الاخبار

الكلاب الضالة تطاردهم في مكان نومهم.. نازحو غزة في خطر مستمر

تطارد الكلاب الضالة النازحين في قطاع غزة وتشكل خطر على حياتهم

بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، عاد محمد دردونة إلى منطقة سكنه في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وبدأ بإزالة الركام لإقامة خيمة فوق منزله المدمر، ليعيش بها مؤقتاً إلى حين بدء عمليات إعادة الإعمار أو توفير البيوت المتنقلة.

قضى دردونة برفقة عائلته ليلته الأولى داخل الخيمة التي قام بتفكيكها وأخذها معه من منطقة نزوحه في مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة إلى جباليا، لكن تلك الليلة لم تكن هادئة كما كان يتوقع؛ فقد انتشرت الكلاب الضالة بالمئات بين المنازل المدمرة والركام، واقتربت من خيمته ظناً منها بعدم وجود أحد.

اعتادت هذه الكلاب على أكل لحوم الشهداء ونبش الجثث في قطاع غزة، بسبب منع الاحتلال لسيارات الإسعاف من انتشال جثامين الضحايا، مما جعلها أكثر عدوانية وخطورة على السكان، وهو ما ظهر جلياً في تصرفاتها عند اقترابها من خيمة دردونة.

يقول دردونة في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “لم أعرف طعم النوم في الليلة الأولى لوجودي في الخيمة، بسبب أصوات الكلاب المخيفة ومحاولاتها الاقتراب من الأطفال، وكأنها تبحث عن فريسة”.

دردونة واحد من آلاف العائلات التي اضطرت إلى العيش بين الركام أو اللجوء إلى ملاجئ غير مهيأة للسكن، دون أي حماية من الكلاب الضالة.

أدى غياب السكان لفترة طويلة عن شمال قطاع غزة إلى زيادة أعداد الكلاب الضالة في الشوارع، حيث تبحث هذه الحيوانات عن الغذاء بين الأنقاض والنفايات، ومع ندرة الطعام، أصبحت هذه الكلاب أكثر عدوانية وخطورة، مما زاد من احتمالية الهجوم على الأطفال ونهشهم.

وعاد 500 ألف نازح فلسطيني إلى شمال القطاع بعد اضطرارهم للنزوح إلى محافظات الجنوب والوسطى جراء العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023.

وتأتي هذه العودة في أعقاب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم 19 يناير الجاري، في مرحلته الأولى التي تستمر 42 يوماً، حيث يجرى التفاوض برعاية مصر وقطر والولايات المتحدة للانتقال إلى المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق.

بعد العودة، وجد عدد كبير من هؤلاء النازحين منازلهم مدمرة بالكامل، ولم يجدوا مكاناً لإقامة خيمة، واضطر العديد منهم إلى النوم في الشوارع.

أصوات مخيفة

يقول محمد العطار، الذي عاد إلى بيت لاهيا شمال غرب قطاع غزة: “لم نجد البيت أو الحارة، أو أي معالم للمنطقة، وكل ما شاهدناه هو ركام وتلال من الدمار وتجريف واسع”.

يضيف العطار في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “رفعت بعض الركام ونمت فوقه مع زوجتي وأطفالي، وطوال الليل كانت أصوات الكلاب قريبة ومرعبة، وكنا نرمي الحجارة عليها لإبعادها”.

كما يوضح العطار أن الكلاب الضالة المنتشرة في شمال قطاع غزة تشكل خطراً كبيراً على السكان، ليس فقط بسبب احتمال هجومها، بل أيضاً لاحتمالية نقلها أمراضاً مثل داء الكلب والجرب، خاصة في ظل انعدام الخدمات الطبية في مناطق مختلفة.

يقول العطار: “نعيش فوق الركام وسط البرد القارس، بدون ماء نظيف أو كهرباء، لكن الخطر الأكبر الآن هو الكلاب الضالة التي تهاجمنا ليلاً”.

يكافح العائدون إلى شمال القطاع لإقامة ملاجئ مؤقتة باستخدام الأخشاب والنايلون، في محاولة لحماية عائلاتهم من المخاطر المختلفة، وعلى رأسها هجمات الكلاب الضالة.

وفي مكان قريب من أنقاض منزل العطار، تتجمع عائلة أبو أحمد حمودة فوق ركام منزلهم. يقول حمودة، وهو أب لخمسة أطفال: “في الليل، نسمع أصوات الكلاب وهي تقترب من خيمتنا، والأطفال يبكون من الخوف، ونحن لا نملك أي وسيلة لحمايتهم”.

يضيف حمودة: “بعد العودة من جنوب القطاع إلى شماله، لم أذق طعم النوم ولو لساعة واحدة، بسبب أصوات الكلاب وسهري طوال الليل لحراسة خيمتي، التي قمت بتشييدها من الأخشاب والنايلون”.

ويوضح أن معاناة السكان في غزة تتضاعف بسبب البرد القارس، والقلق من عدم وضوح خطط إعادة الإعمار، إضافةً إلى مشكلة انتشار الكلاب الضالة التي باتت تهدد حياتهم.

يشار إلى أن سكان غزة يعانون من نقص حاد في الأدوية واللقاحات المضادة لداء الكلب، مما يجعل أي عضة كلب خطرًا قد يؤدي إلى الوفاة إذا لم يتم علاجه بسرعة. وتعاني المستشفيات في القطاع، التي تواجه نقصًا حادًا في الإمدادات الطبية بسبب العدوان، من صعوبة توفير الرعاية اللازمة للمصابين.

ويحتاج هؤلاء الذين يعيشون وسط الركام إلى دعم عاجل يشمل توفير مأوى آمن، خدمات صحية، وبرامج لحمايتهم من البرد، والكلاب الضالة، وتوفير حياة كريمة لهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى