الاخبار

“القسام” ومشهد تسليم الأسرى.. أبعاد عسكرية ودلالات رمزية

ظهور الكتائب في هذا السياق يهدف إلى إبراز دور المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال

يعكس ظهور عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في ساحة السرايا بمدينة غزة شمال قطاع غزة خلال تسليمهم الأسيرات الإسرائيليات الثلاث، تماسك الكتائب كذراع عسكري قوي لا يزال يمتلك القوة ولم يتعرض للتفكيك كما ادعى جيش الاحتلال خلال شهور الحرب الطويلة.

يشير ظهور مقاتلي “القسام” بكامل عتادهم العسكري، وبمركباتهم، والجهاز الإعلامي الخاص بهم، أن الكتائب ليست فقط قوة مقاومة ضد الاحتلال، بل تمتلك سلطة حقيقية على الأرض تتيح لها تنظيم عمليات معقدة، مثل تبادل الأسرى، بعد ساعات معدودة من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

خلال عملية تسليم الأسيرات الثلاث للجنة الدولية للصليب الأحمر، ضمن بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه دولة قطر، أبرزت “القسام” قدرتها كقوة تفرض شروطها، وتمتلك السيطرة الكاملة على الأرض.

يعزز هذ الظهور من مكانة حركة “حماس” و”القسام” في الداخل الفلسطيني، ويزيد من التأييد الشعبي للحركة، ويؤكد أنها لا تزال بخير ولم تضعف رغم القوة الغاشمة التي استخدمها جيش الاحتلال ضدها خلال عدوانه.

ظهور الكتائب في هذا السياق يهدف إلى إبراز دور المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، مع التأكيد على البعد الإنساني في قضايا الأسرى، حيث تسعى الكتائب إلى كسب دعم الرأي العام العربي والدولي من خلال تسليط الضوء على المعاناة الفلسطينية.

صدمة في “إسرائيل”

الكاتب والمحلل السياسي، محمود حلمي، يوضح أن ظهور كتائب القسام في شمال قطاع غزة بهذه القوة، أحدث حالة من الصدمة داخل “إسرائيل”، وغضباً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، بسبب ادعاءات جيش الاحتلال حول تدمير قدرات الجناح العسكري لحركة “حماس”.

يقول حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “كان الإسرائيليون ينتظرون تسليماً مخجلاً للأسرى من قبل كتائب القسام، ولكن كانت المفاجأة من قبل الكتائب أن ظهرت بشكل كبير وقوي، وهو ويحمل دلالات سياسية وعسكرية كبير”.

يرى حلمي أن الصور التي خرجت من شمال قطاع غزة، لها تأثير كبير على الحرب الطويلة، وخاصة على المجتمع الإسرائيلي، الذي وصف القسام بأنها “جيش منظم ولا تزال لديه القدرة والقوة للسيطرة”، رغم الحرب المدمرة التي قادتها “إسرائيل” ضدهم.

وأضاف: “هذا الظهور أوصل رسائل واضحة للاحتلال الإسرائيلي، وأطراف فلسطينية داخلية أخرى، أن حركة حماس هي صاحبة الكلمة في قطاع غزة، ولها دور مركزي، في اليوم التالي للحرب، ولم ينجح القتل وآلة الحرب الإسرائيلية عن إضعافها”.

كما يتوقع الكاتب والمحلل السياسي، أن تتسبب تلك الصور في إحداث مزيد من الشرخ داخل الائتلاف الحكومي، وتزايد الغضب الشعبي ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وزيادة حظوظ معارضها في أي انتخابات قادمة.

غضب إسرائيلي

أثارت مظاهر تسليم الأسرى غضباً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية، حيث تساءلت مواقع عبرية عن كيفية ظهور هذا العدد الكبير من عناصر “القسام” والمركبات، وجاء في التعليقات: “من أين خرجوا؟ وأين كان جنودنا طوال هذه الفترة؟”.

القناة الـ12 الإسرائيلية قالت: “ما زالت كتائب القسام تحتفظ بقوتها رغم الحرب الطويلة”، مؤكدةً أنها حاضرة في كل مكان داخل قطاع غزة وتسيطر عليه بشكل كامل.

وقال موقع “روتر” الإسرائيلي: “لقد أظهرت حماس أداءً وحوكمة استثنائيين منذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار وحتى الآن – وكأنها لم تمر بعام ونصف من الحرب”.

وعلق الصحفي الإسرائيلي “عميحاي أتالي” على مشاهد انتشار جيبات وعناصر الشرطة في قطاع غزة بالقول: “للأسف، بعد حرب استمرت 15 شهراً ودفعنا فيها أثماناً لا تصدق، نحن لسنا المنتصرين، يجب أن تعلم كل أم عبرية: أن مصير أبنائها أُوكل إلى سياسيين غير قادرين على تحقيق النصر”.

كما تساءلت منصات المستوطنين: “من أين خرجوا ومن أين اتى عددهم هذا وأين كانت كل هذه المركبات وماذا كان يفعل جنودنا منذ أكثر من سنةً هناك. هذا جنون ولا يستوعبه العقل”.

إلى جانب الصحفيين الإسرائيلي، هدد وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار مع غزة، والتي تتضمّن وقف الحرب، فيما يدعو هو إلى مواصلتها بهدف “القضاء على حماس بشكل نهائي”.

وخلال مقابلةٍ مع إذاعة “كان”، قال سموتريتش في تصريحات وصفها الإعلام الإسرائيلي بالمثيرة للجدل، أن صفقة تبادل الأسرى مع حماس هي “خطأ كبير”، واعتبر ما حصل بمثابة رسالة مفادها أنّ “من يريد إخضاع إسرائيل ليس بحاجة إلى صواريخ أو برنامج نووي”.

وأشار سموتريتش، الذي صوّت ضد الصفقة في “الكابينت”، إلى أن الاتفاق الحالي هو ذاته الذي عُرض في يوليو الماضي، مُعرباً عن مخاوفه من عودة قيادات “حماس” إلى شمال غزة، حيث قال: “لا شيء يمنع محمد السنوار من العودة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى