استخدام الاحتلال لشركات هدم في غزة.. تدمير ممنهج لمنازل المدنيين
الخطوة تأتي ضمن التدمير الممنهج لمنازل المدنيين الفلسطينيين في مدن قطاع غزة المختلفة، وإحداث أكبر تدمير لها وللبنى التحتية
انتقل جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المستمر على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى مرحلة جديدة من التدمير والانتقام من المدنيين الفلسطينيين، من خلاله استقدامه شركات مدنية خاصة لمساعدته في هدم منازل الفلسطينيين بسرعة وبقدرة تدميرية أكثر.
أظهر مقطع فيديو نشره أحد جنود جيش الاحتلال وجود شركة إسرائيلية مدنية تدعى “مشك عفار المحدودة”، تستخدم آلياتها وحفارتها في هدم منازل المدنيين الفلسطينيين في رفح أقصى جنوب قطاع غزة.
يظهر في الفيديو أحد موظفي الشركة أثناء قيادته جرافة داخل رفح، قائلاً إن “الشركة قامت بهدم عشرات المنازل، وإن رئيس الشركة سيهدم بنفسه مسجداً في رفح”.
مراسل “الخليج أونلاين” في جنوب قطاع غزة، نقل أيضاً عن مدنيين تمكنوا من الوصول إلى منازلهم في رفح، وجود آليات وحفارات مدنية تستخدم في هدم منازل المدنيين القاطنين في المدينة التي تتعرض لهجوم إسرائيلي منذ مايو الماضي بدون توقف.
تدمير ممنهج
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي، محمود حلمي، أن استعانة جيش الاحتلال الإسرائيلي بشركات خاصة لتدمير منازل السكان في المدينة الحدودية مع مصر يعكس وجود رغبة لدى قيادة الجيش بتدمير المدينة بشكل كامل وبأسرع وقت ممكن.
يقول حلمي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الاحتلال يبدو أنه سيطر على المدينة بشكل كامل خاصة المناطق الحدودية مع مصر، لذلك أدخل الشركات المدنية في الهدم والتدمير مع وجود الحماية لها من خلال الدبابات والتغطية الجوية”.
يصف حلمي استخدام تلك الشركات بأنه “يأتي ضمن التدمير الممنهج لمنازل المدنيين الفلسطينيين في مدن قطاع غزة المختلفة، وإحداث أكبر تدمير لها وللبنى التحتية”.
وأوضح حلمي أن استخدام شركات إسرائيلية خاصة في تدمير منازل المواطنين تعد سابقة في غزة ولم تحدث من قبل، وذلك يعود لعدة أسباب قد يكون منها وجود أزمة في عدد الآليات والحفارات العسكرية لدى جيش الاحتلال الذي يقاتل في لبنان وبأكثر من مدينة في القطاع.
كما يرى أن الاحتلال استعان بهذه الشركات أيضاً من أجل إيصال رسائل ميدانية بتحركه بحرية داخل مدينة رفح التي تتعرض لهجوم منذ مايو الماضي، وسيطر خلالها على محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر.
يشير أيضاً إلى أن الاحتلال “يريد بشكل واضح إقامة منطقة أمنية عازلة بين محور فيلادلفيا وعمق مدينة رفح، لذلك استعان بهذه الشركات المدنية للإسراع بإقامة تلك المنطقة واستخدامها أيضاً كورقة خلال المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية”.
تقديرات أممية
أمام حجم الدمار الكبير، قدرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة بنحو 40 مليار دولار، وأكدت أن التعافي من الدمار الهائل وغير المسبوق الذي لحق بالقطاع بسبب العدوان الإسرائيلي الممتد قد يستغرق 80 عاماً.
وقال عبد الله الدردري الأمين العام المساعد للأمم المتحدة ومدير المكتب الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بمؤتمر صحفي في العاصمة الأردنية عمان في أكتوبر الماضي: إن “إعادة الإعمار في قطاع غزة قضية مكلفة للغاية ستستغرق وقتاً طويلاً”.
وأوضح الدردري أن تكلفة إعادة الإعمار تبلغ حوالي 18 مليار دولار بحسب ما التقطته الأقمار الصناعية من دمار، لكن هذه ليست القيمة النهائية على الأرض.
وأضاف: “تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الأولية لإعادة بناء كلّ ما دمّر في غزة تتجاوز 30 مليار دولار وتصل حتى إلى 40 مليار دولار”، واعتبر أن تلك “مهمة لم يسبق للمجتمع الدولي أن تعامل معها منذ الحرب العالمية الثانية”.
وأشار إلى أنه “جرى بحث تمويل إعادة الإعمار مع دول عربية وهناك إشارات إيجابية للغاية حتى الآن”، دون أن يعطي تفاصيل أخرى.
وبيّن أن الاعتماد على “الأطر التقليدية” لإعادة البناء يعني أن “الأمر قد يستغرق عقوداً من الزمن والشعب الفلسطيني لا يملك رفاهية عقود من الزمن. لذلك من المهم أن نقوم بسرعة بإيواء الناس في سكن كريم وإعادة حياتهم الطبيعية الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية (…) خلال السنوات الثلاث الأولى بعد وقف إطلاق النار”.
وجاء في تقييم البناء الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه إذا تحققت أفضل الاحتمالات مع افتراض تسليم مواد البناء بأسرع 5 أمثال ما كان عليه الحال في أزمة غزة السابقة في عام 2021، يمكن إعادة بناء المنازل المدمرة بحلول عام 2040.
وأكد الدردري أن إجمالي الركام الذي تراكم حتى الآن في غزة يصل إلى 37 مليون طن، معتبراً أن هذا الرقم “هائل ويتصاعد يومياً وآخر البيانات تشير إلى أنه يكاد يبلغ الـ40 مليون طن”.
ولفت إلى أن “72% من الأبنية السكنية دُمّرت كلّياً أو جزئياً”، بينما “التنمية البشرية في غزة بكل مكوناتها من صحة وتعليم واقتصاد وبنى تحتية تراجعت 40 عاماً. أربعون عاماً من الجهود والاستثمارات ذهبت أدراج الرياح”.