الاخبار

استهداف ممنهج.. الاحتلال يقتل فناني غزة بعمليات اغتيال مركزة

خسرت الثقافة الفلسطينية 41 فناناً وكاتباً وناشطاً بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة

لم يترك العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة أي فئة من فئات الشعب الفلسطيني إلا استهدفها وقتل المئات منها، ضمن خطط واضحة لإبادة النخب الفلسطيني وإنهاء جيل كامل منها.

من أبرز أهداف جيش الاحتلال خلال الإبادة الجماعية التي يتعرض لها قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023، فنانون ومبدعون قتلهم الاحتلال ضمن عمليات اغتيال متعمدة استهدفتهم في منازلهم، وفقاً لتأكيدات وصل إليها مراسل “الخليج أونلاين” في القطاع.

الثقافة في غزة خسرت -وفقاً لإفادات رسمية لوزارة الثقافة الفلسطينية- 41 فناناً وكاتباً وناشطاً، كان آخرهم الفنانة التشكيلة محاسن الخطيب، التي قتلها جيش الاحتلال خلال هجومه المستمر على جباليا شمالي القطاع، في أكتوبر الماضي.

الخطيب التي استشهدت بقصف لمنزلها في جباليا، سبق أن رسمت صورة تظهر الشاب شعبان الدلو الذي مات حرقاً في خيمة نزوحه بساحة مستشفى شهداء الأقصى، جراء قصف إسرائيلي استهدفه.

نشرت الفنانة الخطيب عبر حسابها في “إنستغرام” فيديو للحريق وكتبت: “شفنا الناس بتولع (تحرق) شفنا الناس محدش (لا أحد) قاعد يساعد، شفنا الناس بتموت قدام عنينا.. الرحمة من الله علينا”.

وسبق استشهاد الخطيب أيضاً استشهاد الفنان المنشد حمزة أبو قينص باستهداف إسرائيلي له في شمال القطاع في أكتوبر الماضي.

يعد أبو قينص واحداً من أشهر المنشدين في غزة، إذ اشتهر بقدرته على رثاء الشهداء بأناشيد تحمل الطابع الديني والوطني، ومن أشهر أعماله “فاض الحنين”، و”مع السلامة يا مسك فايح”، و”شيعوه”، و”عشق المخيم”.

بدأت مسيرة أبو قينص في سن مبكرة، عندما كان لا يزال في الصف الرابع الابتدائي، إذ بدأ بالمشاركة في الإذاعة المدرسية، قبل أن ينتقل إلى الاستديوهات الصوتية ليبدأ بتسجيل أعماله.

ومن بين الشهداء الفنانين في غزة عضو فرقة “أصايل وطن” للدبكة الشعبية تالا بعلوشة (17 عاماً)، ولبنى محمود (15 عاماً)، طالبة الموسيقى في معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى، التي كانت تمثل بلدها في الأوركسترات العربية والعالمية، والتي استشهدت مع أكثر من 50 شخصاً من عائلتها.

من بين القائمة أيضاً الفنان التشكيلي ورئيس منتدى الفن التشكيلي ثائر الطويل، الذي استشهد مع عائلته في إحدى غارات الاحتلال على القطاع، والفنانة المتخصصة في الفنون البصرية والمسرح إيناس السقا، التي استشهدت مع أولادها الثلاثة، وقد كان لها أعمال زاخرة في مسرح الأطفال، وتعدّ من أوائل فناني المسرح في غزة.

واستشهدت أيضاً الفنانة التشكيلية حليمة كحلوت مع 10 من أفراد عائلتها، كما نعت وزارة الثقافة الفلسطينية الشاعر الشهيد عمر فارس أبو شاويش والكوميديان علي نسمان خلال قصف الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، في أكتوبر 2023.

وشملت قائمة الشهداء أسماء أخرى لامعة من الفنانين والكتاب والصحفيين والمؤرّخين والعازفين، مثل الفنان محمد السلك الذي كان فاعلاً في جمعية مسرح بذور للثقافة والفنون، وأيضاً الممثل علاء قدوحة المشهور بـ”الجنرال موشي”، وهو أحد أبطال مسلسل “قبضة الأحرار” الذي تدور أحداثه فيما يشبه التنبؤ بعملية طوفان الأقصى، ومن قبله استشهد مخرج المسلسل محمد خليفة والمصور مصطفى ثريا.

ومن المبدعين الشهداء كانت أيضاً “الفنانة التشكيلية هبة زقوت، وقتلت مع ابنها، والكاتبة والشاعرة هبة أبو ندى، والشاعر عمر أبو شاويش، والفنانة إيناس السقا المتخصصة في الفنون البصرية والمسرح، والفنان والإعلامي والمؤثر علي عبد الله حسن النسمان، والشاعر عمر فارس أبو شاويش”.

استهداف ممنهج

الكاتب الروائي والقاص يسري الغول يؤكد أن استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للفنانين والكتاب والأدباء الفلسطينيين هو مدروس وممنهج، هدفه طمس الهوية الفلسطينية وتدمير الموروث الثقافي والمقدرات الفكرية والفنية.

ويقول الغول في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الشعب الفلسطيني فقد كثيراً من النخب، وتحديداً الفنانين والأدباء والشعراء، قبل العدوان على قطاع غزة، حيث اغتال الاحتلال غسان كنفاني، وناجي العلي، وخلال الحرب اغتال كثيرين أيضاً، ورغم ذلك ما يزال هناك من يكتب ويؤرخ ويرسم ويستخدام كل أدوات الفن التشكيلي والتعبيري”.

ويشدد الغول على أن الاحتلال لن يستطيع باغتياله الفنانين والأدباء القضاء على جيل من الفنانين في قطاع غزة.

ويضيف أن “الفنانين الفلسطينيين كطائر العنقاء، ولن ينجح الاحتلال بطمس الهوية الثقافية الفلسطينية التي سيتم تطويرها من خلال إعادة بناء المؤسسات وتوفير اللوحات”.

حرب الرواية

وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف أكد أن حرب الرواية والسردية التي تقوم بها دولة الاحتلال من أجل استهداف وجود الشعب الفلسطيني هي استكمال لجريمة النكبة التي لم تتوقف منذ قرابة 76 عاماً”.

يقول أبو سيف في تصريحات صحفية سابقة له: “الاحتلال يستهدف المباني التاريخية والمواقع التراثية والمتاحف والمساجد والكنائس التاريخية، إضافة إلى المؤسسات الثقافية من مراكز ومسارح ودور نشر ومكتبات عامة ومحلات بيع وجامعات ومدارس وجداريات فنية وكتب، ويقوم باغتيال الشعراء والكتاب والفنانين والمؤرخين”.

وأوضح أن الحرب التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني تطول البشر والحجر والشجر والمكان والزمان بماضيه وحاضره ومستقبله، في محاولة بائسة لطمس الهوية الوطنية ومحو الذاكرة الجمعية لشعبنا، وتدمير كل شواهد وجوده وارتباطه بالأرض، مؤكداً أن الثقافة الفلسطينية هي الجين الوراثي لهويتنا الوطنية، وهي جوهر وأساس سرديته التاريخية ومرافعته الحقوقية والسياسية.

وبدعم أمريكي ترتكب “إسرائيل”، منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى