استثمارات محتملة في النحاس.. السعودية تعزز علاقاتها مع تشيلي
ما هدف محادثات السعودية و”كوديلكو” التشيلية؟
تعزيز الشراكة في قطاع النحاس وتكنولوجيا التعدين.
ما أبرز مجالات التعاون الاستثماري بين السعودية وتشيلي؟
- التعدين والصناعة.
- تبادل الخبرات التقنية.
- الذكاء التسويقي.
تبرز الشراكة الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وتشيلي، باعتبارها نموذجاً للتعاون الدولي الذي يهدف إلى تعزيز الاستثمارات وتنويع الموارد الاقتصادية، خاصة في مجال التعدين والذي يحمل فرصاً واعدة.
يأتي هذا التعاون ليواكب السباق العالمي للاستثمار في قطاع التعدين باعتباره أبرز المحركات الاقتصادية العالمية في المستقبل، خاصة مع تزايد الطلب على المعادن الأساسية مثل النحاس، الذي يُعد عنصراً حيوياً في التحول نحو الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المتقدمة.
استثمارات النحاس
تتطلع المملكة إلى تعزيز استثماراتها في قطاع المعادن، وذلك في إطار مساعيها الطموحة لتأمين موارد استراتيجية تدعم تحولها نحو اقتصاد مستدام ومتقدم تقنياً.
وكشف رئيس مجلس إدارة شركة “كوديلكو” التشيلية ماكسيمو باتشيكو، عن أن الشركة تجري محادثات مع السعودية بشأن استثمارات مشتركة محتملة في قطاع النحاس، في خطوة تعزز مكانة المملكة كمركز عالمي للمعادن الحيوية، وتدعم خططها للتحول إلى اقتصاد متنوع قائم على تقنيات الطاقة النظيفة.
وأشار باتشيكو في مقابلة مع وكالة “رويترز”، إلى أن إنتاج “كوديلكو”، التي تعد أكبر منتج للنحاس في العالم، من المتوقع أن يرتفع هذا العام بنحو 70 ألف طن، ليصل إلى 1.4 مليون طن تقريباً.
وأوضح أن المحادثات شملت نقاشات حول الاستثمار المشترك والتعاون التكنولوجي، ومن ذلك إدخال الذكاء الاصطناعي في عمليات التعدين، إلى جانب الاستفادة من خبرة المملكة في مجالات مثل تحلية المياه.
وعلى هامش مؤتمر التعدين الدولي في الرياض، التقى باتشيكو مع وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، وممثلين عن شركة “منارة المعادن”، وهي مشروع مشترك بين شركة التعدين العربية السعودية “معادن” وصندوق الاستثمارات العامة، الذي يدير أصولاً بقيمة 925 مليار دولار.
وأكد أن هناك رغبة واضحة من الجانبين لتعزيز الشراكة، معرباً عن أمله في إعلان نتائج هذه المحادثات خلال الأشهر القليلة المقبلة.
تسعى السعودية، في إطار رؤية 2030، إلى تقليل اعتماد اقتصادها على النفط عبر التحول إلى مركز إقليمي لصناعة البطاريات والمركبات الكهربائية، من خلال تأمين معادن أساسية مثل النحاس والليثيوم.
وعلى الرغم من اهتمام المملكة بأصول الليثيوم في تشيلي أوضح باتشيكو أن السعودية ليست من بين المستثمرين المختارين في مشروع كبير لليثيوم تعمل عليه “كوديلكو”، والذي سيُتخذ قرار بشأنه في مارس المقبل.
وأضاف باتشيكو: “تتحرك الأسواق بسرعة كبيرة، لذا يجب علينا التحرك بالسرعة نفسها لتحقيق هذه الشراكات الاستراتيجية”.
وكان الوزير الخريف قد أعلن، في يوليو الماضي، أن شركة “منارة المعادن” السعودية تبحث عن فرص الاستثمار في إنتاج الليثيوم في تشيلي، وأن الشركة تعكف على تحليل الخيارات المختلفة.
تعزيز التعاون الاستثماري
تبادلت السعودية وتشيلي العديد من الزيارات والاجتماعات الهامة، خلال الأشهر الماضية، لبحث فرص التعاون في مختلف المجالات الاقتصادية، مما يعكس التزامهما بتوسيع الشراكات التجارية والاستثمارية بما يخدم مصالحهما المشتركة.
وعُقد اجتماع الطاولة المستديرة الاستثماري بين السعودية وتشيلي، في 5 أغسطس 2024، بالعاصمة سانتياغو بحضور وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، وعدد من المسؤولين الحكوميين من البلدين.
وتم خلال الاجتماع مناقشة فرص الاستثمار وتعزيز العلاقات الاقتصادية، إضافة إلى سبل تنمية الاستثمارات النوعية وتمكين القطاع الخاص من الاستفادة من الفرص المتاحة في كلا البلدين، كما تم بحث أوجه التعاون في عدد من المجالات ذات الاهتمام المشترك.
كما التقى الفالح مع عدد من الوزراء التشيليين، وتمت مناقشة سبل تعزيز التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك، إضافة إلى الفرص الاستثمارية المتاحة بين البلدين.
وأبرمت الرياض وسانتياغو في 31 يوليو 2024، مذكرة تفاهم مشتركة لتعزيز التعاون التجاري، بحضور الوزير الخريف، وكذلك نائب وزير الخارجية التشيلي، رودريغو أولسن، وذلك على هامش اجتماع الطاولة المستديرة الاستثماري.
وأوضح الرئيس التنفيذي لبنك التصدير والاستيراد السعودي سعد الخلب، أن المذكرة تعكس الرغبة المتبادلة لتعزيز الأنشطة التجارية والاستثمارية بين البلدين، كما ستساهم في تمكين صادرات المنتجات السعودية غير النفطية إلى الأسواق التشيلية.
وتتضمن المذكرة مجالات عدة مثل الذكاء التسويقي، والأبحاث، والتوسيط التجاري، إضافة إلى تبادل المعلومات والخبرات لتعزيز العلاقات التجارية بين المملكة وتشيلي، كما سيتم إنشاء آلية لتبادل المعلومات حول الفرص الصناعية والمشاريع الاستثمارية لتعزيز الشراكات التجارية وتنمية النمو الاقتصادي.
يُذكر أن بنك التصدير والاستيراد السعودي هو بنك تنموي يتبع لصندوق التنمية الوطني، ويهدف إلى تعزيز كفاءة المنظومة التجارية في المملكة، ودعم تصدير المنتجات السعودية غير النفطية، وفقاً لرؤية المملكة 2030.
تعاون واعد
ويتحدث الخبير الاقتصادي د. أحمد ذكر الله، عن أهمية التعاون الاستثماري بين السعودية وتشيلي والفرص المتاحة، مشيراً إلى المباحثات الهامة بين الطرفين في العديد من المجالات، منها الذكاء الاصطناعي والأبحاث التسويقية، وتبادل الخبرات.
وأضاف في حديث لـ”الخليج أونلاين” أن هذه المباحثات هي تتويج لمجموعة من الجهود السابقة التي تستهدف تنويع العلاقات الاقتصادية الخارجية للسعودية، والتوسع نحو أمريكا الجنوبية، بدلاً من الاعتماد على الدول الأوروبية على مدى عقود ماضية.
ويشير ذكر الله إلى أن السعودية تهدف من مساعيها إلى جذب المستثمرين، لا سيما في مجال الاستثمارات التعدينية، حيث عملت على إعادة ترتيب بيت الاستثمار التعديني من الداخل، وإعادة تنظيم هذا الاستثمار.
وبين أن السعودية “تهدف من خلال مذكرات التفاهم مع تشيلي للاستفادة من خبراتهم، لا سيما بعد تعديل المملكة النظام الاستثماري التعديني وتوسع إمكانية الوصول إلى البيانات والمعلومات المتعلقة بقواعد البيانات اللازمة لإرشاد المستثمر التعديني”.
ويعتقد ذكر الله أن التعاون بين السعودية وتشيلي في الجوانب المختلفة يصب في صالح جذب المستثمرين إلى المملكة، والاستفادة أيضاً من خبرات الجانب التشيلي في إنتاج معادن هامة، وتوسيع دائرة الارتكاز والاعتماد على الأسواق العالمية.
التبادل التجاري والاستثماري
يشهد التبادل التجاري والاستثماري بين السعودية وتشيلي نمواً ملحوظاً، حيث يسعى الجانبان إلى تطوير التعاون في قطاعات حيوية متنوعة وتعزيز الاستثمارات المشتركة وتبادل الخبرات التقنية.
وتشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية إلى أن قيمة الصادرات السعودية إلى تشيلي في 2023، بلغت ما يعادل 687.4 مليون ريال سعودي (183.3 مليون دولار)، تصدّرتها مصنوعات من حديد أو صلب (فولاذ) بقيمة 177.6 مليون دولار، ولدائن ومصنوعاتها بقيمة 3.1 ملايين دولار، ومنتجات كيميائية عضوية بقيمة 1.1 مليون دولار.
وفي أكتوبر 2024، بلغت قيمة صادرات المملكة غير النفطية إلى تشيلي 2.1 مليون ريال سعودي (560.3 ألف دولار)، وشملت منتجات الصناعات الكيميائية واللدائن ومصنوعاتها، والمطاط ومصنوعاته، وتحف فنية، وقطع أثرية.
أما بالنسبة للواردات، فقد بلغت قيمتها إلى المملكة من تشيلي في 2023 ما يعادل 451.4 مليون ريال سعودي (120.5 مليون دولار)، مسجلة بذلك تراجعاً بنسبة 26.4% مقارنة بالسنة السابقة.
وتصدرت قائمة الواردات من حيث القيمة، الفواكه والأثمار، وقشور الحمضيات والخشب ومصنوعاته، والفحم الخشبي، ومعلبات خضر، وفواكه وأثمار.
وفي أكتوبر 2024، استوردت المملكة من تشيلي منتجات بقيمة 28.3 مليون ريال سعودي (7.5 مليون دولار).