تصعيد إسرائيلي جديد ضد سوريا.. الأبعاد والتداعيات

• جيش الاحتلال شن غارات ونفذ توغلات في مناطق عدة جنوب سوريا.

• نتنياهو ووزير دفاعه تعهدوا بإبقاء جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح.

• دول مجلس التعاون الخليجي نددت بالاعتداءات الإسرائيلية على سوريا.

في تصعيد مستمر كثفت “إسرائيل” من غاراتها وتوغلاتها في سوريا، بالتزامن مع تصريحات مستفزة أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعدد من مسؤولي دولة الاحتلال ضد الدولة السورية.

التصعيد الإسرائيلي يأتي بعد نحو 3 أشهر من سقوط نظام بشار الأسد والذي كانت سوريا في عهده مستباحة لدولة الاحتلال، لكن “إسرائيل” ترى في الوضع الحالي خطراً كبيراً عليها.

وتشير التحركات الإسرائيلية إلى سعيها لفرض واقع جديد في الجنوب السوري بأكمله، وليس فقط في المنطقة العازلة الأمر الذي يفرض تحديات ويتطلب مواقفاً عربياً داعماً لدمشق.

تصعيد غير مسبوق

وليل الثلاثاء الموافق 25 فبراير الماضي، شن جيش الاحتلال غارات على مواقع متفرقة في محيط منطقة الكسوة جنوب دمشق، بالإضافة إلى قصف استهدف بلدة إزرع في ريف درعا، ومواقع أخرى في القنيطرة.

وقال جيش الاحتلال إنه نفذ غارات على قواعد عسكرية كانت تخدم جيش نظام الأسد سابقاً وأنه دمّر وسائل قتالية في دمشق، في حين قالت مصادر صحفية عبرية، إن الجيش الإسرائيلي نفذ توغلاً محدوداً في ريف القنيطرة وريف درعا.

وكان نتنياهو قال يوم 23 فبراير الماضي، إن الجيش الإسرائيلي سيبقى في جنوب سوريا خلال المستقبل المنظور، وإن “إسرائيل” لن تسمح بوجود ما أسماه “تنظيم هيئة تحرير الشام” أو أي جيش سوري جديد في المنطقة الواقعة جنوب دمشق، محذراً في الوقت نفسه من أي تهديد للطائفة الدرزية في جنوب سوريا.

تصريحات نتنياهو تزامنت مع تصريحات مماثلة لوزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس” قال فيها إن “أية محاولة من قبل قوات النظام الجديد للتمركز في المنطقة الأمنية جنوبي سوريا سيتم الرد عليها بالنيران”.

وعقب التهديدات الإسرائيلية أوضح مبعوث الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف (26 فبراير الماضي)، أنه يعتقد أن هناك “إمكانية لانضمام سوريا ولبنان للتطبيع مع إسرائيل” بعد الضربات القوية التي تعرضت لها القوى المدعومة من إيران هناك، في إشارة إلى “حزب الله” وسقوط نظام بشار الأسد.

إدانة خليجية وعربية

التصعيد الإسرائيلي قوبل بإدانة واسعة من دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية وإسلامية، فضلاً عن الأمم المتحدة وبعض الأطراف الدولية.

واعتبرت قطر القصف الإسرائيلي على سوريا، بمثابة اعتداء صارخ على سيادة ووحدة سوريا، وانتهاك سافر للقانون الدولي، مشددة على ضرورة أن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤولياته القانونية والأخلاقية لإلزام الاحتلال بالامتثال لقرارات الشرعية الدولية، ووقف الاعتداء على سوريا.

كذلك السعودية نددت بالقصف الإسرائيلي على سوريا، مؤكدة أنه يهدف لزعزعة استقرار سوريا مؤكدة تضامنها معها، داعية المجتمع الدولي لإيقاف هذه التصرفات الإسرائيلية.

الخارجية الكويتية أيضاً، استنكرت بشدة لتلك الاعتداءات، معتبرة إياها انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي الذي أكد أن تلك الاعتداءات تهدد أمن واستقرار المنطقة.

كما أدانت مصر والأردن وتركيا والأمم المتحدة الاعتداءات الإسرائيلية، ومن المحتمل أن تكون على أجندة اجتماع القمة العربية الطارئة في القاهرة يوم 4 مارس الجاري.

هدف سياسي وأمني

من وجهة نظر الباحث والسياسي السوري مُضر رياض الدبس، فإن الحدود السورية الإسرائيلية ظلت مؤمنة خلال فترة حكم الأسد، بموجب تفاهم لا يزال غير مفهوم، لافتاً في تصريح لـ”الخليج أونلاين” إلى أن النظام البائد لم يترك خلفه وثائق دولة، لأنه كان يتعامل بطبيعة الحال بمنطق مختلف.

وأضاف في هذا السياق:

• “إسرائيل” تسعى لإعادة بناء أمن الحدود كما كان في عهد الأسد، وتريد أن تكون الحكومة السورية مسؤولة عن منع أي تهديد على حدودها.

• أهداف “إسرائيل” سياسية وأمنية أكثر منها عسكرية، فهي لا تسعى إلى احتلال أراضٍ سورية إلا بما يخدم مصالحها الأمنية.

• “إسرائيل” تمارس استفزازات عسكرية كوسيلة ضغط على الحكومة السورية، بهدف دفعها نحو وساطة تضمن بقاء الجبهة هادئة.

• الحديث الإسرائيلي عن حماية الدروز في سوريا مجرد دعاية مضللة، والغرض الحقيقي منه هو زعزعة الاستقرار وإثارة الفوضى.

• تصريحات المبعوث الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف الأخيرة تشير إلى احتمال فرض تطبيع بين سوريا و”إسرائيل”.

• الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب قد تسعى إلى فرض تطبيع مشابه لاتفاقيات “إبراهيم”، وقد يتم الإيحاء للسوريين بأن رفضه سيؤدي إلى سيناريوهات كارثية عليهم.

• لكن المزاج العام السوري يرفض أي وجود أو تمثيل دبلوماسي لـ”إسرائيل”، فالقضية الفلسطينية جزء من وجدان السوريين وتؤثر في توجهاتهم تجاهها.

• سوريا الخارجة من حرب مدمرة تحتاج إلى إعادة بناء سياسي ودفاعي، والحلول الدبلوماسية لوقف الاستفزازات الإسرائيلية هي الوحيدة حالياً.

• يمكن استغلال علاقات سوريا مع الدول الإقليمية والدول الكبرى مثل الاتحاد الأوروبي.

• لا يزال الموقف الأمريكي غير واضح، لكنه قد يلعب دورًا إيجابيًا في استقرار سوريا.

• الدول العربية لا تقبل باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا، لكن رغم ذلك لا يمكن المراهنة على موقف عربي موحد بسبب تاريخ الجامعة العربية المخيب للآمال.

• بعض الدول الإقليمية المعنية باستقرار سوريا قد تساهم في وقف العدوان الإسرائيلي.

• قطر والسعودية لا تزالان تحافظان على مقاربة أخلاقية تجاه المسألة السورية.

• التعاون بين دول الخليج مثل قطر، السعودية، والكويت، إضافة إلى تركيا، ضروري لتحقيق الاستقرار في سوريا.

• تركيا المعنية جداً بمسالة الاستقرار في سوريا، ومتأثرة مباشرةً من أي بلبلة أو عراقيلٍ قد تؤدي إلى تأخير ذلك.

• تحالف تركي – خليجي ضرورة لمواجهة السياسات الإسرائيلية وأي فوضى ناتجة عن قرارات إدارة ترامب، ويمكن أن يمتد هذا التعاون ليشمل الدول الأوروبية أيضاً.