الاخبار

“اعتداء غادر”.. ما أبعاد ودلالات مقتل جنود سعوديين باليمن؟

أعلن التحالف “استشهاد ضابط وضابط صف وإصابة ضابط بجروح”؛ نتيجة “اعتداء غادر وجبان”

الحكومة اليمنية تعهدت بملاحقة الجاني ووضعت مبلغ مالي لمن يدلي بمعلومات عنه

كان الهجوم الذي أودى بحياة ضابط وضابط صف من منسوبي القوات المسلحة السعودية، وأدى لإصابة آخر بجروح في مدينة سيئون باليمن، حدثاً مثيراً ولافتاً في البلدين، فهي الحادثة الأولى منذ سنوات.

ورغم تلميح صحيفة سعودية إلى ما أسمتها بـ”محاولات الخيانة” لإفشال عملية السلام في اليمن، إلا أن المملكة في بيانٍ لها أكدت أن من قام بارتكاب “جريمة قتل الضباط” لا يمثل الجيش اليمني.

ولعل الأهم في الحادثة، أن عملية استهداف الضباط السعوديين وقعت داخل معسكر تابع للشرعية اليمنية من جندي في الجيش، طارحاً علامات استفهام وتساؤلات حول من يقف وراءها، أم أنها كانت بالأساس حادث عرضي.

“لا يمثل اليمنيين”

لم تشهد مدينة سيئون في حضرموت، التي تحولت إلى أشبه بغرفة عمليات لقوات التحالف في اليمن، أي هجوم منذ العام 2019، غير أنها كانت على موعدٍ مع مقتل 2 من الضباط السعوديين وإصابة ثالث (9 نوفمبر 2024)، على يد أحد جنود المنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة اليمنية.

وبعد مرور 24 ساعة على الحادثة، خرج المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العميد الركن تركي المالكي ليعلن رسمياً “استشهاد ضابط وضابط صف وإصابة ضابط بجروح”؛ نتيجة “اعتداء غادر وجبان داخل معسكر قوات التحالف بمدينة (سيئون)”.

وأشار إلى أن الحادثة وقعت في “معسكر قوات التحالف الداعمة لقوات الشرعية لتدريبهم ومساندة قوات المنطقة العسكرية الأولى لمكافحة الإرهاب والتهريب بمدينة (سيئون) والقيام بمساندة الأعمال الإنسانية والتنموية داخل اليمن، وذلك أثناء ممارستهم للتدريبات الرياضية”.

البيان الذي نشرته وكالة “واس” الرسمية السعودية، أشار إلى أنه “تم تنفيذ الاعتداء من أحد الأشخاص المنتسبين لوزارة الدفاع اليمنية”، مؤكداً أن “المذكور لا يمثل الشرفاء من منسوبي وزارة الدفاع اليمنية الذين يقدرون الدور الإيجابي والمهم الذي تقوم به قوات التحالف لدعم الشرعية اليمنية ومساندة الأعمال الإنسانية لتخفيف معاناة الشعب اليمني الشقيق”.

 توجيهات وتحركات

وبينما وصف رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، الحادثة بالعمل الإرهابي، ووجه بالقبض على الجاني ومباشرة التحقيق في الحادث، أعلنت وزارة الدفاع تخصيص مبلغ 30 مليون ريال يمني (15 ألف دولار) لمن يدلي بمعلومات عمن قام بـ”الجريمة”، متعهدة بالقبض على منفذ “الجريمة الغادرة” وتسليمه إلى العدالة.

وبعد يومين من الحادثة، وصل وزير الدفاع اليمني محسن الداعري إلى مدينة سيئون، لمتابعة التحقيقات وجهود إلقاء القبض على منفذ الاعتداء على جنود التحالف، كما عقد اجتماعاً باللجنة الأمنية والعسكرية بالمحافظة.

وزار عضو مجلس القيادة الرئاسي عبدالله العليمي مقر قيادة القوات المشتركة للتحالف في الرياض، وأعرب خلال زيارته عن استنكاره لـ”الاعتداء الإرهابي والآثم لأحد عناصر اللواء 135 في سيئون”.

بدورها وصفت صحيفة “عكاظ” السعودية ما حدث بعملية “خيانة”، وقالت في مقالٍ لها (11 نوفمبر) إن المملكة “كقائدة لتحالف دعم الشرعية في اليمن لن تلتفت لمحاولات الخونة، التي تهدف إلى عرقلة مساعي السلام التي قطعت شوطاً كبيراً وسط قبول من مختلف القوى، التي تغلب صوت العقل والحوار على المواجهات العسكرية، التي تسببت في قتل الآلاف وهجّرت الملايين من أبناء الشعب اليمني”.

الحوثي المستفيد

يرى المحلل السياسي عبدالله المنيفي أن الحادثة “ليست فردية، بل هي جريمة غدر وخيانة أودت بحياة ضابطين سعوديين في القوات المشتركة كانا يقدمان خدمات للجيش اليمني”، واستند إلى ذلك في ما تبعها من تهريب للجاني، ثم إلى البيانات التي نددت بهذه الجريمة.

ويؤكد لـ”الخليج أونلاين”، أن المستفيد الأول من هذه العمليات الغادرة، “هي مليشيا الحوثي، وكذا أطراف تعرقل توحيد الصف الوطني، والتي عرقلت مؤخراً إعلان التكتل الوطني للأحزاب والقوى السياسية”.

وأشار إلى أن ذلك يأتي “في عملية تخادم قد لا تكون مقصودة، لكنها تؤدي الغرض في خدمة إطالة أمد سيطرة المشروع الحوثي العنصري”.

وعن الموقف السعودي، أكد أنه “يظهر موقفاً واعياً ومدركاً لطبيعة هذه الجريمة، التي تهدف في المقام الأول إلى التأثير على الموقف السعودي الداعم للشرعية والشعب اليمني، وموقفها المبدئي لدعم استقرار ووحدة اليمن واستعادة دولته”.

وأضاف: “ولأن السعودية هي قائدة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وهي التي تبذل جهوداً كبيرة خلال السنتين الماضيتين في التقدم بجهود تحقيق السلام، فإن هناك عرقلة لدورها في دعم الشرعية لاستعادة الدولة حرباً أو سلماً”.

وتابع: “حادثة سيئون صورة من صور هذه العراقيل التي تسعى لإحداث شرخ في العلاقة مع الشرعية ومختلف أطرافها الوطنية، لكن تأكيد السعودية والجانب اليمني الرسمي وكذا القوى السياسية اليمنية، قد أكد أن هذه الحوادث لن تؤثر على الدور السعودي، ولا على العلاقات الراسخة”.

وأكمل: “بالمجمل فإن رد الفعل السعودي على الحادثة كان على قدر عالٍ من الإدراك، وهو ما ظهر في الاعلام الرسمي أو في مواقف الناشطين البارزين، السعوديين واليمنيين، التي اتفقت على أن العلاقة بين البلدين أقوى من كل تهديد أو حادثة، أو محاولة للتأثير على الدور السعودي”.

حادثة سابقة

كانت آخر حادثة وقعت في سيئون التي أصبحت أكبر مقر لتواجد القوات السعودية، في 19 سبتمبر عام 2019، عندما تعرضت دورية عسكرية تابعة للمنطقة العسكرية الأولى في “وادي بن عليب” بمنطقة شبام لهجوم، ما أدى لمقتل قائد قوات الحالف العربي في وادي حضرموت العقيد بندر العتيبي “أبو نواف” مع 4 جنود آخرين بينهم جنديان سعوديان.

كما تعرضت في نفس يوم مقتل العتيبي، حافلة نقل مدنية لاستهداف بخط الوديعة – مديرية العبر عبر عبوات ناسفة مما أدى إلى مقتل جنديين سعوديين وثلاثة مواطنين يمنيين.

وتدخلت السعودية على رأس تحالف عسكري (التحالف العربي لدعم الشرعية) بهدف محاربة الحوثيين بطلب من الحكومة اليمنية، بدءاً من عام 2015، حين سيطرت الجماعة المدعومة من إيران في عام 2014، على مناطق شاسعة في شمال البلاد، من بينها العاصمة صنعاء، وخلال سنوات الحرب سقط العشرات من قتلى الجنود السعوديين داخل اليمن وعلى الحدود مع المملكة.

وأدى اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، والذي دخل حيز التنفيذ في أبريل 2022، إلى انخفاض القتال، ورغم انتهاء الهدنة في أكتوبر من العام ذاته، غير أن القتال لا يزال معلقاً إلى حد كبير حتى اليوم وسط تقارب بين الحوثيين والسعودية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى