الاخبار

حياد أم انيحاز.. أين تقف دول الخليج في الصراع بين إيران و”إسرائيل”؟

– لقاءات مكثفة بين وزراء مجلس التعاون الخليجي ونظيرهم الإيراني، والذي ناقش التصعيد في المنطقة

– أمير دولة قطر عقد اجتماعاً مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان في الدوحة

تجد دول المنطقة نفسها وخصوصاً دول الخليج العربي، في خضم تصعيد إقليمي بين “إسرائيل” وإيران، تخشى أن ينعكس سلباً على أمنها واقتصادها، واستقرارها السياسي، ومآلات الصراع الممتد أصلاً في المنطقة منذ الـ7 من أكتوبر العام 2023.

ولطالما أظهرت الدول الخليجية نضوجاً ملفتاً في التعامل مع قضايا العالم الشائكة، لكن الصراع الإيراني الإسرائيلي يدور في المحيط، وقد تكون له تداعيات اقتصادية وسياسية، كما قد يلقي بظلاله على مسار السلام في المنطقة، ما قد يطلب منها التعامل بشكل مختلف في هذه الأزمة.

وفي ظل نذر حرب بين إيران و”إسرائيل” بعد التطورات المتسارعة مؤخراً، تُطرح أسئلة حول دور بلدان المنطقة، ومن ذلك دول الخليج العربية التي تجمع بعضها علاقات مع “إسرائيل”، وما الممكن الذي قد يحدث خصوصاً عقب رسائل تطمينية خليجية لإيران؟

رسائل تطمين ولقاءات

كانت الدوحة مطلع أكتوبر الجاري على موعدٍ مع لقاءات مكثفة بين وزراء مجلس التعاون الخليجي ونظيرهم الإيراني، والذي ناقش التصعيد في المنطقة والذي كان آخره القصف الإيراني لـ”إسرائيل” والتطورات في لبنان وغزة.

وكشف الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، عن عقد اجتماع مشترك “غير رسمي” بين الجانبين، بحث آخر التطورات السياسية الإقليمية والدولية، وأكد ضرورة خفض التصعيد بالمنطقة.

الاجتماع انعقد بالأساس على هامش قمة حوار التعاون الآسيوي (ACD)، التي انطلقت (3 أكتوبر 2024)، في العاصمة القطرية الدوحة.

وأكد مجلس التعاون خلال الاجتماع “أهمية خفض التصعيد والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتجنيب المنطقة مزيداً من عدم الاستقرار ومن أخطار الحروب والدمار وآثارها على شعوب المنطقة والعالم”.

وعقب الاجتماع بساعات كشفت وكالة “رويترز”، أن وزراء من دول الخليج وإيران ناقشوا خفض التصعيد في الصراع بعد هجوم إيران الصاروخي على “إسرائيل”.

ونقلت الوكالة عن مصدرين قولهما إن “دول الخليج بعثت برسالة لإيران، سعت من خلالها إلى طمأنتها عن حيادها في الصراع مع إسرائيل”.

بزشكيان في الدوحة

وفي العاصمة القطرية أيضاً، كان أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قد عقد اجتماعاً مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان (2 أكتوبر)، حيث أكد الأخير أن بلاده لا تتطلع “للحرب ولكن نتطلع للسلام والهدوء”، مؤكداً أنها سترد بشكل “أقوى وأشد إذا قامت إسرائيل بالرد علينا”.

وأكد أنهم (دون إشارة لطرف محدد)، “طلبوا منا التريث في الرد على اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران لإعطاء فرصة للمفاوضات، لكن إسرائيل دفعتنا للرد بعد استهداف ضيفنا وتصعيد الوضع في لبنان واستمرار الاعتداءات بغزة”.

أما أمير قطر فقد قال أن العدوان الإسرائيلي على لبنان يضع المنطقة برمتها على حافة الهاوية، مشيراً في مؤتمر صحفي له مع الرئيس الإيراني إلى أنه بحث معه “الظروف الصعبة والدقيقة التي تمر بها منطقتنا والمتمثلة بالعدوان على غزة والأقصى”.

وأضاف: “التصعيد الأخير على لبنان هو ما حذرنا منه منذ بداية العدوان على غزة”، مؤكداً “مواصلة مساعينا وجهودنا لوقف الحرب في غزة”، وداعياً المجتمع الدولي لإلزام “إسرائيل بإيقاف عدوانها على غزة”.

وكان مسؤول إيراني قال عبر قناة “الجزيرة”، (3 أكتوبر)، إن طهران وجهت عبر دولة قطر رسالة لواشنطن تناولت أوضاع المنطقة بعد ضربتها الأخيرة لـ”إسرائيل”، مشيراً إلى أن بلاده أكدت في رسالتها غير المباشرة لواشنطن انتهاء مرحلة ضبط النفس من طرف واحد”، وأن ضبط النفس الفردي “لا يؤمّن متطلبات أمننا القومي”.

وأوضح المسؤول الإيراني أن “رسالة طهران لواشنطن أكدت أن أي هجوم إسرائيلي سيقابل برد غير تقليدي يشمل البنى التحتية”.

زيارة إيرانية 

وعقب تلك اللقاءات التي جاءت على هامش اجتماع الدوحة، قام وزير الخارجية الإيراني بزيارة رسمية إلى الرياض التقى خلالها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل أن يزور الدوحة، والتي تركزت زيارته في مجملها البحث في آخر التطورات بالمنطقة.

وأكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد عبد الرحمن لعراقجي، ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد، وتجنب اتساع دائرة العنف في المنطقة.

فيما أكد عراقجي خلال لقاء مع قناة “الجزيرة” على هامش زيارته، أن الدول الكبرى في المنطقة بإمكانها أن تلعب دوراً حيال التصعيد الحالي، وأضاف “دور السعودية كبير في المنطقة وقطر دولة مؤثرة ونجري مشاورات معهما لوقف الحرب”.

موقف الخليج

وتضغط دولاً خليجية على واشنطن لمنع “إسرائيل” من ضرب حقول النفط الإيرانية، وذلك انطلاقاً من أن تتأثر بسبب ذلك خصوصاً من استهدافٍ متوقع من جماعات موالية لإيران.

وتنقل وكالة “رويترز” عن مصادر قولها أنه في إطار محاولات لتجنب الانزلاق رغما عنها في الصراع رفضت دول خليجية من بينها السعودية والإمارات وقطر السماح لـ”إسرائيل” بالتحليق ضمن مجالها الجوي في أي هجوم على إيران، ونقلت هذا إلى واشنطن.

كما أكدت رئاسة الأركان الكويتية أنها لم ولن تسمح باستخدام أو اختراق أجوائها وأراضيها لاستهداف أي من دول المنطقة، مشيرة أنه لا صحة الادعاء باستخدام أراضي وقواعد دولة الكويت منطلقاً لاستهداف دول الجوار.

وسبق أن أعلنت السعودية رفضها  استخدام مجالها الجوي في أي قصف جوي على اليمن، محذرةً في الوقت ذاته من اختراق أجوائها.

في تقرير لها، قالت صحيفة “الغارديان، إن دول مجلس التعاون الخليجي تشعر بالقلق من التقارير التي تتحدث عن خطط إسرائيلية لضرب المنشآت النفطية الإيرانية، علاوة عن المنشآت النووية.

وتؤكد أن الموقف من مجلس التعاون الخليجي، “هو أن وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل هو الحل للأزمة. لكن اغتيال إسرائيل لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، وجّه ضربة لآمال الدوحة لتحقيق هذا الأمل”.

وإذا استمر صعود “إسرائيل”، فسيكون هذا معضلة لدول الخليج العربية. فمن ناحية، قد يؤدي إضعاف النفوذ الإيراني على المدى الطويل إلى خلق فراغ غير مرغوب فيه ومزعزع للاستقرار، حيث لا يسيطر على المنطقة سوى الجدار الحديدي الإسرائيلي. ومن ناحية أخرى، قد يمثل ذلك فرصة للدول الإقليمية لاستغلال ضعف إيران ودفع الجهات الفاعلة غير الحكومية المدعومة من طهران إلى الوراء، بحسب الصحيفة.

رفض الانخراط بالحرب

يقول الخبير العسكري، إسماعيل أبو أيوب، إن إعلان دول الخليج حيادها في التصعيد، هي “رسالة لإيران” بأن دول الخليج “لن تنخرط بأي شكل من الأشكال في هذا الصراع لو حدث”، وفق حديثٍ نقلت عنه قناة “الحرة” الأمريكية.

ولدى سؤاله عن إمكانية إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات ومنع عبور الصواريخ، قال: “سيُغلق ربما بالنسبة للطيران المدني، أما بالنسبة للطيران الحربي والصواريخ سواء من إيران أو إسرائيل، فإنها ستُعتبر أهدافا معادية (لدول الخليج)”.

فيما نقلت وكالة “رويترز”، عن علي شهابي المحلل السعودي المقرب من الديوان الملكي السعودي قوله: لقد “صرح الإيرانيون: إذا فتحت دول الخليج مجالها الجوي أمام إسرائيل، فسيكون ذلك عملا حربيا”.

وأضاف أن “طهران أرسلت رسالة واضحة إلى الرياض مفادها أن حلفاءها في دول مثل العراق أو اليمن قد يردون إذا كان هناك أي دعم إقليمي لإسرائيل ضد إيران”.

ويرى الأكاديمي الإماراتي، عبدالخالق عبدلله، أن دول مجلس التعاون الخليجي “لن تسمح” بمرور الصواريخ والطائرات الأمريكية والإسرائيلية لضرب إيران، مؤكداً على أن دول الخليج “ليست طرفا في التصعيد”. 

وكتب عبدالخالق عبدالله عبر صفحته على “إكس”: “لن تسمح دول الخليج العربي بعبور صاروخ أمريكي أو إسرائيلي واحد عبر أجوائها للهجوم على ايران ولن تسمح لطائرة اسرائيلية أو أمريكية واحدة عبور أجواءها”. 

وأردف الأكاديمي الإماراتي قائلاً: “إسرائيل تدرك ذلك… أمريكا تدرك ذلك… وإيران تدرك ذلك”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى