القمة الخليجية الـ45 في الكويت.. ملفات مهمة ومرحلة حساسة
القمة الخليجية المرتقبة في الكويت، تأتي في مرحلة بالغة الخطورة والحساسية يمر به الشرق الأوسط
تستعد دولة الكويت لاستضافة قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي الـ45، في الأول من ديسمبر القادم، في ظل متغيرات حساسة تعيشها منطقة الخليج والشرق الأوسط والعالم.
فالقمة المرتقبة، تنعقد في مرحلة بالغة الخطورة يعيشها الشرق الأوسط، وتلقي بظلالها حتماً على الساحة الخليجية، فطوق النار يتسع بمحيط المنطقة، بسبب العدوان المستمر على غزة، وانتقاله إلى لبنان واليمن، ومخاوف جمة من المواجهة المباشرة بين إيران و”إسرائيل”.
ملفات كثيرة على طاولة القمة المرتقبة، أبرزها تعزيز اللحمة الخليجية، وتوحيد المواقف إزاء مجمل التطورات، وتنسيق الجهود لمواجهة التحديات في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، فهل تكون هذه القمة مختلفة عن سابقاتها؟
استعدادات مكثفة
شرعت الكويت بإرسال الدعوات لقادة دول مجلس التعاون الخليجي لحضور القمة الخليجية بنسختها الـ45، والتي ستُعقد في 1 ديسمبر القادم، بالتزامن مع استعدادات مكثفة تقوم بها الحكومة والقيادة الكويتية لإقامة واحتضان هذه القمة.
وأطلقت وزارة الإعلام الكويتية حملة إعلامية شاملة تحت شعار “المستقبل خليجي”، وتهدف الحملة إلى تعزيز الوعي حول القمة الخليجية والترويج لها.
وتلقى عدد من ملوك وأمراء دول الخليج دعوات لحضور القمة المرتقبة، والتي يُنتظر أن تكون مختلفة عن سابقاتها، نظراً لخصوصية المرحلة، وحالة الوئام التي تسود الموقف الخليجي، والإنجازات التي تحققت في إطار تعزيز الروابط المشتركة واللحمة الخليجية.
وفي 22 أكتوبر الماضي، رحب مجلس الوزراء الكويتي بقادة دول مجلس التعاون الذين سيشاركون في القمة المرتقبة، مؤكداً أهمية هذا الحدث الخليجي الذي يعكس العلاقات التاريخية العميقة بين دولهم، والإيمان بوحدة الهدف والمصير المشترك.
ملفات على الطاولة
قمة قادة الخليج الـ45 ينتظر منها أن تناقش جملة من الملفات الهامة على كافة الأصعدة، خصوصاً ما يتعلق بالملفات المحلية ذات الأولوية، والملفات الخارجية الملحة، كحرب غزة ومخاطر اتساع الحرب.
وأبرز القضايا التي من المتوقع أن تكون على طاولة القمة، النمو الاقتصادي، ومشاريع الربط الاستراتيجية، وكذا التوظيف والتوطين وتنويع مصادر الدخل، والحفاظ على الهوية الخليجية والوطنية، وتحصين التماسك الاجتماعي، وحماية الأمن والاستقرار، وفقاً للكاتب البحريني محمد المحميد في مقال نشرته صحيفة “أخبار الخليج” البحرينية قبل أيام.
وبلا شك سيكون العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان على رأس أولوية القمة الخليجية المرتقبة، وما ترتب على هذا العدوان من مخاطر طالت خطوط الملاحة الدولية، في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن مناقشة مخاطر اتساع رقعة الصراع واحتمالات اندلاع مواجهة مباشرة بين إيران و”إسرائيل”.
وقد تركز القمة على دعم جهود السعودية في قضية حل الدولتين، وكذا جهود قطر المستمرة للتوسط من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ووقف العدوان على غزة، وإغاثة سكان القطاع، فضلاً عن قضايا مختلفة تتعلق بالملف اليمني والأوكراني، والمناخ والجرائم الإلكترونية وغيرها.
كما لا يُستبعد أن يُناقش قادة دول الخليج آلية التعامل والتكيف مع الإدارة الأمريكية الجديدة، بعد فوز دونالد ترامب بالفترة الرئاسية القادمة بالولايات المتحدة، والتحولات التي قد يفرضها وصوله إلى البيت الأبيض مجدداً، وأولويات مجلس التعاون في التعاطي مع هذه الإدارة.
مرحلة حساسة
القمة الخليجية المرتقبة في الكويت، تأتي في مرحلة بالغة الخطورة والحساسية يمر به الشرق الأوسط، وبالنظر لخارطة الصراعات في المنطقة، يتضح أنها تشكل طوقاً حول منطقة الخليج، من غزة إلى لبنان، وصولاً إلى إيران شرقاً، وباب المندب والبحر الأحمر غرباً، ما يعني تأثير مباشر على أمن الخليج.
هذه المعطيات، تفرض على دول الخليج يقظة ومواقف أكثر حسماً في الكثير من الملفات، فضلاً عن أن دول مجلس التعاون لها دور فاعل في تهدئة التوترات، وتبني المبادرات الهادفة إلى الحيلولة دون خروج تلك الصراعات عن السيطرة.
فقطر تقود قطار الوساطة بين “حماس” و”إسرائيل”، والإمارات تلعب دوراً في التوسط بين أوكرانيا وروسيا، بينما تحضر بشكل ما في ملفات شائكة مثل الملف اليمني، والملف السوداني، في حين تلعب الرياض دوراً مهماً في حشد الدعم الدولي لخيار حل الدولتين في الأراضي المحتلة.
كما تلعب سلطنة عُمان دوراً مهماً من خلال تبني سياسة إيجابية تجاه مجمل القضايا، ما يجعل منها طرفاً موثوقاً، ولاعباً مهماً في التوسط لتخفيف الصراعات، وقد نجحت في تقريب وجهات النظر بين السعودية وجماعة الحوثي في اليمن، والسعودية وإيران، وغيرها من الملفات.
وبحسب عبد العزيز العنجري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز “ريكونسنس” للبحوث والدراسات، فمن المتوقع أن تركز القمة على الأمن الإقليمي والتحديات الأمنية المشتركة، بالإضافة إلى بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الأعضاء. كما ستسعى إلى توحيد المواقف تجاه القضايا الإقليمية والدولية، خاصة في ظل محاولات التصعيد المستمرة من قبل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو تجاه إيران.
وأضاف في حديث لـ”الخليج أنلاين”: “هذه القمة تعكس الالتزام الدائم لدول مجلس التعاون الخليجي بعقد الاجتماعات الدورية كجزء من مسيرة التعاون المشترك، لكن الفرق الحقيقي بين قمة وأخرى غالباً ما يتحدد بمدى تزامن انعقادها مع أحداث كبرى تلقي بظلالها على أجندتها وأولوياتها. وفي هذه المرة، يأتي انعقاد القمة في توقيت حساس يتسم بتحديات إقليمية معقدة”.
وأولت الكويت اهتماماً كبيراً بتحضيراتها عبر عقد اجتماعات مكثفة لضمان نجاح القمة، مما يعكس، وفق العنجري، “التزامها بدورها القيادي في دعم العمل الخليجي المشترك”.
ويؤكد أن من المتوقع أن تخرج القمة بقرارات استراتيجية تعزز مسيرة التعاون والتكامل بين دول المجلس في مختلف المجالات.
ويتابع: نأمل أن تسهم هذه القمة في تعزيز وحدة الصف الخليجي ودفع مسيرة التعاون نحو المزيد من التقدم والازدهار لدول وشعوب المنطقة”.
القمة السابقة
وخلال القمة الـ44 التي عُقدت في ديسمبر 2023، في الدوحة، كان هناك العديد من الملفات التي تشبه في مجملها ملفات القمة الحالية، والتي يفترض أن يتم فيها مناقشة نتائج التوصيات وقرارات القمة السابقة.
ولقد مضت دول الخليج في توثيق علاقاتها، وأيضاً تنسيق تحركاتها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والحرب في غزة، وجهود إغاثة الشعب الفلسطيني، وفي الشأن الخليجي أقرت القمة الخليجية الـ44 التأشيرة الخليجية الموحدة، والتي فعلاً قطعت الجهات المعنية شوطاً كبيراً فيها.