الاخبار

حظر الإخوان في الأردن.. الأبعاد والتداعيات المتوقعة

  • قرار حظر جماعة الإخوان في الأردن سيلقي بظلاله على الحياة السياسية في البلاد.

  • القرار يشكل تحولاً نوعياً في مقاربة الدولة الأردنية لمهددات الأمن الوطني.

في خطوة سياسية دراماتيكية قررت الحكومة الأردنية حظر عمل جماعة الإخوان المسلمين بالكامل وإغلاق مقراتها ومصادرة ممتلكاتها، وذلك بعد اعتقال أعضاء فيها لقيامهم بتشكيل خلية لزعزعة أمن المملكة واستقرارها.

وبالرغم من أن هذا القرار ما هو إلا استكمالاً لحكم قضائي سابق قضى بحل الجماعة في عام 2020، إلا أنه يمثل انعطافه مهمة في علاقة الجماعة بالدولة الأردنية.

ومن شأن هذا القرار أن يعيد رسم الخارطة السياسية في الأردن، خصوصاً في هذه المرحلة التي تواجه فيها البلاد تحديات خارجية كبرى، فكيف سينعكس على المشهد السياسي الداخلي؟

حظر شامل

ويوم 23 أبريل 2025، أعلن وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، فرض حظر شامل على جماعة الإخوان وإغلاق جميع مقارها ومصادرة كل مملكاتها وتجفيف منابع تمويلها.

ونصت قرارات الداخلية الأردنية، على الإنفاذ الفوري لأحكام القانون على الجماعة، باعتبارها جمعية غير مشروعة في إشارة لقرار محكمة التمييز أعلى سلطة قضائية في البلاد القاضي بحلها عام 2020، وذلك بعد رفضها معالجة وتصويب أوضاعها القانونية، ليأتي قرار الحظر بمثابة تنفيذ لذلك الحكم القضائي.

كما شدد الفراية على اعتبار أي نشاط لها مخالفاً للقانون ويوجب المسائلة، كما تضمن الحظر، منع القوى السياسية، ووسائل الإعلام، ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ومؤسسات المجتمع المدني، وأي جهة أخرى من التعامل أو النشر للجماعة أو الأذرع التابعة لها.

وجاء قرار الحظر بعد أسبوع من إحباط المخابرات الأردنية، مخططات كانت تستهدف المساس بالأمن الوطني، حيث تم القبض على 16 شخصاً بعضهم من المنتمين لجماعة الإخوان.

وكشفت وزارة الداخلية أن الخلية المقبوض عليها متورطة في تصنيع صواريخ ومسيرات وتلقي تدريبات، بهدف تنفيذ مخططات داخل المملكة، وذلك بعد متابعة استخباراتية استمرت عدة أعوام.

لكن الجماعة وفي بيان لها، قالت إن تلك الأعمال “فردية” نافية أي علاقة لها بها، كما أعلنت جبهة العمل الإسلامي “الجناح السياسي للحركة” تجميد عضوية 3 من أعضائها ممن وردت أسمائهم ضمن خلية الـ16.

وعقب قرار الحظر أعلنت جبهة العمل الإسلامي، أن نهج الجماعة سلمي وأن الخروج على هذه القاعدة يعني خروجاً من الجماعة، وفق تصريحات أدلى بها البرلماني عن الجبهة موسى الوحش.

تحولاً نوعياً

تأسست جماعة الإخوان في الأردن أواخر العام 1945، وطيلة 80 عاماً مارست نشاطاً دعوياً وسياسياً ملحوظاً في المملكة، ومرت العلاقة بينها وبين السلطات بمحطات ومنعطفات عدة.

وفي آخر انتخابات للمجلس النيابي عام 2024 خاضتها الجماعة، حصلت جبهة العمل الإسلامي وتحالفها، على 31 مقعداً من أصل 138.

ويرى البرلماني الأردني عمر عياصرة، في تصريح لشبكة “سي إن إن” الأمريكية (23 أبريل 2025)، أن المرحلة الحالية تؤسس لمرحلة جديدة تقوم على 3 قواعد هي:

  • الفصل بين السياسي والدعوي.
  • الالتزام بالمصالح الوطنية الأردنية العليا وفك أي ارتباط بالخارج.
  • الالتزام بمسار الدولة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وعدم الاعتراض عليه.

كما يشكل قرار حظر الجماعة، تحولاً نوعياً في مقاربة الدولة الأردنية لما تعتبرها “تهديدات مركبة” تمس الأمن الوطني، وفق المحلل السياسي الأردني الدكتور منذر الحوارات.

وقال الحوارات في تصريحات لـ”الخليج أونلاين”:

  • قرار حظر الإخوان في الأردن، لم يأت من فراغ، بل جاء عقب اكتشاف خلية مسلحة مرتبطة بالجماعة، تعمل على تصنيع أسلحة وصواريخ داخل المملكة.

  • هذا يعطي انطباع أن الكشف ذو طابع استباقي، ويهدف إلى قطع الطريق أمام تكرار السيناريوهات الأمنية التي شهدتها دول عربية كثيرة، وهو مرتبط أيضاً بسياقه الإقليمي، ذو طبيعة ضاغطة.

  • الإقليم أصبح في مواجهة مفتوحة مع تيار الإخوان المسلمين وهناك محاور متضادة، وعمّان حاولت أن تنأى بنفسها لكن ما حصل دفعها بهذا الاتجاه.

  • الأردن لم يكن يريد أن يصل إلى هذا المستوى، ولا أن يتعرض لارتداد ما يحصل في الإقليم من معادلات خطرة، لكن يبدو أن تطور الأحداث ذهب بهذا الاتجاه.

  • الإخوان المسلمين هم جزء من التركيبة الاجتماعية بصفتهم جميعة خيرية ودعوية، كما أنهم جزء من التركيبة السياسية منذ العام 1992، وكانت علاقتهم في المراحل الأولى مع الدولة الأردنية جيدة، وكانوا جزء من المنظومة السياسية للدولة.

  • جماعة الإخوان كانت جزء أصيل من التوازنات الداخلية التي ساهمت في الاستقرار السياسي خلال مراحل معينة ومعقدة في السبعينيات وأيضاً خلال حرب أيلول 1970.

  • لكن بعد 2011 دخلت جماعة الإخوان في تحالفات خارجية، ووسعت أنشطتها السياسية والدعوية داخل الأردن.

  • هذا الأمر ولد شعوراً لدى دوائر صنع القرار بأن الجماعة لم تعد تقتصر على كونها تنظيم وطني خالص، بل باتت تعكس أجندات خارجية تتقاطع أحياناً بشكل سلبي مع الأمن الوطني.

  • هناك ثلاثة مشاهد مزعجة حصلت قبل الإعلان عن الخلية المسلحة، أولها تغييب العلم الأردني عن أي مظاهرة كان الإخوان يخرجوا فيها، والثاني الهتاف لشخصيات غير أردنية، كمحمد الضيف ويحيى السنوار (القياديان في حركة حماس الفلسطينية).

  • من المشاهد المزعجة أيضاً ترديد سؤال “أين الجيش”، وهو سؤال استنكاري إجابته “نائم أو من هذا القبيل”.

  • جاء بعد ذلك الخلية الأخيرة التي كانت بمثابة القشة التي دفعت الدولة لاتخاذ قرار جذري، بالتالي اننقلت العلاقة من مرحلة الاحتواء إلى القطيعة، ومن ثم نحن في مرحلة الاجتثاث.

  • الجماعة حالياً في مرحلة الترقب، وقرار حظرها سيعيد رسم التوازنات داخل الساحة السياسية الأردنية، خصوصاً أن جبهة العمل الإسلامي تمثل قوة تنظيمية وسياسية وانتخابية وازنة.

  • ستحاول الجماعة أن تعود من بوابة العمل الحزبي القانوني، في حال تم حظر جبهة العمل الإسلامي، وستمارس نوعاً من التقية السياسية وتدخل في إطارات سياسية جديدة، كما ستحاول تجنب الاصطدام المباشر مع الدولة لتحفظ بقية الأوراق التي تمتلكها.

  • حالة التوتر متوقعة أيضاً، وبالتالي يمكن أن ندخل في موضوع المظلومية والمشروعية، وهذا يحتم على الدولة أن تعطي خطاباً متوازنا ومقنعاً.

  • في نهاية الأمر كل هذا ليس قراراً أمنياً فقط، بل هو تحول سياسي اجتماعي عميق في الأردن، يؤكد أن الدولة تعيد هندسة عقدها الاجتماعي باتجاه أولويات جديدة، الأمن الوطني أولاً، والمواطنة الجامعة فوق كل الولاءات التنظيمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى