“الهيدروجين العُماني”.. وقود المستقبل يعبر البحر نحو أوروبا

كيف ستستفيد عُمان من الممر التجاري العالمي لتصدير الغاز المُسال إلى أوروبا؟
- سيعزز مكانة السلطنة في سوق الطاقة النظيفة عالمياً.
- تنويع مصادر الدخل من خلال تقليل الاعتماد على النفط والغاز.
- يخلق المزيد من فرص العمل ويجذب المزيد من الاستثمارات.
في خطوة طموحة تعزز مكانة عُمان كمركز عالمي للطاقة النظيفة، وقّعت السلطنة في (15 أبريل الجاري)، اتفاقية تاريخية مع هولندا وألمانيا لإنشاء أول ممر تجاري عالمي لتصدير الهيدروجين المًسال.
ويربط هذا الممر ميناء الدقم العُماني بميناء أمستردام ومراكز لوجستية في ألمانيا أبرزها ميناء دويسبورغ، ومنه إلى أسواق أوروبية أخرى، الأمر الذي يرسخ مكانة السلطنة في هذه الصناعة الواعدة، وتعزيز أمن الطاقة العالمي.
كما يهدف الممر أيضاً إلى تصدير الهيدروجين المسال المتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي للوقود المتجدد، ما يشكل نقلة كبيرة بالنسبة لاقتصاد السلطنة.
نقلة نوعية
ويعتبر الممر الأول من نوعه بالعالم لتصدير الهيدروجين المسال، في خطوة رائدة ستضع عُمان في صدارة الدول المنتجة للطاقة النظيفة، كما سيفتح المجال أمام المزيد من الاستثمارات الضخمة، والشراكات الاستراتيجية.
وستتولى شركة “هايدروم” العمانية مسؤولية مواءمة الإنتاج مع الخطط الوطنية، وضمان تكامل المشروع مع البنية الأساسية والاستراتيجية الشاملة للقطاع، في حين ستعمل شركة “أوكيو” العمانية على تطوير محطة الهيدروجين المُسال والمنشآت المرتبطة بها، بما في ذلك مرافق التخزين والتصدير.
كما سيعزز النمو المتسارع لمشاريع الهيدروجين الأخضر في منطقة الدقم، جاهزية الممر وقدرته على الإسهام في تحقيق المستهدفات الوطنية، وتوظيف البنية الأساسية المتكاملة التي توفرها المنطقة الاقتصادية الخاصة والموقع الاستراتيجي للميناء، بحسب وكالة الأنباء العُمانية.
كما سيتم الاعتماد على سفن متخصصة مجهّزة بتقنيات متقدمة، تقوم بتطويرها شركة “أيكولوج” الألمانية لضمان نقل الهيدروجين المُسال بكفاءة عالية.
وفي الجانب الأوروبي سيرتكز الممر على إنشاء محطات تحويل الهيدروجين المُسال إلى حالته الغازية في ميناء أمستردام، ليتم بعدها تزويد القطاعات الصناعية في هولندا وألمانيا باحتياجاتها من الهيدروجين عبر شبكات أنابيب الغاز، وخطوط السكك الحديدية، والممرات المائية، وفق الوكالة.
خطوة استراتيجية
واعتبر سالم العوفي وزير الطاقة والمعادن العُماني رئيس مجلس إدارة “هايدروم”، الاتفاقية بمثابة “خطوة استراتيجية في مسيرة السلطنة نحو بناء اقتصاد قائم على الهيدروجين الأخضر”، مشيراً إلى أنه سيربط قدراتها الإنتاجية بالأسواق العالمية كما سيعزز جاهزيتها لريادة القطاع.
أما وزيرة المناخ والنمو الأخضر الهولندية صوفي هيرمانز، فقالت إن هذه الاتفاقية “تمثل محطة مهمة في مسيرة التعاون بين السلطنة وهولندا في مجالات الطاقة النظيفة”.
كما بينت أن “هذا المشروع سيسهم في ربط إنتاج الهيدروجين الأخضر العُماني بالأسواق الأوروبية، بما يدعم التوجهات الاستراتيجية نحو تنويع مصادر الطاقة وتعزيز أمنها على المدى البعيد”.
وأشارت هيرمانز إلى أنه “تم منح عقود لتنفيذ مشاريع الهيدروجين الأخضر لتحالفات تضم 22 شركة عالمية، بدأت في تنفيذ الأعمال التطويرية في محافظتي الوسطى وظفار”.
ويشهد قطاع الهيدروجين المُسال “الأخضر” العماني تطوراً ملحوظاً حيث تسعى السلطنة بحسب وكالة الطاقة الدولية، إلى الاستحواذ على حصة من سوق تصدير الهيدروجين، وبطاقة إنتاجية تصل إلى 1.25 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، من خلال ضخ استثمارات تبلغ 49 مليار دولار.
اتفاقية تاريخية
يصف عامر الشوبكي الخبير الاقتصادي المختص بشؤون النفط والطاقة، اتفاقية نقل وتصدير الهيدروجين المُسال بين عُمان وهولندا وألمانيا، بأنها “تاريخية مضيفاً في تصريح لـ”الخليج أونلاين”:
-
الاتفاقية تُعد خطوة استراتيجية، تعزز مكانة عُمان كمركز عالمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.
-
السلطنة تسعى من وراء هذه الاتفاقية وغيرها من المشاريع، إلى إنتاج مليون طن من الهيدروجين المتجدد سنويا بحلول عام 2030.
-
هذا الإنتاج سيؤهلها لأن تكون سادس أكبر مصدر للهيدروجين عالمياً والأول في الشرق الأوسط.
-
كما سيعزز أيضاً اقتصاد عمان في سوق الطاقة وتنويع مصادر دخلها، وسيسهم في تقليل الاعتماد على النفط والغاز، وبالتالي سيعزز الاستقرار الاقتصادي والتقيد برؤية عمان 2040، وجذب الاستثمارات أيضاً.
-
من المتوقع أن يجذب المشروع استثمارات تصل إلى 8 مليارات دولار في سلطنة عُمان، بقيادة شركات عالمية.
-
سيمنح المشروع عُمان خبرة ومعرفة في عمليات التحليل الكهربائي وإنتاج الهيدروجين الأخضر، وسيوفر فرص عمل جديدة في مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا.
-
سلطنة عُمان تضع نفسها في طليعة الدول المصدّرة للهيدروجين الأخضر، ما يعزز دورها في دعم التحول العالمي نحو الطاقة المستدامة.
-
لكن هناك بعض العقبات في الوقت الراهن أمام مشاريع الهيدروجين الأخضر، خصوصاً بعد وصول الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ورؤيته التي ترتكز على تقليص أو تخفيض أسعار الطاقة.
-
هذا بالتأكيد سيكون عاملاً غير مشجع على الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، الذي ما تزال تكاليفه مرتفعة، وتساوي أربعة أضعاف الهيدروجين المنتج من الغاز أو النفط.
عُمان محور للطاقة
وتشير التوقعات إلى أن قيمة سوق الهيدروجين المُسال أو الأخضر ستصل عام 2050 إلى قرابة 1.6 تريليون دولار، مدفوعا بالتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، وفقاً الشوبكي.
ووفقاً للخبيرة الاقتصادية حنين ياسين، فإن الاتفاقية بين عُمان وهولندا، تمثل منعطفاً استراتيجياً مهماً في مسيرة السلطنة نحو اقتصاد أخضر تنافسي وعالمي مضيفة في تصريح لـ”الخليج أونلاين”:
-
الاتفاقية تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون الدولي تقوم على التحول من الاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري إلى اقتصاد قائم على الطاقة المتجددة، وتحديداً الهيدروجين الأخضر، الذي يُعد الوقود النظيف الأبرز في المستقبل.
-
إنشاء أول ممر تجاري في العالم للهيدروجين المسال بين ميناء الدقم وميناء أمستردام، مرورًا بمراكز لوجستية في ألمانيا، يعزز بشكل مباشر مكانة عُمان كمحور طاقة جديد ومورد رئيسي للهيدروجين لأوروبا.
-
هذه المشروع يأتي أيضاً في وقت تسعى فيه دول الاتحاد الأوروبي إلى تقليل الاعتماد على الغاز الروسي وتسريع الانتقال نحو مصادر الطاقة الخضراء.
-
هذه الخطوة لن تقتصر على التصدير فقط، بل ستقود إلى سلسلة من الآثار الاقتصادية الإيجابية محلياً، كجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوسيع الصناعات المرتبطة بالطاقة الخضراء، وتطوير البنية الأساسية في المناطق الاقتصادية الخاصة مثل الدقم، وخلق فرص عمل نوعية.
مشاريع سابقة
وسبق أن وقعت السلطنة خلال السنوات الماضية، على العديد من الاتفاقيات في مشاريع الهيدروجين الأخضر.
ففي أواخر أبريل 2024، وقعت شركة هيدروجين عُمان “هايدروم” على اتفاقيتين لتطوير مشروع وحق الانتفاع بالأرض لمشروعين في محافظة ظفار بإجمالي استثمارات بلغ 11 مليار دولار.
وخلال قمة عُمان للهيدروجين الأخضر التي انعقدت في مسقط عام 2023، تم الاتفاق على 6 مشاريع هيدروجينية عالمية المستوى بتكلفة تقديرية تبلغ 38 مليار دولار في محافظتي الوسطى وظفار.
ومن المقرر أن تستضيف السلطنة خلال الفترة من 18 إلى 20 ديسمبر 2025، قمة عُمان للهيدروجين الأخضر، ومن المتوقع أن يشارك فيه عدد كبير من رواد الصناعة وصانعي السياسات والمستمرين العالميين في هذا القطاع الحيوي.