التعاون العسكري العُماني التركي.. تطور ملحوظ وآفاق واسعة

تتمتع تركيا وسلطنة عمان بتعاون متنامٍ في مجالات الدفاع والأمن، حيث تشتري المعدات العسكرية والدفاعية من تركيا
حرصت الحكومة التركية منذ بداية الألفية الجديدة، على توسيع دائرة العلاقات الثنائية مع سلطنة عُمان، وتجديد روح الصداقة التاريخية بينهما، وتعزيز أوجه التعاون في المجالات الاقتصادية والعلاقات التجارية والاستثمار المشترك وتبادل الخبرات العسكرية.
وتتمتع تركيا وعمان بتعاون متنامٍ في مجالات الدفاع والأمن، حيث تشتري السلطنة المعدات العسكرية والدفاعية من أنقرة، وخلال السنوات الأخيرة ترسخت تلك العلاقات وتوسعت آفاقها، إضافة إلى إيجاد احترام متبادل حتى حول الخلافات في بعض ملفات المنطقة.
وخلال الزيارة الأخيرة للسلطان هيثم بن طارق إلى أنقرة، أواخر العام الماضي، تم التباحث حول تنظيم تدريبات عسكرية مشتركة واتفاقات لتبادل المعلومات الاستخباراتية، مما يعكس تطوراً إيجابياً في علاقاتهما.
زيارة وافتتاح
سجلت العلاقات العسكرية بين البلدين في الفترة الحالية تطوراً ملحوظاً، ففي مطلع فبراير 2025، زار رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية خلوق غورغون، العاصمة العمانية مسقط لإجراء مباحثات.
وأجرى غورغون عدة لقاءات في السفارة التركية بمسقط، حيث التقى (5 فبراير) الأمين العام لوزارة الدفاع العمانية محمد بن ناصر الزعابي.
وبحث الجانبان عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وناقشا سبل تعزيز التعاون العسكري، إلى جانب استعراض مختلف مجالات التعاون الدفاعي بما يحقق المصالح المشتركة بين البلدين، وفق وكالة الأنباء العُمانية.
ونظمت وزارة الدفاع العُمانية بالتعاون مع “هيئة الصناعات الدفاعية” بتركيا حلقة عمل تُعنى بمجالات التعاون العسكري، فيما تم خلال الحلقة استعراض الصناعات الدفاعية لعدد من الشركات التركية ومجالات التعاون معها وبما يخدم المصالح المشتركة بين البلدين، فضلاً عن توقيع عدد من العقود مع شركتي “هافيلسان” و”أسلسان” التركيتان.
كما قام المسؤول التركي بافتتاح مكتب شركة “أسيلسان” للصناعات الدفاعية في عمان مع المدير العام للشركة أحمد آقيول ووفده المرافق.
اتفاقيات 2024
خلال مراسم أقيمت في العاصمة أنقرة عقب محادثات ثنائية بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والسلطان هيثم (28 نوفمبر 2024)، وأخرى على مستوى وفدي البلدين في المجمع الرئاسي، وقع الجانبان 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم منها عسكرية.
وشملت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين اتفاقية لتأسيس مشروع مشترك بين هيئة التضامن العسكري التركية وجهاز الاستثمار العماني.
ومطلع يناير 2025، قال نائب رئيس جهاز الاستثمار العُماني ملهم الجرف، إن إجراءات تأسيس الصندوق المشترك مع هيئة التضامن العسكري التركية وصلت مرحلة متقدمة جداً، متوقعاً الإعلان عنها في الربع الأول من العام الجاري.
وأضاف أن بلاده تستفيد من خبرة هيئة التضامن العسكري التركية، مشيراً إلى أن اتفاقية تأسيس الصندوق المشترك مهمة جداً للسلطنة، خاصة أنها وُقعت أثناء زيارة السلطان هيثم إلى تركيا.
شركات وصناعات عسكرية
لم يكن افتتاح مقر لشركة “أسيلسان” خلال فبراير الجاري هو الأول في مسقط، ففي العام 2018، افتتحت شركة “هافلسان” مقراً دائماً لها في السلطنة، بعد أن كانت قد قدّمت خدمات دفاعية للبلاد؛ من بينها بيع أنظمة قيادة وتحكّم ومعلومات لتطوير الأداء العسكري للقوات العُمانية، وتدريب عدد من كوادر السلطنة المتخصصة.
كما تم إنشاء شراكة عُمانية مع شركة “هاولسان” بنسبة 70% لتركيا و30% لعُمان، وجرى افتتاح المقر الجديد في مارس 2020.
وفيما يتعلق بشراء الأسلحة، ففي مايو 2020، أعلنت سلطنة عُمان استلامها زوارق سريعة من نوع “هرقل” مصنعة في تركيا؛ ضمن اتفاقية موقعة معها، مشيرة إلى أنها تأتي ضمن اتفاقية لتصنيع 14 زورقاً.
واستكملت في العام ذاته شركة “FNSS” التركية للصناعات الدفاعية تسليم مدرعات “بارس/Pars” العملاقة، محلية الصنع، إلى سلطنة عمان في إطار عقد أبرم 20 سبتمبر 2015.
أما شركة “FNSS” التركية فقد استكملت تسليم 172 مدرعة من طراز “Pars III 8×8″ و”Pars III 6×6” للقوات العمانية، بعدما كانت قد سلمت الدفعة الأولى منتصف عام 2017، كما سلمت أيضاً مدرعات للاستطلاع والرصد والتحكم والإنقاذ والصيانة والتحصين والاتصال.
تطور كبير
يؤكد محمد رقيب أوغلو الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سكاريا التركية، أن التعاون في المجال العسكري بين الدولتين تطور بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة لأسباب مختلفة.
ومن أبرز تلك الأسباب وفق رقيب أوغلو، التوسع الكبير لتركيا في الشرق الأوسط وما حوله، والتي ساهمت في تعزيز موازين القوى.
كما يضيف في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن من بين تلك الأسباب “ضعف الثقة الخليجية بحليفتهم الولايات المتحدة الأمريكية والتي غيرت النظرة عنها لدى الخليجيين، خصوصاً بعد الهجمات الحوثية التي استهدفت السعودية خلال الأعوام الماضية”.
وأكمل: “منذ سبع سنوات دول الخليج رأت أن تركيا دولة كبيرة، وأصبح لديها ثقل كبير بالتزامن مع ضعف الثقة بأمريكا والعمل على تقليل الاعتماد على واشنطن واللجوء إلى توسيع قاعدة الحلفاء”.
ويشير إلى أنه مع قدوم السلطان هيثم إلى الحكم “وسعت عُمان من علاقاتها مع تركيا، وزادت من التحركات بين البلدين لتوسيع الاستثمارات والتصنيع خصوصاً في الجانب العسكري الذي أصبح محل اهتمام عُمان والدول الخليجية بعد النجاحات التي حققتها تركيا في ليبيا وأذربيجان”.