استقالات وتحقيقات قادمة.. لعنة “7 أكتوبر” تطارد قادة الاحتلال بعد الهدنة
هذه الاستقالة زادت من الضغط السياسي على نتنياهو، حيث سارعت المعارضة الإسرائيلية إلى استغلال الأمر.
فتحت استقالة رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، إلى جانب عدد من قيادات الجيش، على خلفية إخفاقات أحداث السابع من أكتوبر وعملية الاقتحام التي نفذتها “كتائب القسام” لبلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية، الباب واسعاً أمام موجة انتقادات جديدة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
هذه الاستقالات جاءت في ظل تصاعد المطالبات بتنحي نتنياهو وتحمله المسؤولية السياسية والعسكرية عن الإخفاقات التي كلفت “إسرائيل” خسائر كبيرة، نتيجة هجوم الجناح العسكري لحركة “حماس”، وإطالة أمد الحرب.
تحمل استقالة هاليفي، والتي تبعتها أخرى لقائد المنطقة الجنوبية يارون فنكلمان وعدد من القادة العسكريين، دلالات عميقة على مستوى الرضا في المؤسسة العسكرية والحكومة، خاصة أنها جاءت بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وهو ما يعكس عدم الرضا عن النتائج النهائية للحرب والإدارة الحكومية للأزمة.
تشير هذه الاستقالات إلى أزمة ثقة متفاقمة داخل المؤسسة العسكرية، التي طالما كانت ركيزة الاستقرار في “إسرائيل”، إضافة إلى أنها ليست سهلة أو متكررة، وكانت آخر استقالة على هذا المستوى في جيش الاحتلال وقعت في أبريل 2024، حين تقدم بها رئيس شعبة الاستخبارات، الجنرال أهالون هاليفا.
استقالة هاليفي التي ستدخل حيز التنفيذ في 6 مارس المقبل، حملت رسالة واضحة بأن الجيش فشل في مهمة الدفاع عن “إسرائيل”، وأن دولة الاحتلال دفعت ثمناً باهظاً لذلك. هذا الموقف زاد من الضغط السياسي على نتنياهو، حيث سارعت المعارضة الإسرائيلية إلى استغلال الأمر.
وجاءت الاستقالة في مرحلة حساسة، تضيف عبئاً سياسياً وأخلاقياً على نتنياهو، لا سيما مع تصاعد الملاحقات القانونية ضده والاحتجاجات المستمرة على سياساته.
وتعد استقالات القيادات العسكرية مؤشراً على تراجع ثقة الشعب الإسرائيلي في قيادته السياسية والعسكرية، مما يعمق الانقسامات الداخلية ويؤثر على استقرار الدولة، وإمكانية الوصول إلى انتخابات مبكرة.
ويوم الأحد 19 يناير، أُنجزت المرحلة الأولى من تبادل الأسرى، حيث أفرجت حركة “حماس” عن ثلاث أسيرات، مقابل إفراج “إسرائيل” عن 90 أسيراً فلسطينياً.
وأدت دولة قطر دوراً محورياً في اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين “حماس” و”إسرائيل”، بعد أشهر من رعاية المفاوضات إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية ومصر.
خدمة لنتنياهو
الخبير في الشأن الإسرائيلي، عماد أبو عواد، يرى أن استقالة رئيس أركان جيش الاحتلال، تشكل ضغط على الأطراف السياسية المحيطة بنتنياهو، لكنها من الناحية الشعبية تعد مطلباً.
يقول أبو عواد في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “اليمين الإسرائيلي هو الذي طالب بإقالة هاليفي تحت مسميات أنه أفشل الانتصار على حركة حماس في قطاع غزة، واعتراضه على الحملة العسكرية التي قام بها الجيش في الضفة الغربية”.
يرى أبو عواد أن استقالة هاليفي “ستمهد لمزيد من سيطرة نتنياهو على الجيش، خاصة أن هناك قيادات فيه مناوئة له”.
يستبعد الخبير في الشأن الإسرائيلي امتداد استقالة هاليفي وقيادات جيش الاحتلال على وزراء داخل حكومة نتنياهو اليمينية التي وصفها بـ”المتماسكة” رغم الأزمات الكبيرة التي تعصف فيها.
غضب المعارضة
توقيع اتفاق وقف إطلاق النار يبدو أن سيفتح باباً نحو تحقيقات موسعة في فضيحة السابع من أكتوبر بالنسبة لدولة الاحتلال، حيث تصاعدت المطالب بالتحقيق في أسباب ذلك الفشل الإسرائيلي.
زعماء المعارضة في الكنيست دعوا نتنياهو إلى الاستقالة أسوة بهاليفي، وعدم الانتظار حتى تشكيل لجنة تحقيق في أحداث السابع من أكتوبر.
زعيم المعارضة يائير لابيد وصف استقالة هاليفي بأنها “خطوة شجاعة”، ودعا عبر حسابه في موقع “إكس” إلى أن يتحمل نتنياهو وحكومته المسؤولية.
كما وجه رئيس حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، انتقادات حادة للحكومة، مطالباً باستقالة جماعية.
من جانبه، أشاد بيني غانتس، رئيس حزب الوحدة الوطنية ورئيس الأركان الأسبق، بهاليفي ووصفه بـ”المحارب الذي تحمل المسؤولية بشجاعة”.
غانتس دعا إلى إنشاء لجنة تحقيق حكومية للكشف عن إخفاقات السابع من أكتوبر، وطالب بقيادة البلاد نحو انتخابات مبكرة لتشكيل حكومة قادرة على استعادة ثقة الجمهور.
كذلك، دعا الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاقات 7 أكتوبر، وأوضح عبر منصة “إكس”، أن “المطلوب من هذه اللجنة استخلاص العبر، وتحقيق المساءلة، بما يؤدي إلى تعزيز الثقة بين الشعب والدولة”.