الحدود الشمالية تتصدر.. العقارات في السعودية نحو قمة جديدة
يعد نمو سوق العقارات في السعودية مؤشراً إيجابياً على مستقبل اقتصاد المملكة حيث يتجاوز الرياض ليشمل مدناً ومناطق أخرى
تشهد المملكة العربية السعودية تحولاً كبيراً في سوق العقارات، مستفيدة من رؤية 2030 الطموحة التي تهدف إلى تعزيز التنوع الاقتصادي وتطوير بنية تحتية عالمية.
وعلى الرغم من أن الرياض تشكل المركز الرئيسي للاستثمار العقاري، فإن هناك العديد من المناطق الأخرى التي بدأت في تسجيل معدلات نمو ملحوظة، مثل جدة، الدمام، مكة المكرمة، والمدينة المنورة.
تصاعد ملحوظ
يعد نمو سوق العقارات في السعودية مؤشراً إيجابياً على مستقبل اقتصاد المملكة، حيث يتجاوز الرياض ليشمل مدناً ومناطق أخرى تدفع عجلة التنمية المستدامة.
ومع توجهات الحكومة الرامية إلى تسهيل التملك وتعزيز الاستثمارات، يبدو أن المملكة على وشك تحقيق طفرة عقارية تستفيد منها جميع المناطق، ويمثل هذا النمو العقاري فرصة ذهبية للمستثمرين والمواطنين على حد سواء للاستفادة من بيئة عقارية حديثة وآمنة.
وشهدت أسعار العقارات في 6 مناطق بالمملكة ارتفاعات تجاوزت ما سجلته العاصمة الرياض، حيث تصدرت منطقة الحدود الشمالية بزيادة قدرها 8.9%، تلتها نجران بنسبة 6.6%، والباحة بنسبة 3.4%، ثم مكة المكرمة والقصيم بنسبة 2.4% لكل منهما، وأخيرًا المنطقة الشرقية بزيادة بلغت 1.9%، وفق ما نقلته صحيفة “الوطن” السعودية.
ونقلت الصحيفة تسجيل متوسط أسعار العقارات في الرياض ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 1.2% فقط في الربع الثاني من عام 2024، وقد تصدرت الحدود الشمالية الارتفاعات السنوية لأسعار العقارات بنسبة 8.9%، تليها نجران بنسبة 6.6%، وكان لارتفاع أسعار الأراضي السكنية الأثر الأكبر، حيث زادت في الحدود الشمالية بنسبة 10.5%، وفي نجران بنسبة 4.9%.
يعكس هذا النمو تصاعداً في الطلب على المساكن والمجمعات التجارية والفنادق، كما يعكس قوة الاقتصاد السعودي وجهوده المستمرة لتحفيز البيئة الاستثمارية ورفع جودة الحياة في مدنه.
وعلى النقيض، شهدت منطقة حائل -بحسب “الوطن”- انخفاضاً بنسبة 0.5%، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تراجع أسعار الأراضي السكنية بنسبة 0.7%.
أما تبوك فقد استقرت بعد تحقيقها أعلى نسب نمو في العام السابق، وعلى مستوى المملكة ككل، ارتفع الرقم القياسي لأسعار العقارات بنسبة 1.7% في الربع الثاني من 2024 مقارنة بالعام السابق، ويعود هذا إلى زيادة أسعار القطاع السكني بنسبة 2.8%، مدفوعة بارتفاع أسعار الأراضي والشقق السكنية بنسبة 2.8% و2.9% على التوالي.
وفي المقابل، تراجعت أسعار العمائر السكنية بنسبة طفيفة بلغت 0.1%، بينما شهدت الفلل انخفاضاً بنسبة 0.5% والمنازل السكنية بنسبة 1.4%. وفيما يخص القطاع الزراعي، فقد سجل ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 1.5%، بينما انخفض القطاع التجاري بنسبة 0.4% خلال نفس الفترة، وشهد المؤشر العام لأسعار العقارات ارتفاعاً ربعياً بنسبة 1.1%.
أهمية اقتصادية
تشهد السعودية طفرة غير مسبوقة في سوق العقارات منذ فترة طويلة، حيث بلغت مساهمتها في الناتج المحلي حوالي 6%، وبلغت مساهمتها حوالي 12% من مساهمة الأنشطة غير النفطية، كما يؤكد الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن هذه الطفرة هي نتاج جهود كبيرة لكافة الجهات المعنية في الدولة واستجابة سريعة للبرامج الموضوعة لتنفيذ رؤية عام 2030، وفي مقدمتها القطاع العقاري بكل تفرعاته.
ويشير العبسي إلى أهم عاملين لنشاط السوق العقاري، أولها تتمثل في الـ18 تشريعاً التي نظمت وتنظم القطاع العقاري، وثانيهما الاستثمار الهائل الذي يسهم فيه صندوق الثروة الوطنية.
ويؤكد بأن تطور القطاع العقاري وسوقه يعمل على تنمية مختلف القطاعات الاقتصادية الأخرى، ويأتي كذلك من خلال النظرة الشمولية لمختلف القطاعات التي ستستفيد من كل هذه النهضة الضخمة.
ولفت العبسي إلى أن هذه الطفرة في السوق العقاري ستعمل على تلبية الاحتياجات المستقبلية من بنى تحتية وأبنية بمختلف أنواعها، بما يسهم في اضطراد الحركة الاقتصادية في السعودية للسنوات القادمة.
ويردف: هكذا مشاريع ضخمة ستسهم في تشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي، ونقلة نوعية باعتبار السعودية أصبحت من أكثر الدولة تشجيعاً للاستثمار بمختلف مجالاته، وستعمل على التشجيع على الادخار المحلي، وبالتالي توجيه كل هذه المدخرات باتجاه الاستثمار فيما يسهم بالارتقاء بالاقتصاد الوطني.
ويرى العبسي أنه سيكون هناك زيادة في الناتج المحلي للمملكة من الموارد غير النفطية، بما يعطي للاقتصاد الوطني مزيداً من القوة والمنعة والتنوع، ومن ثم تقليل المخاطر الناتجة عن تركز الناتج المحلي على العائدات النفطية.
تسهيلات حكومية
تسعى حكومة المملكة إلى تمكين المواطنين والمقيمين من امتلاك العقارات، إيمانًا بأهمية توفير السكن الملائم وتحقيق الاستقرار الاجتماعي.
وفي إطار تعزيز قطاع العقارات، تقدم الحكومة العديد من التسهيلات والمبادرات الهادفة إلى تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
وتعمل المملكة على تحديث نظام الملكية العقارية، بهدف تسهيل إجراءات نقل الملكية وتسجيل العقارات، وإضفاء المزيد من الشفافية في السوق العقاري، كما تم إصدار قوانين تدعم الملكية المشتركة للوحدات العقارية، ما يسهل على المواطنين والمستثمرين امتلاك الوحدات داخل المباني الكبيرة ومجمعات السكن المشتركة.
وشهدت الخدمات الإلكترونية في قطاع العقارات في السعودية تحولاً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت تسهم بشكل فعال في تسهيل عملية شراء وبيع وتسجيل العقارات.
ويُعتبر برنامج “سكني” من المبادرات الرئيسية التي أطلقتها وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان وصندوق التنمية العقارية، ويهدف لتسهيل امتلاك المواطنين لمنازلهم من خلال دعم التمويل السكني، وتقديم خيارات سكنية مختلفة كالفلل والشقق والأراضي بأسعار مدعومة.
ومن خلال نظام “إيجار”، يمكن للمالكين والمستأجرين إدارة عقاراتهم بطريقة إلكترونية، مما يسهل إجراءات تسجيل العقود وحفظ الحقوق، ويساهم هذا النظام في تقليل النزاعات ويضمن أمان المعاملات، مما يسهل من حركة السوق العقاري في المملكة.
وتساهم هذه الخدمات الإلكترونية، وغيرها من الخدمات المتنوعة، في تطوير القطاع العقاري السعودي، وتعزيز الشفافية والكفاءة، مما يساعد على جذب الاستثمارات ويزيد من سهولة التعامل في هذا القطاع الحيوي.