تهديدات ترامب لـ”حماس”.. أبعادها على غزة واستقرار المنطقة

المحلل السياسي د. هيثم هادي نعمان الهيتي:
حديث ترامب لا يشير إلى حصول حرب.
هناك العديد من العمليات الخاصة التي قد تنفذ في المستقبل، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي.
الحصار الاقتصادي يُعتبر من الأدوات الرئيسية في سياسة ترامب.
تشكل تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجديدة لحركة “حماس”، بعواقب “وخيمة” في حال عدم إفراجها الفوري عن الأسرى الإسرائيليين الأحياء وجثث القتلى، تطوراً مقلقاً للأوضاع في قطاع غزة، ودعماً لتل أبيب في عدم إكمال اتفاق وقف الحرب وتبادل الأسرى.
جاء هذا التهديد في منشور على منصة “تروث سوشال” الخميس (6 مارس الجاري)، حيث دعا ترامب “حماس” إلى “إطلاق سراح جميع الرهائن الآن، وليس لاحقاً، وإعادة فورية لجميع جثث الأشخاص الذين قتلتهم، أو إن الأمر انتهى بالنسبة لك”.
وأكد على أن “كل ما يحتاجه الإسرائيليون لإنهاء المهمة سيتم توفيره”، في تهديد مباشر يبعث على التصعيد، مشدداً على أن “هذا هو التحذير الأخير، وقد حان الوقت الآن لمغادرة (حماس) غزة، بينما ما تزال لديكم فرصة”
تأتي هذه التهديدات في وقت حساس، حيث تشهد المنطقة حالة من التوتر الشديد، مع ما تشهده من تحديات تهدد السلام، خاصة فيما يتعلق بعدم تطبيق “إسرائيل” بنود الاتفاق المبرم مع “حماس”.
الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بوساطة قطرية مصرية أمريكية، حدد ثلاث مراحل للموافقة على تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
أوفت “حماس” بالاتفاق حيث أطلقت في المرحلة الأولى سراح 33 أسيراً، لكن “إسرائيل” تراجعت عن الالتزام بالمرحلة الثانية من الاتفاق، والتي كانت تتضمن إنهاء الحرب بشكل كامل؛ مما يعكس حالة من التباين في المواقف بين الطرفين.
رد حماس
في رد فعل على تهديدات ترامب، قال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، سلامة معروف، إن التصريحات الأمريكية تمنح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “القوة والقدرة على الاستمرار في جرائمه ضد 2.4 مليون إنسان، هم سكان غزة”.
وأضاف معروف أن “شعبنا أو مقاومته في غزة لم يكن هو المشكلة أبداً، بل كانت المشكلة دائمًا هي الاحتلال”، مؤكداً أن العدوان الإسرائيلي على غزة ما هو إلا انعكاس لسياسات الاحتلال في الضفة الغربية والقدس.
وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أكد في تصريح لاحق، جدية تهديدات ترامب، وذلك في مقابلة مع “فوكس نيوز” ظهر فيها وهو يرسم الصليب على وجهه.
روبيو قال إنه يأمل أن “تفعل حركة حماس بالضبط ما طلب منها الرئيس دونالد ترامب، وأن تأخذ تهديده على محمل الجد لأنه لن يقول شيئاً إلا إذا كان جاداً بشأنه”.
وأوضح أن “الرئيس ترامب نفد صبره إزاء ما يجري بشأن الأسرى الإسرائيليين في غزة، وآن الأوان لوضع حد لذلك”، على حد وصفه.
اتصالات مباشرة
جاءت تهديدات ترامب بعدما كشف البيت الأبيض أن الولايات المتحدة أجرت اتصالات مباشرة لأول مرة مع “حماس” في الدوحة، بالتشاور مع “إسرائيل”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن الموفد الخاص لشؤون الرهائن آدم بولر يجري هذه المفاوضات ولديه سلطة التحدث مع أي طرف كان.
وبحسب موقع “أكسيوس” فإن بولر شارك في المحادثات التي أجريت خلال الأسابيع الأخيرة، لكن لم يتم التوصل إلى أي اتفاق حتى الآن.
بدوره أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان علمه بإجراء واشنطن محادثات مباشرة مع “حماس”، وقال إن “إسرائيل” أعربت للأمريكيين عن رأيها بشأن تلك المباحثات.
من جانبه قال الرئيس السابق لهيئة الأمن القومي الإسرائيلي إيال حولاتا لإذاعة جيش الاحتلال، إن الأمريكيين يدركون أنه من أجل إتمام صفقة التبادل فإنه يجب الحديث مع “حماس”، لكنهم “يوضحون لها أن صبر الرئيس ترامب بدأ ينفد”.
أبعاد تهديدات ترامب
المحلل السياسي د. هيثم هادي نعمان الهيتي، يرى أن أسلوب الرئيس الأمريكي يعتمد على التحذيرات أكثر من التهديدات، مشيراً إلى أن ترامب يحذر من عواقب أي قرار يتخذ، وهو لا يهدد بالحروب.
وأضاف الهيتي في حديث لـ”الخليج أونلاين” أن ترامب يعارض الحروب التقليدية، حيث يفضل استخدام الأساليب الاقتصادية مثل الحرب التجارية، إلى جانب العمليات الخاصة التي تستهدف مجموعات معينة لتنفيذ مهام محددة.
الهيتي لفت إلى أن “حديث ترامب لا يشير إلى حصول حرب، بل هناك العديد من العمليات الخاصة التي قد تنفذ في المستقبل، بالإضافة إلى الحصار الاقتصادي الذي يُعتبر من الأدوات الرئيسية في سياسة ترامب”.
وأوضح أن هذه الأدوات، العمليات الخاصة والحصار الاقتصادي، قد تساهم في تغيير ملامح الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن تجربة الحروب لم تكن ناجحة.
يرى الخبير السياسي أن تحذيرات ترامب لحماس، جديرة بالاهتمام، لكنه لا يعتقد أن الرئيس الأمريكي “يقصد شن حرب على غزة أو الدفع إلى توتر يشعل حرباً في المنطقة”.
وبدلاً من ذلك -والحديث للهيتي- قد يتخذ ترامب خطوات مثل تنفيذ إنزال قوة خاصة أو اتخاذ إجراءات تهدف إلى إضعاف الوضع الاقتصادي في غزة، “مما يؤدي إلى إجبار حركة حماس على التنازل”.
ما طرحه الرئيس الأمريكي “ضيق كثيراً على حماس، والحلول المطروحة لها أصبحت أكبر من قدرتها على التكيف”، بحسب الهيتي، الذي يجد أن ما تواجهه الحركة من ضغوط “سيضطرها للتحول إلى العمل السياسي، وهو ما قد يعيد الوضع في غزة إلى وضع مقبول من الناحيتين العربية والأمريكية”.