يجمع هذا التقليد الأحبة والأقارب في جلسات حجازية تقليدية، حيث تمتزج المأكولات الشعبية بالأحاديث الودية والأهازيج التراثية.

يعود تقليد وليمة “الشعبنة” ليتجدد مرة أخرى في منطقة الحجاز بالمملكة العربية السعودية، التي تضم المدينة المنورة والطائف والباحه والنماص وخيبر؛ وذلك مع اقتراب دخول شهر رمضان المبارك، في تقليد استمر لأكثر من 90 عاماً.

تُعد “الشعبنة” أكثر من مجرد تجمع عائلي أو وليمة، بل هي موروث اجتماعي يعكس قيم الترابط والتسامح ويعزز العلاقات الأسرية والمجتمعية.

يبدأ سكان الحجاز بإقامة هذه الفعالية بعد منتصف شهر شعبان، في أجواء اجتماعية وروحية، استعداداً لشهر رمضان.

يجمع هذا التقليد الأحبة والأقارب في جلسات حجازية تقليدية، حيث تمتزج المأكولات الشعبية بالأحاديث الودية والأهازيج التراثية، مما يعزز الألفة بين أفراد المجتمع.

وفي الماضي، كانت “الشعبنة” تُنظم في المنازل حيث يجتمع الجيران والأهل لإعداد الأطباق التقليدية والحلويات الشهيرة، ولكن اليوم توسعت هذه العادة لتشمل الاستراحات والقاعات الفاخرة، حيث تُنظم فعاليات تتضمن زينة تراثية وأجواء احتفالية تمزج بين الماضي والحاضر.

تُولي النساء اهتماماً خاصاً لارتداء الأزياء التراثية الحجازية مثل “ثوب الكرتة” و”الزبون” و”البرنسيس”، بالإضافة إلى أنهن يحرصن على تغطية رؤوسهن بـ”المحرمة” و”المدورة”، ما يعكس الهوية الثقافية ويضفي أصالة على المناسبة.

تتميز “الشعبنة” بتوزيعات رمضانية تشمل المصاحف والسبح وأثواب الصلاة والمباخر والتمر، إلى جانب مستلزمات المطبخ الرمضاني مثل الفواكه المجففة والقهوة، في رسالة تعبير عن المحبة وتأكيداً على أهمية الاستعداد لشهر رمضان.

تتزين المائدة التقليدية بألذ الأطباق الحجازية مثل اللدو، اللبنية، الديبازة، الغريبة، المشبك، المنتو، الفرموزة، السمبوسة، المهلبية، السقدانة، وقهوة اللوز، حيث تُقدم وسط أهازيج شعبية تُحيي ذكريات الزمن الجميل.

وتشهد مدن المنطقة الغربية للسعودية تنظيم معارض تحت مسمى “شعبنة”، تعرض فيها الأزياء التراثية، المشغولات اليدوية، المأكولات والمشروبات الرمضانية، مما يضيف أبعاداً اقتصادية وثقافية لهذا التقليد.

ورغم أن “الشعبنة” تتميز بالمظاهر الاحتفالية والمأكولات، فإن جوهرها يكمن في تعزيز روح العائلة وتصفية القلوب وتذكير الجميع بقيم التسامح والمودة استعداداً لاستقبال الشهر الفضيل.

وتستمر “الشعبنة” في تطورها دون أن تفقد جوهرها الأصيل، إذ تبقى شاهداً على تمسك المجتمع الحجازي بموروثه الثقافي وتعزيز الروابط الاجتماعية وتجديد روح المحبة بين أفراد المجتمع.