البحرين تطلق “المنذر”.. خطوة استراتيجية نحو مستقبل فضائي واعد

ما الهدف الأساسي من إطلاق القمر الصناعي “المنذر”؟
تعزيز القدرات الوطنية في علوم الفضاء وتوفير بيانات دقيقة لدعم مختلف القطاعات.
كيف يعزز “المنذر” مكانة البحرين إقليمياً؟
- يجذب الاستثمارات.
- يدعم الابتكار.
- يجعل البحرين مركزاً إقليمياً للتكنولوجيا والفضاء.
تتجه مملكة البحرين بخطى واثقة نحو تطوير قدراتها في مجال الفضاء عبر إطلاق القمر الصناعي “المنذر”، الذي يمثل نقلة نوعية في مسيرتها العلمية والتقنية.
ويمثل إطلاق القمر الصناعي “المنذر” إنجازاً غير مسبوق لمملكة البحرين، وخطوة نحو ترسيخ وجودها في قطاع الفضاء.
وبحسب وكالة الأنباء البحرينية بتقرير في 15 مارس الجاري، فإن هذا المشروع يهدف إلى بناء قاعدة تقنية متقدمة، تسهم في تطوير الكفاءات الوطنية وتعزيز البنية التحتية الفضائية للبحرين.
بداية العهد الفضائي البحريني
ومن خلال هذا الإطلاق الناجح، تُظهر المملكة التزامها بالابتكار العلمي، وإصرارها على تنفيذ مشاريع فضائية مستقلة، وهو جزء من رؤية البحرين لتطوير قطاع الفضاء، حيث تعمل الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء على استثمار هذه التجربة في بناء مشاريع مستقبلية، تشمل تطوير أقمار صناعية جديدة تلبي احتياجات المملكة.
وأُطلق “المنذر” (15 مارس) باستخدام صاروخ (Falcon 9) التابع لشركة (SpaceX)، والذي يُعد من أكثر الصواريخ الفضائية نجاحاً بفضل تصميمه القابل لإعادة الاستخدام.
ومع وصول القمر الصناعي البحريني إلى مداره بنجاح، بدأت مرحلة الاختبارات التشغيلية لضمان جاهزية أنظمته للعمل. وتتمثل هذه المرحلة في التحقق من أداء الأجهزة والأنظمة المختلفة، وضبط إعدادات القمر وفقاً للمواصفات المطلوبة.
ومن المتوقع أن تستمر هذه الاختبارات لعدة أسابيع قبل بدء العمليات العلمية الفعلية، التي ستشمل التقاط الصور وتحليل البيانات المستلمة في المحطة الأرضية بالبحرين، وسيقوم الفريق الهندسي بمتابعة أداء القمر الصناعي عن كثب، للتأكد من تحقيق الأهداف المرجوة من هذه المهمة.
وحظي مشروع “المنذر” بدعم واسع من مختلف المؤسسات الوطنية، حيث لعبت قوة دفاع البحرين دوراً محورياً في توفير البنية التحتية للمحطة الأرضية، وساهمت جهات حكومية متعددة في تسهيل العمليات اللوجستية والفنية لضمان نجاح المهمة الفضائية.
كما شاركت مؤسسات أكاديمية وشركات بحرينية ناشئة في تصميم بعض مكونات القمر الصناعي، مما يعكس قدرة المملكة على تطوير حلول تقنية متقدمة تلبي متطلبات المشاريع الفضائية المستقبلية.
يشار إلى أن البحرين أنشأت الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في البحرين عام 2014 بهدف تعزيز مكانة المملكة في مجال الفضاء ودعم التنمية الوطنية من خلال تطوير علوم الفضاء والتعاون مع الجهات الحكومية والتعليمية.
رافد اقتصادي
ويوضح الباحث الدكتور حبيب الهادي، أن اسم القمر الاصطناعي “المنذر” يحمل دلالات تاريخية، حيث يشير إلى “المنذر بن ساوى، ملك البحرين في فترة ظهور الإسلام، وهو من ملوك بني تميم”.
ويرى في حديثه مع “الخليج أونلاين” أن “اختيار هذا الاسم للقمر الصناعي يعد تقديراً لجهود ملوك إقليم البحرين في الحضارة الإنسانية والإسلامية”.
كما يؤكد الهادي بأن “القمر تم تصميمه بجهود وطنية من قبل خبراء بحرينيين، مما سيعزز النشاط البحريني في مجالي الفضاء والذكاء الاصطناعي”.
ويشير الباحث إلى أن “هذا المشروع سيكون له مردود استثماري واقتصادي على المملكة في الجانب التقني والابتكاري”.
كما يضيف أن هناك توجهاً عالمياً نحو مجال الفضاء، حيث تتسابق الدول نحو ما يُعرف بـ”غزو الفضاء” للاستفادة من هذا المجال في خدمة العلم والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.
ويلفت الهادي إلى أن “الاهتمام بالمجال الفضائي سيكون أيضاً رافداً اقتصادياً للبلاد، لأن الاقتصاد المستقبلي سيكون مرتبطاً بالفضاء والتقنيات والتكنولوجيا. لذلك، سيساهم هذا المشروع في دعم مستقبل البحرين اقتصادياً وعلمياً”.
خطوة استراتيجية مهمة
ولا يقتصر إطلاق القمر الصناعي “المنذر” على كونه إنجازاً تقنياً، بل يشكل خطوة استراتيجية تهدف إلى تحقيق فوائد متعددة على المستويين الوطني والإقليمي.
وفي مقابلة مع قناة “CNBC عربية” أوضح رئيس الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في البحرين محمد إبراهيم العسيري، في 16 مارس الجاري، أن “المشروع ليس مجرد تجربة علمية، بل هو استثمار في بناء القدرات الوطنية في مجالات علوم المستقبل، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والأمن السيبراني الفضائي، وتحليل البيانات المتقدمة”.
وأكد العسيري أن أحد أبرز العوائد المتوقعة من القمر الصناعي “المنذر” هو توفير بيانات عالية الدقة تدعم العديد من القطاعات الحيوية، مثل الزراعة، والبيئة، والتخطيط العمراني، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتعزيز أمن الحدود.
ولفت إلى أن هذه البيانات ستساهم في تحسين عمليات المراقبة والتحليل، ما يعزز من كفاءة اتخاذ القرار في هذه المجالات.
كما أشار إلى أن إطلاق “المنذر” يعزز من مكانة البحرين كمركز إقليمي للتكنولوجيا والفضاء والابتكار، ما يزيد من قدرتها التنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وبين أن النجاحات التي حققتها الدول المجاورة، مثل السعودية والإمارات، تعكس أهمية الاستثمار في قطاع الفضاء، حيث يسهم في تحفيز الابتكار وجذب الاستثمارات العالمية.
وفي إطار التنظيم والتطوير المستقبلي للقطاع، كشف العسيري عن أن “البحرين تعمل مع عدد من الجهات الحكومية على استكمال إجراءات إصدار قانون وطني للفضاء، والذي سيوفر بيئة تنظيمية واضحة تدعم تنويع الاستثمارات وتعزز من تطور هذا القطاع الناشئ”.
كما شدد على أن نجاح “المنذر” سيمثل خطوة أساسية نحو تسريع التحول الرقمي في العديد من القطاعات، بما يسهم في تحسين الخدمات ورفع كفاءة الأداء في مجالات متعددة، مثل التخطيط العمراني وإدارة الموارد الطبيعية.