الاخبار

تحقيقات 7 أكتوبر.. مماطلة نتنياهو تؤكد تسببه بـ”الإخفاق الكبير”

يحاول نتنياهو تأجيل أي محاسبة إلى ما بعد انتهاء الحرب بشكل كامل

يواجه رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ضغوطاً متزايدة بشأن تهربه من تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الإخفاق الأمني الكبير الذي أدى إلى هجوم السابع من أكتوبر عام 2023، والذي تسبب في مقتل مئات الجنود والمستوطنين.

وعلى الرغم من المطالبات المتكررة والدعوات المستمرة لإنشاء لجنة تحقيق رسمية لكشف المسؤولين عن هذا الفشل، فإن نتنياهو يواصل تأجيل البت في الأمر، مما يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لهذا التأخير وخشيته من تحمل مسؤولية هذا الإخفاق التاريخي.

تشير عدة تقارير إسرائيلية إلى أن نتنياهو كان على علم مسبق بتحذيرات استخباراتية تفيد بوجود تهديد أمني خطير، إلا أنه تجاهلها، الأمر الذي يجعله عرضة للمساءلة القانونية والسياسية في حال تم تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.

وأمام تلك التقارير يرفض نتنياهو حتى الآن الاستجابة للمطالب المتزايدة بإجراء تحقيق رسمي، والذي قد تكون له تداعيات خطيرة على مستقبله السياسي.

إضافة إلى ذلك، يعتمد نتنياهو على دعم أحزاب اليمين المتطرف في حكومته، والتي ترى أن فتح تحقيق رسمي قد يؤدي إلى إضعاف الحكومة وزعزعة استقرارها، حيث رفض الائتلاف الحكومي، في أكثر من مناسبة، مقترحات تشكيل لجنة تحقيق رسمية، مما يشير إلى وجود مصلحة سياسية واضحة في عرقلة التحقيق.

كما يحاول نتنياهو تأجيل أي محاسبة إلى ما بعد انتهاء الحرب بشكل كامل، مستغلاً الوضع الأمني المتوتر للبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة، إلى جانب محاولته فرض سيطرته على مفاصل القضاء في دولة الاحتلال لمنع أي محاسبة مستقبلية قد تطاله.

مقارنات تاريخية

تاريخياً، شهدت “إسرائيل” تشكيل العديد من لجان التحقيق في أوقات الأزمات، حيث تم إنشاء ما يقارب 15 لجنة تحقيق رسمية منذ ستينات القرن الماضي، وخصوصاً بعد الهزيمة في حرب 1973، واغتيال رئيس الحكومة إسحق رابين في عام 1995، وغيرها من الأحداث الأمنية والسياسية الكبرى.

ومع ذلك، فإن استمرار حكومة الاحتلال في عرقلة تشكيل لجنة تحقيق بشأن أحداث 7 أكتوبر يعكس مدى حساسية القضية وتعقيداتها.

التأجيل المتكرر

في أحدث تطورات الملف، انتهى اجتماع حكومة الاحتلال، الذي عقد مساء الاثنين 9 فبراير الجاري، بعد نحو أربع ساعات من المناقشات دون التوصل إلى أي قرار بشأن تشكيل لجنة تحقيق رسمية.

ووفقاً لصحيفة “معاريف” العبرية، فقد قرر وزراء الحكومة عقد اجتماع آخر بشأن هذه القضية بعد 90 يوماً، في محاولة واضحة للمماطلة وتأجيل أي محاسبة محتملة.

واللافت أن هذا الاجتماع لم يكن ليعقد لولا تدخل محكمة العدل العليا الإسرائيلية، التي أصدرت في ديسمبر الماضي حكماً يجبر الحكومة على عقد جلسة استماع بشأن إنشاء لجنة تحقيق حكومية في غضون 60 يوماً، وهو ما اضطر نتنياهو للاستجابة شكلياً دون تقديم أي التزام حقيقي بإجراء تحقيق مستقل.

وفي ظل غياب تحقيق رسمي، بادرت لجنة تحقيق إسرائيلية مدنية –غير رسمية– بإجراء تحقيق مستقل حول أحداث 7 أكتوبر، وخلصت إلى أن الحكومة فشلت في حماية الإسرائيليين، وأنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا الإخفاق.

أكدت اللجنة، التي استمعت إلى 120 شهادة، أن رئيس الوزراء نتنياهو “قاد (إسرائيل) إلى أكبر كارثة أمنية في تاريخها الحديث”.

تلاعب نتنياهو

الخبير في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد يوضح أن في “إسرائيل” يريدون تشكيل لجنة تحقيق رسمية وليس سياسية كما يريد نتنياهو الذي هدفه من ذلك إخضاعها إلى دائرة الجدال السياسي، ويكون فيها تمثيل كبير للحكومة التي لن تدين نفسها.

يقول أبو عواد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “نتنياهو يعلم أن لجنة التحقيق الرسمية هي فوق السياسة، تنبثق عن الدولة بموافقة الكثير من الجهات، لذلك هو يرفض لأن مثل تلك اللجنة ستدينه حول قبل أحداث السابع من أكتوبر وخلال اليوم”.

ويشير إلى أن هناك معلومات وإشارات ترشح أن نتنياهو كان لديه معلومات تفيد بوجود سلوك مريب لعناصر حركة “حماس” في قطاع غزة، وطالبت “إسرائيل” بالتحرك، ولكن لم يتم ذلك.

ولفت إلى أن هناك نوع من الإهمال حسب الحديث في “إسرائيل”، وعدم جهوزية فرقة غزة، وفضيحة تتعلق باستخبارات الاحتلال، لتقيم ما حدث وتعرف ما الذي جرى، ومواكبة تطور الأوضاع الأمنية، إضافة إلى فضيحة أمنية أخرى حول ردة فعل الطيران.

ويذكر أن “نتنياهو لا يريد في آخر حياته السياسية الخروج أمام المجتمع الإسرائيلي، كشخص مدان، ويتم تقييمه بأنه من أسوأ القادة التاريخيين في إسرائيل؛ كونه يضع نفسه إلى جانب قيادة الدولة التاريخيين، لذلك يرفض لجنة التحقيقات الرسمية التي تحتاج إلى سنوات من العمل”.

المعارضة تقود الحراك

أمام إصرار نتنياهو على رفض أي تحقيق رسمي، صعدت المعارضة من تحركاتها، حيث بادر زعيمها، يائير لابيد، بالتوقيع على عريضة تطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر، وذلك بمشاركة حزب “يش عتيد” وعدد من منظمات المجتمع المدني.

وأطلقت المعارضة حملة توقيعات وطنية لحشد الدعم الشعبي لإنشاء لجنة تحقيق حكومية، في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على الحكومة لإجبارها على الاستجابة للمطالب المتزايدة بإجراء تحقيق شفاف ومستقل.

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن لابيد قوله: “الحكومة لا تريدنا أن نعرف أن رئيس الوزراء اطلع على المعلومات الاستخباراتية وتجاهلها”، مشيراً إلى أن “محاولات دفن لجنة التحقيق تكشف عن حجم التستر الحكومي على الفشل الأمني الذي أدى إلى الكارثة”.

وأمام تلك الدعوات للتحقيق، لا تزال تداعيات أحداث 7 أكتوبر تلقي بظلالها على المشهد السياسي في “إسرائيل”، حيث يتصاعد الجدل حول تشكيل لجنة تحقيق رسمية في ظل إصرار نتنياهو على المماطلة والتأجيل.

وفي المقابل تواصل المعارضة حراكها للضغط من أجل تحقيق شفاف ومستقل، لكن يبقى السؤال الأبرز، هل سينجح نتنياهو في تفادي المساءلة، أم أن الضغوط المتزايدة ستجبره في النهاية على مواجهة الحقائق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى