جباليا.. سكان صامدون ومقاومة صلبة أمام جيش لا إنساني
يعمل الاحتلال أيضاً على تضييق الخناق أكثر على سكان جباليا من خلال منع طواقم الدفاع المدني من العمل هناك
في وسط جباليا التي تتعرض لهجوم عسكري إسرائيلي عنيف منذ بداية أكتوبر الماضي، وقتل بلا رحمة، وتدمير ممنهج للمبانِ والبنية التحتية، يصر محمد دردونة على البقاء في منزله برفقة أبنائه وزوجته وعدم الاستجابة لتهديدات جيش الاحتلال التي لا تتوقف ضد من تبقى في المدينة.
يعيش دردونة برفقة عشرات العائلات التي أصرت هي الأخرى على البقاء في أحد أحياء جباليا، وسط ظروف معيشية صعبة، ولا يتوفر لهم الطعام والماء إلا بعد مخاطرة كبيرة في الحصول إليه.
كما يعتمد على بعض المعلبات التي حصل عليها من إحدى المؤسسات الإغاثية التي تمكنت من الدخول إلى جباليا لوقت قصير ثم عادت إلى مدينة غزة، ولا يتوفر لديه الدقيق لإعداد الخبز، وكذلك المياه يتم استخراجها من بئر يعمل على الطاقة الشمسية.
وبدأ جيش الاحتلال عملية عسكرية ضد جباليا شمال قطاع غزة في بداية أكتوبر الماضي، حيث دخلت قوات كبيرة من الجيش إليها، وفرضت حصاراً خانقاً، وقامت بتجويع السكان من خلال منع إدخال المواد الأساسية لهم.
يقول دردونة لـ”الخليج أونلاين”: “نعيش أوقات لا استطيع أوصفها ولا يصدقها أي إنسان، فأصوات القصف والانفجارات المخيفة لا تتوقف، وتشعر أن منزلك سيسقط عليك بسبب شدتها”.
ويضيف ابن جباليا: “الموت لا يتوقف والدماء تنزف طيلة الأوقات في جباليا، والشوارع مليئة بالجثث، ولا أحد يستطيع انتشالها ودفنها، ووصل الأمر إلى قيام الكلاب والقطط بنهش جثامين الشهداء”.
إلى جانب القصف والموت يمارس جيش الاحتلال الضغط النفسي على من تبقى في جباليا، عبر إطلاق أصوات للقطط والكلاب، وأطفال يبكون في الليل، من خلال مكبرات صوت يتم وضعها على طائرات مسيرة تقوم بالتحليق على ارتفاعات منخفضة في المدينة، وفقاً لدردونة.
وكحال دردونة، لا يزال أحمد حمادة برفقة عائلته وجيرانه في أحد أحياء جباليا، رافضين النزوح والخروج منها، رغم صعوبة القصف الإسرائيلي، وارتكاب المجازر بشكل مستمر.
يقول حمادة لـ”الخليج أونلاين”: “القصف والموت في جباليا والدمار لا يوصف، ولكن نحن اتخذنا قرار الموت في بيوتنا على النزوح والعيش في خيمة بهذه الأجواء والبرودة القاسية في هذه التوقيت من العام”.
أكثر ما يعانيه حمادة ومن تبقى من جيرانه في جباليا، هو توفير الطعام والماء، خاصة أن عدداً كبيراً من السكان نزحوا إلى مدينة غزة بعد اشتداد القصف الإسرائيلي، وارتكاب مزيد الجرائم بحق المدنيين.
وصل الحال بحمادة إلى أكل أوراق الشجر، وطحن ما تبقى لديهم من معكرونة لإنتاج الخبز، خاصة مع تشديد الحصار من قبل جيش الاحتلال على جباليا، وإطلاق النار على كل من يحاول الدخول أو الخروج إليها.
يعمل الاحتلال أيضاً على تضييق الخناق أكثر على سكان جباليا من خلال منع طواقم الدفاع المدني من العمل هناك، وقصف مركباتهم وعناصرهم.
وأكد جهاز الدفاع المدني أنهم نقلوا عن شهود تأكيدهم ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي جرائم قاسية ومروعة بحق المواطنين هناك بشمال قطاع غزة.
وقال الجهاز في تصريح وصل “الخليج أونلاين” نسخة منه: “تؤكد هذه العائلات التي نزحت في مدرسة خليل عويضة بعزبة بيت حانون أنهم شاهدوا من 10 إلى 15 جثمان متفحمة بفعل الحرائق التي أصابتهم نتيجة القصف الإسرائيلي المكثف لغرف ومرافق المدرسة التي كانت تؤوي نحو 1500 نازح”.
وأوضحت العائلات حسب الجهاز، أنهم شاهدوا بعض الجثامين المتحللة في الأزقة والشوارع، وأن عدة منازل مأهولة بالسكان بجوار المدرسة تعرضت لقصف عنيف.
إلى جانب صمود سكان جباليا، تواصل المقاومة الفلسطينية التصدي لجيش الاحتلال، وتنفيذ الكمائن بحق الآليات العسكرية والضباط والجنود.
أبرز تلك العمليات، ما أعلن عنه كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من استهداف هجوم مقاتليها شاحنة تقل عدداً من جنود الاحتلال غرب مخيم جباليا في التاسع من الشهر الجاري.
وقالت كتائب القسام في مقطع فيديو، نشرته السبت 14 ديسمبر الجاري، إنها استهدفت شاحنات وآليات عسكرية محملة بالجنود الإسرائيليين قرب مفترق الاتصالات غرب مخيم جباليا.
وسبق إعلان القسام، تأكيد الاحتلال الإسرائيلي مقتل ضابط وجنديين في كمين لـ”القسام” في جباليا.
كما تنوعت عمليات القسام بين استهداف دبابات ميركافا وجرافات عسكرية من طراز “دي-9” بعبوات ناسفة وقذيفة التاندوم وقذائف “الياسين 105″، إضافة إلى قنص جنود واستهداف قوة راجلة بقذيفتين مضادتين للأفراد، وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح.
واستهدفت “القسام” وفق بياناتها المستمرة، قوة إسرائيلية من 7 جنود داخل أحد المنازل بقذيفة “تي بي جي” مضادة للتحصينات، وتم “الإجهاز عليها من مسافة صفر بالأسلحة الرشاشة والقنابل اليدوية” قرب مسجد أولي العزم في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة.
وكان أبرز هذه العمليات استهداف مقاتلي “القسام” دبابة ميركافا بقذيفة “الياسين 105″، ومن ثم اعتلوها وأجهزوا على طاقمها وغنِموا رشاشاً منها، قرب مدرسة الفاخورة غرب مخيم جباليا، وفقا لما أعلنته الكتائب عبر تطبيق “تليغرام”، في نوفمبر الماضي.