تجويع ممنهج.. “إسرائيل” تدمر الزراعة في غزة وتهدد الأمن الغذائي

– دمار القصف الإسرائيلي أصاب أكثر من 71% من الأراضي المزروعة بالأشجار والخضروات

– استهدف الاحتلال الدفيئات الزراعية والآبار ومحطات الري مما أدى إلى شلل شبه كامل في الإنتاج الزراعي المحلي

أظهرت الأيام الأولى لوقف إطلاق النار في قطاع غزة استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل ممنهج للسلة الغذائية الأساسية لسكان القطاع، من خلال تدميره مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.

واستهدف جيش الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة الحقول والمزارع في مختلف أنحاء القطاع، مما أدى إلى تلف المحاصيل الزراعية الأساسية مثل القمح والخضروات والفواكه، إضافة إلى تجريف مساحات واسعة من الأراضي لتصبح غير صالحة للزراعة على المدى القريب والمتوسط.

وتعمد الاحتلال أيضًا استهداف البيوت البلاستيكية (الدفيئات الزراعية) والآبار ومحطات الري، مما أدى إلى شلل شبه كامل في الإنتاج الزراعي المحلي.

أرقام أممية

منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” أكدت، في تقرير لها، أنه حتى 1 سبتمبر 2024، تضرر أكثر من ثلثي الأراضي الزراعية في غزة، أو ما يعادل 10,183 هكتارًا (الهكتار 10,000 متر مربع)، جراء العدوان الإسرائيلي.

وأظهر أحدث حصر للأضرار الزراعية – الذي يستند إلى صور الأقمار الصناعية وأجرته “الفاو” وبرنامج التطبيقات الساتلية العملياتية (اليونوسات) التابع للأمم المتحدة – أن 67.6% من الأراضي الزراعية لحقت بها الأضرار.

وتسجل محافظة شمال غزة حالياً أعلى نسبة من الأضرار بين جميع المحافظات، حيث بلغت 78.2%، حسب الإحصائيات الأممية.

كما أصابت الأضرار، وفقاً لـ”فاو”، أكثر من 71% من البساتين وغيرها من الأراضي المزروعة بالأشجار، و67% من المحاصيل الحقلية، و58.5% من محاصيل الخضروات.

وتظهر الصور تضرر 1,188 من أصل 2,261 بئراً زراعياً، ما يمثل 52.5% من إجمالي الآبار، إضافة إلى تدمير أكثر من 44% من الدفيئات الزراعية.

كما دمر الاحتلال القسم الأكبر من البنية التحتية في ميناء غزة وقوارب الصيد، وتقدر وزارة الزراعة في غزة نسبة تدمير الثروة السمكية بنحو 98%، وفق بيانات رسمية.

من جانبها، قالت بيث بيكدول، نائبة المدير العام لمنظمة “الفاو”، إن “ذلك يثير مخاوف كبيرة بشأن إمكانية إنتاج الأغذية حالياً وفي المستقبل، حيث تؤدي هذه الأضرار إلى تفاقم خطر الانتشار الوشيك للمجاعة في كامل قطاع غزة”.

وأوضحت بيكدول، في تصريح منشور عبر موقع المنظمة، أن أزمة الغذاء في قطاع غزة تعد أخطر أزمة غذائية في تاريخ تقارير المنظمة، مشيرة إلى أن 96% من أهالي قطاع غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد بتصنيف رقم 3 وما فوقه من تصنيفات المنظمة، أي “الطوارئ” و”الكارثة”.

وفقاً لبيان صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بشأن تأثير العدوان الإسرائيلي على القطاع الزراعي في غزة، فقد بلغت نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لعام 2022 نحو 11%.

كما أظهرت الإحصاءات أن نسبة الصادرات الزراعية من قطاع غزة شكلت 55% من إجمالي الصادرات للعام ذاته، بقيمة أولية بلغت 32.8 مليون دولار أميركي.

وتركزت هذه الصادرات بشكل أساسي في زراعة الخضروات ومنتجات البستنة والمشاتل، بقيمة بلغت 16.1 مليون دولار.

استهداف ممنهج

مدير اتحاد لجان العمل الزراعي، فؤاد أبو سيف، أكد أن سلطات الاحتلال دمرت خلال حربها المدمرة على قطاع غزة أكثر من 75% من القطاع الزراعي.

ويقول أبو سيف في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “يتعمد الاحتلال الإسرائيلي، منذ اللحظات الأولى لحربه على غزة، تدمير وتجريف كل ما تصل إليه دباباته وطائراته وصواريخه من أراضي القطاع، وخصوصًا الزراعية منها”.

وأشار إلى أن مناطق شمال غزة تعد من أشد المناطق تضرراً جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة، حيث تستحوذ على أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في القطاع عموما بنسبة تزيد على 33% من المساحة المخصصة لزراعة الخضروات والمحاصيل الحقلية، وهي تساهم في توفير أكثر من 30% من الحاجات الغذائية للقطاع.

وأوضح أن مدينة خان يونس شهدت أيضاً دماراً واسعاً لأراضيها الزراعية، إذ تم تدمير أكثر من 90% منها، مما يسلط الضوء على حجم الضرر الهائل الذي وقع على البنية التحتية الزراعية في القطاع.

وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي استهدف أشجار الزيتون بشكل ممنهج، وهي تشكل حوالي 60% من أشجار البستنة في القطاع.

ولفت إلى أن الاحتلال ألحق بالقطاع الزراعي في غزة، الذي يعتبر الدعامة الأساسية للاقتصاد المحلي، خسائر فادحة، حيث يقدر معدل الخسائر اليومية في الإنتاج الزراعي بنحو 2 مليون دولار أميركي.

وأضاف أن القطاع الزراعي في غزة يشكل ركناً أساسياً وحيوياً ضمن مكونات الاقتصاد الفلسطيني، إذ يساهم بشكل ملموس في الناتج المحلي الإجمالي إلى جانب قطاعات إنتاجية أخرى، كما يتميز بدوره الفعال في تعزيز الاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل والمساهمة في الحد من البطالة.

ويتوقع أن تتجاوز الخسائر الزراعية الكلية ربع مليار دولار، بعد تدمير الاحتلال آلاف الأشجار وتجريف العديد من المساحات والممتلكات الزراعية.