الاخبار

خلال 44 عاماً.. مجلس التعاون يعزز مكانة دول الخليج عالمياً

حققت دول مجلس التعاون الخليجي انجازات فارقة على الصعيد السياسي والاقتصادي.

توسطت دول الخليج في عدد من القضايا والملفات المعقدة كغزة وأفغانستان والبرنامج النووي.

اقتصاد الخليج أصبح ضمن أكبر اقتصادات العالم ودخل الفرد يبلغ 3 أضعاف المعدل العالمي.

على مدار أربعة عقود ونصف تقريباً، عزز مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مكانة دوله في المنظومة الاقتصادية والسياسية العالمية، لتصبح أرقاماً لا يمكن تجاوزها في المعادلات السياسية والاقتصادية والأمنية.

نجاحات فارقة على الصعيد المالي، دفعت باقتصاد الخليج ليصبح في المرتبة الـ11 ضمن قائمة أكبر اقتصادات العالم، مع تقدم لافت في المجال التقني والتكنلوجي والرقمي، والذكاء الاصطناعي.

أما الصعيد السياسي، فدول الخليج أصبحت قبلة عالمية، لحل النزاعات العالمية، كما باتت فاعلة في صناعة القرار والسياسة الدولية، نظراً لما تملكه من ثقل وإمكانات سياسية ودبلوماسية ووسائل تأثير غير عادية.

وكذلك الحال في المجال الأمني والعسكري، والثقافي والفني، أصبحت دول الخليج في صدارة المشهد الشرق أوسطي، وذلك بعد عقدين ونصف من التكتل ضمن مجلس التعاون.

اقتصاد أقوى

يحضر الاقتصاد عند الحديث عن قوة مجلس التعاون الخليجي الذي تأسس قبل 44 عاماً (25 مايو 1981)، ويعزز ذلك الأرقام التي تحققها هذه الدول مجتمعة ومنفردة.

ووفق إحصائية نشرها المركز الإحصائي الخليجي، السبت (24 مايو 2025)، فإن اقتصاد دول الخليج أصبح في المرتبة الـ11 كأكبر اقتصاد عالمي، بناتج محلي إجمالي بلغ 2.1 تريليون دولار.

وبحسب المركز، فقد بلغ مجموع الأصول الاحتياطية الأجنبية لدى دول المجلس 748 مليار دولار، فيما يقدر حجم أصول صناديق الثروة السيادية بـ4.9 تريليونات دولار، تمثل 37% من أصول أكبر 100 صندوق ثروة سيادية على مستوى العالم.

كما تستحوذ أسواق المال الخليجية على 4.3% من إجمالي القيمة السوقية لأسواق المال العالمية، لتحتل المرتبة الـ7 عالمياً من حيث حجم القيمة السوقية.

وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، أشار المركز إلى أنه من المتوقع أن يسهم بنسبة 34% من الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج بحلول عام 2030، لافتة إلى أن خمسة من دول المجلس مصنفة بين أفضل 50 اقتصاداً عالمياً من حيث جاهزية الحكومات لتبني هذا القطاع، متجاوزة المتوسط العالمي بجدارة.

وقال الأمين العام لمجلس التعاون، جاسم البديوي، في حفل أقيم بمناسبة الذكرى الـ44 لتأسيس المجلس، إن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 36.8 ألف دولار، وهو ما يفوق ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي، مما يعكس ارتفاع مستوى الدخل وتحسن نوعية الحياة للمواطن الخليجي.

وأشار البديوي، إلى أنه من المتوقع أن يستمر النمو الاقتصادي لدول المجلس بوتيرة أعلى في 2025، ليبلغ 4.5%، مع نمو في القطاع غير النفطي بنسبة 3.3% في نفس العام.

وأوضح أن دول المجلس مجتمعة تتجه لتصبح ضمن قائمة أكبر سبع مناطق مالية عالمية، حيث بلغت القيمة السوقية الإجمالية لأسواق المال الخليجية أكثر من 4.3% من الإجمالي العالمي.

الكهرباء والتعليم

وبالنسبة للكهرباء، قال البديوي، إن قدرة إنتاجها من المصادر المتجددة في دول المجلس تبلغ نسبة 30% من إجمالي إنتاج الشرق الأوسط، كما بلغت 54.5% من إنتاج طاقة الرياح، وهو ما يعد 30% من الإنتاج العالمي.

وفيما يتعلق بالبنية التحتية الخليجية، أفاد أمين عام مجلس التعاون، إلى أن حجم الصادرات البينية بلغت 131.6 مليار دولار بنسبة نمو قدرها 67%.

كما بلغ إجمالي رؤوس أموال الشركات المساهمة العامة المسموح تداول أسهمها من قبل مواطني دول مجلس التعاون الأخرى 520.4 مليار دولار بنسبة نمو قدرها 226.9%.

بمجال التعليم، بلغ عدد الطلاب الخليجيين الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي في دول مجلس التعاون غير دولهم نحو 12.8 ألف طالب، ما يعزز تبادل الكفاءات ويرسخ مبدأ المواطنة الاقتصادية والتعليمية المشتركة.

ثقل دبلوماسي

السياسة والدبلوماسية ساحة أخرى للإنجاز والإبهار الخليجي، وعلى مدى عقود أربعة ونصف، تحولت دول الخليج من الهامش إلى متن السياسة الدولية، وأصبحت في قلب التحولات، نظراً للثقل السياسي والدبلوماسي الذي تمثله.

ويقول البديوي إنه “على الرغم من كافة التحديات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ظلت مسيرة مجلس التعاون مثالاً يحتذى في وحدة الصف، والتكامل الفاعل، والتعاون البناء، حتى غدت نموذجاً رائداً على المستويين الإقليمي والدولي، وعلى كل الأصعدة ومختلف المجالات”.

وأضاف أن “مسيرة المجلس شهدت محطات مضيئة وإنجازات نوعية، وأن دوله أصبحت نموذجاً يُحتذى به في العمل الجماعي، وشريكاً يعتمد عليه إقليمياً ودولياً، وأصبحت محط أنظار العالم بفضل رؤيتها الاستراتيجيّة وسياساتها المتزنة التي ترتكز على إعلاء قيم الأمن والسلم، وتعزيز مسارات التنمية المستدامة والازدهار”.

البديوي تطرق إلى الشراكات واللقاءات التي عُقدت خلال الأشهر الماضية، منها القمة الخليجية الأوروبية، والقمة الخليجية الأمريكية، وخلال الأيام المقبلة ستُعقد قمم مع رابطة دول الآسيان والصين.

وتصدرت دول الخليج مشهد الدبلوماسية الدولية، من خلال جملة من الوساطات الناجحة، كما هو حال الوساطة القطرية في ملف أفغانستان، ووساطتها الحالية في حرب غزة، وكذلك الوساطة العُمانية بين إيران والولايات المتحدة، وفي الأزمة اليمنية، والدور السعودي في ملف السودان، والحرب في أوكرانيا، والتقريب بين الحكومتين الأمريكية والروسية.

قوة فاعلة

وبالنظر للواقع اليوم، يتضح كم أن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت رقماً صعباً، وفاعلاً قوياً في صناعة السياسة والمتغيرات، ووفقاً للدكتور محمد العريمي، الكاتب والباحث في الشؤون السياسية ورئيس جمعية الصحفيين العُمانية، فإن دول المجلس قد قطعت شوطاً كبيراً نحو تعزيز حضورها الإقليمي والدولي.

وأضاف في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “لقد أصبحت دول الخليج اليوم فاعلاً محورياً في قضايا الطاقة العالمية، والأمن الإقليمي، والسياسات الاقتصادية الدولية، كما تمكنت دول المجلس من تحقيق قدر كبير من الاستقرار النسبي”.

ولفت العليمي إلى أن دول الخليج “نقلت اقتصاداتها إلى مراحل أكثر تنوعاً، خصوصاً مع تنامي برامج التحول الاقتصادي في هذه الدول مثل رؤية السلطنة 2040 ورؤية السعودية 2030 ورؤية قطر 2030”.

واستطرد قائلاً: “كما أظهرت دول المجلس قدرة متزايدة على إدارة التحديات الجيوسياسية من خلال سياسات خارجية أكثر فاعلية ومرونة وتحركات دبلوماسية مستقلة توازن بين المصالح الإقليمية والدولية”.

ونوّه إلى أن دول المجلس، طوّرت خلال السنوات الماضية، البنى الأساسية وتحسنت مؤشرات التعليم وأيضاً الصحة، وشهدت قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والسياحة والرياضة نهضة كبيرة واضحة.

تعزيز الأمن

ويرى العريمي، أنه منذ تأسيسه عام 1981، “لعب مجلس التعاون الخليجي دوراً أساسياً في تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء في السياسات الخارجية والاقتصادية وكانت أبرز مساهماته في مجال التكامل الاقتصادي من خلال السوق الخليجية المشتركة، وتيسير حركة المواطنين والبضائع، ووضع الأسس لاتحاد جمركي موحد، بل والعمل سابقاً نحو فكرة العملة الخليجية الموحدة”.

وتابع تصريحه لـ”الخليج أونلاين” قائلاً:

  • في مجال التنسيق السياسي والأمني برز المجلس كمنصة جماعية لبلورة مواقف موحدة تجاه قضايا إقليمية مثل الحرب في اليمن، والتصدي للتهديدات الإيرانية، أو دعم القضية الفلسطينية، فضلاً عن إطلاق مبادرات للتعاون الأمني مثل درع الجزيرة.
  • وفيما يخص العمل المشترك دولياً برز الصوت الخليجي الموحد من خلال إسهام المجلس في تعزيز قدرة الدول الأعضاء على التفاوض والتأثير في القضايا الدولية، لاسيما في مجال الطاقة، حيث بات لدول الخليج صوت موحد أكثر تأثيراً في منظمة أوبك، كما في المؤتمرات الدولية مثل G20 وCOP للمناخ.

تحديات

ويشير العريمي، إلى أنه رغم الإنجازات، فإن لمجلس التعاون عدد من التحديات الهيكلية والسياسية في المرحلة المقبلة، أبرزها حسب قوله:

  • تفاوت الرؤى السياسية؛ حيث شهدت المنطقة توترات داخلية مثل الأزمة الخليجية 2017–2021، والتي كشفت “هشاشة التنسيق السياسي” بين بعض الدول الأعضاء، رغم المصالحة السعودية لاحقاً في قمة العلا.
  • الاعتماد المستمر على النفط والغاز على الرغم من جهود التنويع، فلا تزال اقتصادات دول الخليج العربي مرتبطة بشكل كبير بعائدات الطاقة، ما يجعلها عرضة للتقلبات العالمية.
  • من جانب آخر توجد التحديات الجيوسياسية المتمثلة في التدخلات الإقليمية لإيران، والتحولات في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، وصعود قوى آسيوية جديدة مثل الصين والهند والتي تسعى لإعادة رسم النفوذ في منطقة الخليج العربي.
  • أيضاً التحولات الاجتماعية والديموغرافية والتي تشمل ضرورة التكيف مع مجتمع شاب متطلع للتغيير، وضغوط خلق وظائف، وتحقيق التنمية المستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى