الأدوية تنفد في غزة ومعاناة المرضى تتصاعد تحت الحصار

يواجه مرضى قطاع غزة الخطر في حالة لم يتم فتح معابر قطاع غزة وإدخال الأدوية لهم
على مدار خمسة أيام متواصلة لم يتمكن الستيني علي أبو عودة من تناول أدوية الضغط والسكري بسبب نفادها من عيادات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، والمستشفيات، والصيدليات الخاصة.
جاء ذلك نتيجة استمرار إغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم التجاري، ومنعها إدخال أي مساعدات طبية لسكان القطاع، لليوم الثالث عشر على التوالي.
يعد أبو عودة واحداً من بين آلاف المرضى في قطاع غزة الذين يحتاجون إلى أدوية الأمراض المزمنة ويعانون من ظروف صحية صعبة بسبب شح الأدوية داخل القطاع، نتيجة تشديد الحصار الإسرائيلي المستمر.
يقول أبو عودة لـ”الخليج أونلاين”: “نفدت آخر كمية من الأدوية التي أحتاجها بشكل يومي قبل خمسة أيام، ولم أجد أي بدائل في عيادات الوكالة الدولية أو المستشفيات أو حتى في الصيدليات الخاصة”.
بدأت حالته الصحية تتدهور تدريجياً، وظهرت عليه علامات التعب والدوخة بسبب عدم حصوله على العلاج اللازم لأمراضه المزمنة، والتي يوصي الأطباء بضرورة الاستمرار في تناولها بشكل منتظم.
ويشكل استمرار نفاذ الأدوية من الصيدليات والعيادات والمستشفيات خطراً حقيقياً على حياة المرضى مثل “أبو عودة”، حيث يعتبر حصوله على الأدوية أمراً أساسياً لاستقرار صحته وتجنب حدوث أي انتكاسات خطيرة.
أزمة متفاقمة
لم يكن الوضع مختلفاً بالنسبة للحاج محمد عويضة، مريض القلب، الذي يحتاج إلى العديد من الأدوية لضمان انتظام عمل قلبه وعدم تعرضه لأي مضاعفات صحية.
يقول السبعيني عويضة لـ”الخليج أونلاين”: “منذ أسبوع لم أتمكن من العثور على الأدوية التي أحتاجها لضمان عمل عضلة القلب بشكل سليم، وهي أدوية تدخل عادة عبر معبر كرم أبو سالم بشكل دوري”.
بحث عويضة عن أدويته في مختلف صيدليات قطاع غزة لكنه لم يجدها، ما اضطره إلى التوجه إلى أحد المستشفيات الميدانية الدولية، حيث تمكن من الحصول على جرعة واحدة فقط، في حين ظل عاجزًا عن توفير كميات أخرى للأيام القادمة.
ويضيف عويضة: “بدأت أشعر بالتعب وعدم القدرة على المشي لمسافات طويلة، كما أصبح نومي مضطرباً، حيث أستيقظ مرات عدة في الليل بسبب عدم حصولي على علاجي، إضافة إلى تأثر حالتي الصحية بنقص الغذاء المناسب الذي يساعد في التخفيف من آثار المرض”.
وفي حال لم تفتح المعابر قريباً سيواجه عويضة أياماً صحية صعبة، مع استمرار إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية.
مرضى الكلى في خطر
كذلك، بدأت مريضة الكلى آمال خلف تعاني من نقص الأدوية الخاصة بمرضها، لا سيما التي تساعد على تكسير الدم الذي تتلقاه خلال جلسات غسيل الكلى في مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة.
تقول خلف لـ”الخليج أونلاين”: “مريض الكلى يحتاج إلى أدوية خاصة، وهي غالباً ما تكون باهظة الثمن عندما لا تتوفر في مستشفيات وزارة الصحة، وخلال سنوات الحصار الطويلة، اعتدت على حرماني من العلاج، خاصة خلال أوقات العدوان، وهو ما أثر على صحتي بشكل كبير”.
لم تعد الأدوية التي تحتاجها خلف متوفرة في المستشفيات أو الصيدليات، ما أدى إلى تدهور حالتها الصحية تدريجياً، فقد بدأ وجهها يميل إلى الاصفرار بسبب مشكلات الدم الناتجة عن عدم حصولها على الأدوية التي تساعد في تنظيم حالتها.
وتحتاج خلف إلى السفر للخارج لتلقي العلاج المناسب، لكن الحصار المفروض وإغلاق المعابر جعلا من ذلك حلماً بعيد المنال.
تفاقم المعاناة
مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، أكد أن معاناة 150 ألف مريض من أصحاب الأمراض المزمنة والجرحى في غزة تزداد تفاقماً بسبب إغلاق المعابر، حيث يعجزون عن الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة لعلاجهم.
وقال الثوابتة في تصريح لـ”الخليج أونلاين”: “استمرار إغلاق سلطات الاحتلال للمعابر يهدد حياة المرضى، إذ أن المعابر مغلقة لليوم الثالث عشر على التوالي، ما أدى إلى فقدان 80% من سكان غزة لمصادر غذائهم الأساسية ومتطلباتهم المختلفة، ومن بينها الأدوية الضرورية للمرضى”.
واعتبر الثوابتة أن “استمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعابر قطاع غزة يشكل جريمة حرب، خاصة مع إحكام الحصار ومنع المساعدات الإنسانية، الأمر الذي ستكون له تداعيات إنسانية خطيرة على السكان في ظل استمرار هذه الأزمة الصحية الحرجة”.
يشار إلى أنه في 2 مارس الجاري، أمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بوقف دخول جميع البضائع والإمدادات إلى غزة، في حين أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) القرار واعتبرته “انقلاباً” على اتفاق وقف إطلاق النار.
وأضاف نتنياهو حينها أن “إسرائيل لن تسمح بوقف إطلاق النار دون الإفراج عن المختطفين في غزة” محذراً من “عواقب أخرى في حال استمرت حماس في رفضها” وفق قوله.
ويأتي قرار نتنياهو بعد عرقلته الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب، التي كان من المفترض أن تبدأ في 3 فبراير الماضي.