الاخبار

رغم التفاهم مع أمريكا.. لماذا يواصل الحوثيون قصف “إسرائيل”؟

رغم الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة على مواقع الحوثيين في اليمن، لم تتوقف الجماعة عن تنفيذ عملياتها الصاروخية والطائرات المسيّرة

منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023، أظهرت مليشيا الحوثي اليمنية دوراً متزايداً على الساحة الإقليمية، خاصة عبر توسيع نطاق عملياتها العسكرية لتشمل استهداف “إسرائيل” بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة.

وعلى الرغم من التفاهمات التي أبرمتها مع واشنطن في 6 مايو 2025 لوقف هجماتها على السفن في البحر الأحمر، فإن المليشيا واصلت إطلاق الصواريخ باتجاه “إسرائيل”.

الحوثيون يرون في هجماتهم امتداداً لدعم غزة، لكن يبدو أن هذا التوجه لا يعكس فقط حرصهم على تعزيز دورهم الإقليمي، بل يبين أيضاً تأثرهم بالدعم الإيراني الذي يوفر لهم القدرات الصاروخية والتقنية التي مكنتهم من استهداف العمق الإسرائيلي.  

الهجوم الأخير

وفي 22 مايو 2025، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ باليستي أُطلق من اليمن باتجاه الأراضي المحتلة، في حادثة عززت حالة التوتر المتصاعدة في المنطقة.

أدى الهجوم إلى تفعيل صفارات الإنذار في مدينة القدس، وانتشار دوي الانفجارات في مناطق مختلفة، ما أثار قلقاً لدى المدنيين الإسرائيليين وسلطات الاحتلال على حد سواء.

الناطق العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، قال إن العملية شملت أيضاً هجمات بطائرتين مسيرتين على أهداف في مدينتي يافا وحيفا، في إطار ما وصفه بـ”الرد على استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة” مؤكداً أن الجماعة ماضية في تنفيذ عملياتها الجوية والبحرية ضد المواقع الإسرائيلية.

كما جاء هذا الهجوم بعد نحو ثلاثة أيام من إعلان سريع، استهداف مطار بن غوريون الإسرائيلي في تل أبيب مرتين خلال 24 ساعة بصاروخين باليستيين وبمسيرة.

ويأتي أيضاً في وقت لا تزال فيه التفاهمات الأمريكية – الحوثية بشأن البحر الأحمر قائمة، ما يطرح تساؤلات عميقة حول جدوها.

استمرار الهجمات

ورغم الضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة على مواقع الحوثيين في اليمن، لم تتوقف الجماعة عن تنفيذ عملياتها ضد “إسرائيل”، ما يشير إلى عدم وجود تفاهم شامل مع الولايات المتحدة حول هذه المسألة.

وكانت حادثة استهداف مطار بن غوريون في 4 مايو 2025، أكبر حدث عاشته “إسرائيل” مؤخراً، تبعها إعلان “الحوثيين” فرض حصار جوي شامل عليها، متوعدة بتكرار استهداف المطارات والمواقع الحيوية.

وجاء هذا الإعلان بعد سقوط صاروخ يمني في محيط المطار، وأسفر عن إصابة 8 أشخاص حسب تقارير إعلامية إسرائيلية، ليشكل هذا الهجوم تحولاً في استراتيجية الحوثيين، إذ لم يعد يقتصر الأمر على استهداف المدن أو قواعد عسكرية فقط، بل شمل البنية التحتية المدنية الحيوية.

وفي 5 مايو 2025، شن الجيش الإسرائيلي غارات جوية مكثفة على أهداف حوثية في اليمن، ردًا على الهجوم الحوثي، واستهدف ميناء الحديدة باستخدام 48 قنبلة معتبراً إياه نقطة تهريب أسلحة إيرانية، ومصنع باجل للإسمنت، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 42 آخرين، وفقاً لوسائل إعلام حوثية.

وفي 6 مايو 2025، استهدف الاحتلال مطار صنعاء الدولي، مما أدى إلى تدمير المدارج ومرافق المطار بالكامل، ومحطتي كهرباء ذهبان وحزيز في العاصمة صنعاء، ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 38 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة التابعة للحوثيين .

وفي 16 مايو 2025، شن الجيش الإسرائيلي أيضاً غارات جوية على موانئ الحديدة والصليف، مستخدماً 15 طائرة حربية، واستهدفت الغارات البنية التحتية للموانئ، مما أدى إلى تدمير منشآت حيوية، ومقتل شخص وإصابة 9 آخرين.

رسائل استراتيجية وسياسية

يرى المحلل العسكري اليمني محمد اليريمي أن استمرار هجمات الحوثيين على “إسرائيل” رغم التفاهم الأمريكي الحوثي بشأن وقف الهجمات في البحر الأحمر يحمل أكثر من دلالة استراتيجية وسياسية مهمة، موضحاً في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن تلك الأسباب تتمثل في:

– الرسائل المتعددة الأطراف: الحوثيون يريدون إرسال رسالة واضحة إلى “إسرائيل” والولايات المتحدة وأطراف إقليمية أخرى بأنهم لا يزالون فاعلين قادرين على الضغط العسكري والسياسي، وأنهم لن يتنازلوا عن خياراتهم العسكرية تجاه “إسرائيل” حتى لو تم التفاهم حول قضية محددة مثل حماية السفن.

– حسابات داخلية: الحوثيون يواجهون ضغوطاً داخلية كبيرة، سواء من حيث الحفاظ على شرعيتهم وقوتهم أمام قواعدهم الشعبية أو داخل تحالفاتهم الإقليمية، واستمرار الهجمات على “إسرائيل” يعزز صورتهم كجبهة مقاومة مما يقوي موقفهم داخلياً.

– عدم الثقة بالتفاهمات: قد يعكس استمرار الهجمات شكوك الحوثيين أو عدم رضاهم عن الاتفاق مع الولايات المتحدة بشأن وقف هجمات على السفن، فهم ربما يرون أن الاتفاق لا يلبي كامل أهدافهم الاستراتيجية، أو يخشون من استخدامه كورقة ضغط ضدهم مستقبلاً.

– الحفاظ على ورقة التفاوض: استمرار الهجمات يمنح الحوثيين أوراق قوة يمكن استخدامها في مفاوضاتهم المستقبلية، سواء مع الولايات المتحدة أو مع دول إقليمية، فالاحتفاظ بخيار الهجوم على “إسرائيل” يرفع من قيمتهم في طاولة المفاوضات.

– تأثير على الحلفاء الإقليميين: الحوثيون قد يستخدمون الهجمات كطريقة لإظهار التزامهم تجاه إيران أو حلفائهم الإقليميين، خصوصاً في ظل التوترات المتصاعدة في المنطقة، مما يرسخ مكانتهم في التحالفات الإقليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى