الاخبار

تكتل سياسي جديد في اليمن برعاية أمريكية.. الأهداف ودلالة التوقيت

ما هي أهداف التكتل اليمني الذي أُعلن عنه في عدن برعاية أمريكية؟

  • استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب.
  • حل القضية الجنوبية كقضية رئيسية ومفتاح لمعالجة القضايا الوطنية.

احتضنت مدينة عدن اليمنية يوم (5 نوفمبر)، فعالية إشهار التكتل الوطني للأحزاب والقوى السياسية، والذي ضم قرابة 22 حزباً ومكوناً وطنياً بهدف دعم الشرعية وتوحيد الصفوف لمواجهة انقلاب الحوثيين وحل أزمات البلاد.

التكتل الوليد خرج إلى النور بعد أشهر من المداولات التي أشرفت عليها واشنطن، كما حضر السفير الأمريكي ستيفن فاجن إلى جانب رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك حفل الإشهار.

ويعكس التشكيل السياسي محاولة أمريكية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مركب الشرعية اليمنية، بعد أن تغول الحوثيون وأصبحوا قوة فاعلة خصوصاً بعد انخراطهم بفعالية في تنفيذ هجمات في البحر الأحمر والعرب خلال العام المنصرم، فما الذي يحمله هذا التكتل وما دلالة التوقيت؟

مظلة سياسية

عانت اليمن طيلة السنوات الماضية من انقسام حاد حتى في صفوف القوى والمكونات والأحزاب المؤيدة للشرعية، وهذا ساهم إلى حد كبير في تعثر جهود استعادة الشرعية اليمنية، التي قادتها السعودية منذ (مارس 2015).

وخلال حفل إشهار التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، جرى إقرار اللائحة التنظيمية له واختيار السياسي المخضرم أحمد عبيد بن دغر رئيساً لمجلسه الأعلى.

التكتل جاء كمحصلة لسلسلة من الاجتماعات التي عقدتها الأحزاب والقوى اليمنية على مدى شهور برعاية أمريكية وأبرز أهدافه هي:

  • استعادة الدولة وتوحيد القوى الوطنية لمواجهة التمرد وإنهاء الانقلاب.
  • حل القضية الجنوبية كقضية رئيسية ومفتاح لمعالجة القضايا الوطنية.
  • وضع إطار خاص لها في الحل السياسي النهائي، والتوافق على رؤية مشتركة للسلام.
  • دعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني.
  • مساندة الحكومة في برنامجها الاقتصادي لتقديم الخدمات للمواطنين، وعودة المؤسسات إلى عدن.

ووفق بيان إشهار التكتل فإن الباعث الأساسي وراء تشكيله هو “تعزيز الاصطفاف الوطني من أجل إنهاء انقلاب جماعة الحوثي واستعادة الدولة، وأنه ليس موجها ضد أحد من شركاء العمل السياسي”.

وأبرز الأحزاب والقوى المنضوية تحت مظلته، هي حزب الإصلاح “ذراع الإخوان في اليمن”، والمؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الناصري، والمكتب السياسي للمقاومة الوطنية، والحراك الجنوبي السلمي.

وبالرغم من عدم صدور أي موقف تجاه هذا التكتل من قبل السعودية، إلا أن الرياض كانت محطة مهمة لسلسلة اجتماعات سبقت ولادته، كما دعمت المملكة توحيد صفوف القوى اليمنية المنضوية تحت مظلة الشرعية، في محاولة منها لتعزيز وجود الشرعية في الداخل اليمني، وكذا تعزيز سلطة مجلس القيادة الرئاسي.

جهات رافضة

وبالرغم من المسعى الأمريكي الحثيث لجمع كل القوى اليمنية ضمن صفوفه، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي أحد أهم المكونات الفاعلة في جنوب اليمن، رفض الانخراط في هذا التكتل.

وقال المجلس في بيان لها إنه “على الاستعداد للتحاور مع هذا التكتل لمواجهة خطر الحوثي” لكنه أكد أنه غير مشارك في التكتل، معلناً عدم التزامه بأي مخرجات أو نتائج ليس مشاركاً فيها أو غير موافق عليها، وتمسكه بخيار حق تقرير المصير لـ”شعب الجنوب”، كذلك أعلنت جماعة “الحوثي” في صنعاء رفضها وإدانتها لهذا التكتل الوليد.

دعم أمريكي محوري

وأبدت الولايات المتحدة اهتماماً خاصاً بتوحيد القوى والأحزاب اليمنية، ومنذ أبريل الماضي رعت اجتماعات تحضيرية للأحزاب اليمنية قادت لإعلان هذا التكتل.

وكدلالة على رعاية واشنطن للتكتل السياسي اليمني، جرى حفل إشهاره برعاية وكالة التنمية الأمريكية “USAID”، والمعهد الوطني الديمقراطي “NDI”، إلى جانب حضور السفير الأمريكي.

كما اعتبر السفير فاجن في كلمته أن التكتل “يمثل لحظة محورية في التاريخ السياسي لليمن” مضيفاً أن “الكيانات التي ساهمت في تشكيله أظهرت أن هناك أملاً في يمن سلمي ومزدهر يقوده اليمنيون من أجل اليمن”.

حاجة ضرورية

ووفقاً لأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور ناصر الطويل، فإن مجلس القيادة الرئاسي يضم المكونات العسكرية الرئيسية في البلاد، لافتاً إلى أن الأساس الفلسفي لتشكيله، يتمثل في توسيع قاعدة المشاركة، وأن يضم كل القوى المناوئة للحوثيين.

وأضاف الطويل في تصريح لـ”الخليج أونلاين”، أن وجود تحالف ممثلاً بالمجلس الرئاسي، يقتضي أن يكون هناك تحالفاً بين الأحزاب والمكونات والقوى المنخرطة فيه، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء التكتل الوطني للأحزاب والقوى اليمنية”.

وفيما يتعلق بدلالة التوقيت، أشار الطويل إلى أن “امتداد الهدنة دفع الأحزاب والقوى السياسية إلى التفكير في إنشاء هذا التحالف، خصوصاً أن اليمن تمر حالياً بحالة مراوحة، ما يستدعي تمتين وتقوية جبهة الشرعية من خلال إيجاد تحالف بين مكوناتها”.

وقال الأكاديمي اليمني: “هذا المجلس يحوز على دعم وإسناد كلاً من، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والذي يركز في كل خطاباته وأنشطته، على تحالف جمهوري يضم كل المكونات المناوئة للحوثيين، والمنخرطة في مجلس القيادة والداعمة له”، إضافة إلى أن جهود هيئة التشاور والمصالحة أيضاً قادت إلى إعلان هذا التحالف.

واستطرد قائلاً: “الأوضاع الاقتصادية المزرية، والضائقة التي تمر بها الشرعية، هي أيضا واحدة من العوامل التي تدفع لتشكيل هذا التكتل، ثم يأتي حزب الإصلاح، الذي يدفع بقوة نحو إنشاء مثل هذا التحالف بين القوى المؤيدة للشرعية”.

كما نوّه إلى أن “هناك رغبة دولية أيضاً وراء إنشاء هذا التكتل” مشيراً إلى “وجود تحول في موقف أمريكا نتيجة اشتباكات البحر الأحمر، وربما بدرجة أقل في أوساط دول الاتحاد الأوروبي”.

وأوضح الطويل أيضاً أن “المجتمع الدولي يرى أنه من المصلحة تمكين وتقوية جبهة مجلس القيادة الرئاسي”، لافتاً إلى أن “رعاية المعهد الديمقراطي الأمريكي لإعلان هذا التكتل يعطي مؤشر دولي على دعمه، كما أنه ساهم في إعلان التكتل في عدن، كونه من الصعب عقد أي اجتماع مماثل بسبب المجلس الانتقالي الجنوبي بدون وجود مظلة المعهد الديمقراطي”.

تأثير مشروط

ويرى الطويل، أن نجاح “التكتل الوطني للأحزاب والقوى اليمنية” مرتبط بعدة أمور، أبرزها موقف المجلس الانتقالي الجنوبي، لافتاً إلى أن التكتل سيكون له أثر قوي في الميدان إذا ما انضم إليه المجلس الانتقالي مضيفاً في هذا الصدد:

  • أحد غايات هذا التحالف هو ضم المجلس الانتقالي، على اعتبار أن هناك تحالف سابق يضم الكثير من المكونات ما عدا مكتب طارق صالح والمجلس الانتقالي الجنوبي.
  • المجلس الانتقالي في حالة من الإرباك وعدم الوضوح هو حضر الاجتماع في أبريل الماضي ووقع على الأولوية الوطنية التي خرج بها البيان آنذاك، ثم ظهرت  خلافات داخل المجلس الانتقالي من خلال ما يسمى الهيئة السياسية، وهاجمت الاجتماع ومخرجاته.
  • مستقبل التحالف مرهون بانضمام أو عدم انضمام المجلس الانتقالي، إذ أن انضمامه يعني تحقيق أهداف التكتل، وفي حال لم ينضم سيكون أثره محدود وضعيف.

المجتمع الدولي

كما يرى الطويل أن اهتمام المجتمع الدولي بالقضية اليمنية محدود للغاية، لافتاً إلى أن “اشتباكات البحر الأحمر أعادت الاهتمام نسبيا بهذه القضية، لكن المجتمع الدولي يفصل بين أمرين، تحييد هذه الاشتباكات وإيقافها، وعدم التورط في الأزمة اليمنية، وبالتالي هناك فصل من قبل المجتمع الدولي بين هذين المسارين، وتحديداً من قبل الأمريكيين”.

واستطرد قائلاً:

  • الأمريكيون يبذلون جهود لوقف عمليات الحوثيين في البحر الأحمر، لكن جهودهم تقف عند هذا الحد، لا يرغبون في أن يوجهوا ضربة كبرى للحوثيين.
  • المجتمع الدولي مهتم فقط بإحياء عملية السلام، بعد أن تتوقف الحرب العدوانية التي تخوضها “إسرائيل” في غزة، وبمجرد أن تقف هذه الأزمات سيدفع المجتمع الدولي باتجاه تسوية.
  • تماسك جبهة المجلس الرئاسي ستكون من الأمور المهمة في التسوية، ولذلك ربما دعمه لتشكيل هذا التحالف يأتي في هذا الإطار، لغرض المضي في مسار المفاوضات، وليس تغيير الميزان العسكري والسياسي في البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى