الاخبار

استيطان غزة.. خطة اليمين الإسرائيلي المتطرف لإعادة احتلال القطاع

وزراء في حكومة اليمنين يقودون توجهاً يمينياً لإعادة استيطان شمال قطاع غزة.

جيش الاحتلال بدأ عملية لإخلاء الشمال من السكان وهذا يمهد لإقامة مستوطنات.

تدفع حركات استيطانية إسرائيلية باتجاه إعادة الاستيطان استغلالاً للظروف الحالية.

على وقع حرب الإبادة غير المسبوقة في غزة، تكثف الحركات الاستيطانية داخل “إسرائيل” من تحركاتها من أجل إعادة الاستيطان في القطاع، بدعم كبير ولافت من وزراء في حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو وحزب الليكود.

مؤخراً شارك المئات من أنصار اليمين المتطرف في مؤتمر قرب قطاع غزة، دعا لإخلاء القطاع من سكانه، وإقامة مستوطنات داخله، باعتبار الوقت الحالي يمثل فرصة تاريخية لتنفيذ ذلك.

يحدث ذلك بالرغم من أن الاستيطان واستمرار تهويد الضفة والقدس، كان السبب الرئيس لاندلاع “طوفان الأقصى”، وبالرغم من الرفض الدولي الواسع لعودة الاحتلال لغزة، فهل تنجح خطّة إقامة مستوطنات في غزة؟.

لا مكان للعرب

يوم الإثنين الموافق (21 أكتوبر)، شارك المئات من اليمين المتطرف في مؤتمر “الاستعداد لإعادة استيطان غزة”، في منطقة عسكرية مغلقة، قرب مستوطنة بئيري على التماس مع غزة.

المؤتمر أقيم بدعوة من حزب الليكود اليميني الذي يقوده نتنياهو، وشارك فيه وزراء في الحكومة، وهم بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية، ويتسحاق غولدكنوبف وزير الإسكان، وإيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي، وعميحاي إلياهو وزير التراث، وأوريت ستروك وزير الاستيطان، ويتسحاق فاسرلاوف وزير تنمية النقب والجليلن و6 وزراء آخرين.

ويهدف هذا المؤتمر وغيره الكثير من الأنشطة والندوات والمؤتمرات والمسيرات إلى إعادة احتلال غزة، وبناء المستوطنات فيها، أو على الأقل شمالها، بعد أن غادرتها “إسرائيل” وفككت المستوطنات فيها عام 2005، بعد احتلال دام 38 عاماً.

ويعتبر اليمين المتطرف مغادرة غزة سابقاً بأنه خطأ فادح، وأنه يجب إخلاء القطاع من السكان العرب، وإعادة احتلاله من الشمال إلى الجنوب كلياً.

خطة الجنرالات

ويبدو أن الاحتلال على الأرض بدأ بتنفيذ استراتيجية إخلاء شمال غزة من السكان، تمهيداً للمرحلة المقبلة، والمتمثلة في إعادة استيطان الشمال، وصولاً إلى محور نتساريم الذي يقسم القطاع إلى نصفين.

ومنذ أسبوعين بدأ الاحتلال حملة عسكرية غير مسبوقة ضد جباليا ومناطق شمال القطاع، تطبيقاً لـ”خطة الجنرالات”، التي تهدف لإخلاء 300 ألف مدني، ووقف المساعدات عن تلك المناطق، لمحاصرة المقاومة، وإجبارها على الاستسلام.

ويوم الاثنين (21 أكتوبر)، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إن غزة جزء من “إسرائيل”، وأنه لن يكون هناك أمن دون الاستيطان في القطاع، مضيفاً: “أينما يوجد استيطان يوجد أمن، وأينما يوجد مدنيون هناك وجود عسكري”.

وقال سموتريتش في تصريحات عشية مشاركته في مؤتمر الاستيطان الذي عُقد عند حدود غزة: “من لديه عينان يدرك أنه من دون وجود مدني استيطاني لا يمكن إبقاء الجيش لفترة طويلة، لذلك يجب أن يكون في غزة وجود يهودي وإحياء الاستيطان الطلائعي القوي من جديد”.

بدوره قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، خلال المؤتمر، إن “إسرائيل” بإمكانها تجديد المستوطنات في غزة، داعياً إلى تشجيع هجرة الفلسطينيين من القطاع.

وأضاف بن غفير: “هذا هو الحل الأفضل والأكثر أخلاقية، ليس بالقوة ولكن بأن نقول لهم نمنحكم خيار المغادرة إلى بلدان أخرى، فأرض إسرائيل لنا”.

المنظمات الاستيطانية

ومنذ الأيام الأولى للطوفان، نشطت المنظمات الاستيطانية، وحشدت لتأييد دعواتها لإعادة الاستيطان، وفي ديسمبر 2023، نظمت قرابة 15 منظمة استيطانية اجتماعاً لدعم فكرة الاستيطان بغزة.

وفي يناير 2024، نظمت حركة “نحلا” مؤتمراً بعنوان “معاهدة النصر وتجديد الاستيطان”، وحينها ركز المؤتمر على تعزيز الاستيطان في غزة وشمال الضفة الغربية، وشارك فيه حينها 12 وزيراً و15 عضو كنيست.

وتقترح الحركة المتطرفة، تعزيز الاستيطان من خلال التحركات السياسية وتعبئة الدعم الداخلي والخارجي، وتعبئة المجتمع الاستيطاني والتحضير لإعادة الاستيطان، والاستراتيجية الميدانية لذلك.

ما بعد الحرب

وبالرغم من أن صورة ما بعد الحرب على غزة لا تزال غير واضحة، إلا أن خطط اليمين المتطرف في “إسرائيل” تبدو أكثر وضوحاً، وأكثر إصراراً على إعادة الاستيطان إلى القطاع.

وفي سبتمبر 2024 تحدثت صحيفة “هآرتس” العبرية، عن خطط تتعلق بالمرحلة المقبلة من الحرب على غزة، مشيرة إلى نية نتنياهو وحكومته الاستعداد لاستيطان شمال القطاع وضمّه.

وأضافت الصحيفة في تحليل كتبه ألوف بن، رئيس تحرير الصحيفة، إن “إسرائيل تسعى لتعزيز سيطرتها على شمال القطاع وصولاً إلى محور نتساريم، الذي قام الجيش الإسرائيلي بإنشائه في وسط غزة بغية فصل شمالها عن جنوبها”.

وأشار إلى أن الخطة تشمل أيضاً تحويل هذه المنطقة الممتدة من الشمال إلى الوسط، تدريجياً إلى مستوطنة يهودية وضمّها إلى “إسرائيل”، ما يعني أن سكان الشمال الفلسطينيين سيجبرون على المغادرة.

وتعزز الحركات الاستيطانية خططها، بالتراث الديني الإسرائيلي، الذي يمنح “إسرائيل” حق السيطرة على الأرض، من خلال الطرد الجماعي للفلسطينيين، وفقاً لقوانين الحرب.

وفي مؤتمر النصر الذي نظمته حركة “نحلا” في يناير الماضي، قال الحاخام أوزير شراف، إن “وصية رِثْ أرض إسرائيل” تعني احتلال الأراضي وطرد كل من يعارض الحكم الإسرائيلي، “كما فعل يوشع بن نون”.

أهداف وتبعات

ويبدو أن نتنياهو وحكومته يسعيان للخروج من مأزق الحرب والفشل الأمني الذريع من خلال تصدير فكرة الاستيطان، وجعلها محور الاهتمام حتى بعد الحرب، للتغطية على ذلك الفشل الذي قاد لهجوم 7 أكتوبر.

وقال موقع “الجزيرة نت” في مقال تحليلي كتبه مصطفى الأطرش، ونشره في يونيو الماضي، إن إعادة الاستيطان ستصب بلا شك في مصلحة نتنياهو، بالرغم من كون ذلك يمثل تحدٍ للقانون الدولي، ويعرض حياة المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر.

ولفت إلى أن انتهاء الحرب في غزة، “سيعني تفرُّغ التيارات الإسرائيلية لطرح أسئلة حول الإخفاق الأمني والاستخباري غير المسبوق الذي أدى إلى عملية طوفان الأقصى، وما تلاها من عجز عسكري عن تدمير القدرات القتالية لحماس بعد أشهر من القتال والتراخي في استعادة الأسرى المحتجزين لدى الحركة، وقتل الكثير منهم”.

ومع ذلك فإن خطة عودة الاستيطان إلى غزة، تنطوي على العديد من التحديات، أبرزها المقاومة التي أصبح لديها خبرة في حرب العصابات، ما يعني الفشل في حماية أي مجتمع استيطاني قد يعود إلى القطاع، وكذا تزايد الانتقادات من المجتمع الدولي لـ”إسرائيل” باعتبار الاستيطان غير قانوني.

بؤر استيطانية

ولعل الصيغة الأقرب والتي قد يبدأ بها جيش الاحتلال تتمثل في إنشاء بؤر استيطانية في المناطق التي أخلاها من سكانها شمال القطاع، ووفقاً لموقع “الجزيرة نت”، فإن حكومة الاحتلال “قد تميل إلى اختيار مواقع البؤر الاستيطانية بحيث تضرب عدة عصافير بحجر واحد، فتحقق هدف التشويه الجغرافي عبر فصل شمال القطاع عن جنوبه وإحكام حصارها للقطاع من جهة، ومن جهة أخرى تلعب على مشاعر الحركة الاستيطانية وتمنحها انتصاراً رمزياً بالعودة إلى المستوطنات المفككة في القطاع”.

وبيّن الموقع أن استيطان غزة سيحقق هدفاً استراتيجياً مهماً لـ”إسرائيل”، يتمثل في تفتيت آخر مساحة أرض متصلة من الأراضي المرشحة لقيام دولة فلسطينية في المستقبل، مشيراً إلى أن “استراتيجية البؤر الاستيطانية أثبتت نجاحها في الضفة الغربية خلال العقود الماضية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى