تدفق المخدرات من سوريا، الأمر الذي يتطلب تعاوناً كبيراً بين الأجهزة الأمنية لدول المنطقة.

وخلال السنوات الماضية، تشكلت شبه استراتيجية لمكافحة المخدرات بين دول الخليج والمنطقة، ونجحت فعلياً في إحباط تهريب كميات ضخمة، وهي بأمس الحاجة لتعزيز هذا التعاون في هذه المرحلة.

ووفق تقرير لـ”الجزيرة نت”، نُشر في منتصف يناير الماضي، فإن شبكات التهريب التي كانت مرتبطة بالأسد، استغلت الفوضى الناجمة عن سقوطه، لإعادة تنظيم صفوفها، مشيراً إلى أن ما حدث هو تحول في شكل عمليات التهريب وطرائقه.

وقال الباحث في الشأن السوري صلاح ملكاوي، إن مجموعات تهريب المخدرات استغلت المرحلة لاستئناف نشاطها، خصوصاً في الجنوب السوري، المنطقة التي تشهد حالة من الفراغ الأمني، وتحديداً السويداء التي تحولت إلى نقطة تجمع ومقصداً لتهريب المخدرات.

وإلى جانب تنسيق الجهود تتجه دول المنطقة وخصوصاً الخليج، إلى دعم الحكومة السورية الجديدة في دمشق، لتمكينها من القيام بدورها في مكافحة المخدرات، وهو ما يتطلب تنسيقاً ودعماً أمنياً وسياسياً، لتمكينها من بسط نفوذها على كامل الجغرافيا السورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى