الاخبار

48 مليار دولار صادرات رقمية.. هل ترسم مرحلة اقتصادية جديدة للإمارات؟

ما حجم صادرات الإمارات من الخدمات الرقمية؟

47.91 مليار دولار في عام 2023.

 ما الهدف من الشراكات الاقتصادية الشاملة؟

تعزيز التجارة الرقمية وحماية الملكية الفكرية.

تسير دولة الإمارات العربية المتحدة بخطى واثقة نحو تعزيز موقعها في الاقتصاد الرقمي، وترسيخ مكانتها كمركز عالمي للتجارة الرقمية عبر توقيع اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة ودمج التقنيات الحديثة في مختلف القطاعات.

ومع استمرار التوسع في تقنيات الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، يبرز التساؤل حول مدى قدرة هذه التطورات على إحداث نقلة نوعية في مستقبل الاقتصاد الإماراتي، ودورها في تعزيز تنافسية الدولة على الصعيدين الإقليمي والعالمي.

الشراكة الاقتصادية

وفي هذا السياق، أعلن وزير دولة للتجارة الخارجية الإماراتي ثاني بن أحمد الزيودي، أن بلاده جاءت في صدارة قائمة الدول الأكثر نمواً في التجارة الرقمية، إذ بلغ إجمالي صادراتها من الخدمات الرقمية 47.91 مليار دولار في عام 2023، بنمو نسبته 5% مقارنة بعام 2022.

ونقلت وكالة الأنباء الإماراتية في 10 مارس الجاري عن الزيودي تأكيده على أن “الدول التي تتبنى سياسات تجارية تعتمد الذكاء الاصطناعي، وتبرم اتفاقيات تجارة رقمية، ستقود الاقتصاد العالمي في العقد المقبل”.

كما تمتد اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تبرمها الإمارات إلى ما هو أبعد من التجارة التقليدية، إذ تضمنت كل واحدة منها فصلاً مخصصاً حول التجارة في الخدمات، مع التركيز بشكل خاص على الخدمات المقدمة رقمياً، وفق الزيودي.

ويسهم هذا التوجه في تعزيز قدرة الإمارات على مواكبة التحولات العالمية السريعة، ودمج التكنولوجيا المتقدمة في مختلف قطاعات الاقتصاد.

ويعد تبني التكنولوجيا الحديثة ركيزة أساسية في استراتيجية دولة الإمارات لبناء اقتصاد المستقبل، حيث نجحت في دمج الذكاء الاصطناعي وتقنيات “البلوك تشين” في أنظمتها التجارية، بما في ذلك عمليات التخليص الجمركي، ما يعزز من كفاءة وسرعة تدفق السلع والخدمات عبر الحدود، ويضع الإمارات في موقع ريادي لتشكيل معايير التجارة الرقمية العالمية.

ريادة رقمية

ويؤكد الخبير الاقتصادي جلال بكار، بأن الاقتصاد الرقمي لم يعد بالإمكان تجاهله، إذ بات يوازي الاقتصاد العالمي في حجم المنتجات والخدمات.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن “موقع الإمارات الجغرافي واللوجستي، بالإضافة إلى بنيتها التحتية المتطورة، تهيئ الظروف لتكون الدولة رائدة في مجال الاقتصاد الرقمي”.

كما يرى أن “الريادة الرقمية تتطلب بعداً استراتيجياً يوفر الضمانات للشركات التي يعتمد مستقبلها على الاقتصاد الرقمي، وهذا ما عملت عليه الإمارات من خلال استقطاب مراكز تجارية كبرى لشركات مثل مايكروسوفت وأمازون وغيرها من الشركات الرائدة في القطاع الرقمي”.

وفيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، يلفت بكار إلى أن “الإمارات من الدول الرائدة في تطوير هذه التقنيات على أراضيها، وتوفير الدعم الكامل، وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى الدولة”.

1

بدوره يقول الباحث الرقمي نبيل العبيدي، إن “دولة الإمارات تشهد تحولاً اقتصادياً عميقاً، مدفوعاً بالابتكار الرقمي والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية المتطورة، مما يضعها في طليعة الدول المصدرة للخدمات الرقمية”.

ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أن “الإمارات تقود التحول الرقمي باستثمارات ضخمة في مراكز البيانات والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي، مما يعزز ريادة شركاتها في التكنولوجيا المالية والأمن السيبراني، كما تبني تقنيات البلوك تشين لضمان أمان وشفافية المعاملات، جاذبة بذلك الشركات العالمية والمستثمرين”.

كما يشير العبيدي إلى أن “توفر المناطق الحرة في الإمارات، مثل مدينة دبي للإنترنت وواحة دبي للسيليكون، تعتبر بيئة مثالية لنمو الشركات التقنية الناشئة، وجذب الشركات العالمية لإنشاء مراكز البحث والتطوير”.

ويوضح أن “الحكومة الإماراتية تدعم الاقتصاد الرقمي من خلال مبادرات وطنية طموحة، مثل مبادرة الاقتصاد الرقمي الوطني، التي تهدف إلى زيادة مساهمة القطاع الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي”.

كما يلفت العبيدي إلى أن “الشركات الإماراتية قد نجحت في تصدير الخدمات الرقمية في مجالات التجارة الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني، والتكنولوجيا المالية، والألعاب الإلكترونية”.

ويضيف العبيدي أن “الدولة تعمل على تعزيز ريادتها في التجارة الرقمية من خلال الاستثمار في البنية التحتية الذكية، وتطوير القوانين والتشريعات الداعمة، وتعزيز الشراكات العالمية، ودعم الشركات الناشئة، والاستفادة من التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين”.

كما يرى أنه “رغم التحديات التي تواجه التجارة الرقمية كضعف البنية التحتية الرقمية، ونقص الثقة في المدفوعات الإلكترونية، وتحديات اللوجستيات، إلا أن الإمارات تتخذ خطوات جادة للتغلب على هذه التحديات من خلال تعزيز الاستثمارات، وتطوير التشريعات، وتشجيع الابتكار، ودعم الشركات الناشئة”.

ويؤكد العبيدي بأن “الدولة تعمل على تعزيز الثقة وحماية المستهلك في التجارة الرقمية، وتوسيع نطاق استخدام تقنيات الواقع المعزز والميتافيرس، وتعزيز العلامة التجارية للإمارات كمركز عالمي للتجارة الرقمية”.

حماية التقنيات التجارية

أصبحت العلامات التجارية والمحتوى الإبداعي والتقنيات المطورة في الإمارات محمية في أسواق جميع الدول التي تم إبرام اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة معها، إذ يتم التعرف إلى براءات الاختراع والعلامات التجارية بشكل أسرع.

وبحسب “وام” فإن الشركات الإماراتية تتلقى الحماية القانونية نفسها التي تتمتع بها الشركات المحلية في الدول الشريكة، ما يمكنها من ترخيص ابتكاراتها وبيعها وتوسيع نطاقها بثقة.

وتسهم اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة في توفير فرص للشركات الإماراتية للابتكار والتوسع والمنافسة عالمياً، إذ تتضمن كل اتفاقية فصلاً مخصصاً للملكية الفكرية، من شأنه أن يضمن حماية المبتكرين والعلامات التجارية وصناع المحتوى في الإمارات عند دخول أسواق جديدة، كما تمنح هذه الاتفاقيات الشركات الإماراتية، أياً كان حجمها، الثقة للتوسع عالمياً مع حماية ملكياتها الفكرية.

وفي إطار جهودها لتعزيز التجارة الرقمية، أطلقت دولة الإمارات “مبادرة تكنولوجيا التجارة”، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، التي تشمل عنصرين رئيسين، هما “مختبر البيئة التجريبية التنظيمية”، الذي يمكن الشركات والمنظمين من تطوير لوائح استشرافية قابلة للتكيف لإطلاق إمكانات التقنيات التجارية الناشئة، و”مسرّع تكنولوجيا التجارة”، الذي يتم من خلاله دعم الشركات الناشئة التي تتبنى حلولاً رائدة للتجارة العالمية.

وعلى المستوى المحلي، تعد منصة أبوظبي المتقدمة للتجارة والخدمات اللوجستية ATLP نظاماً متطوراً يعمل بالذكاء الاصطناعي، ويدمج العمليات الجوية والبرية والبحرية في نظام تجاري واحد سلس، يستخدم أكثر من 20 مصدر بيانات (البحرية والطيران والسكك الحديدية والتنظيمية والمالية والاقتصادية)، بما يتيح تتبع البضائع في الوقت الفعلي والتحليلات التنبئية لسلاسل التوريد الأكثر ذكاء، إلى جانب خفض العبء الزمني على العمال، بنسبة 50% إلى 90% وبالتالي السماح لهم بالتركيز على المهام ذات القيمة الأعلى.

بدورها، حققت إدارة مراكز الشحن التابعة لموانئ دبي العالمية طفرة كبيرة في مجال العمليات الجمركية باستخدام أدوات تعمل بالذكاء الاصطناعي، ما يجعل التجارة أسرع وأكثر ذكاء وكفاءة، وهي تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتمكين مراكز الشحن من تحليل البيانات التاريخية لحل التصنيفات الخاطئة من دون تدخل يدوي.

نمو التجارة الرقمية

وشهدت الإمارات نمواً ملحوظاً في حركة التجارة الرقمية، إذ تسعى لتحقيق معدل نمو سنوي مركب قدره 12.3% بين عامي 2023 و2028، وفقاً لورقة بحثية صادرة عن وزارة الاقتصاد وغرفة أبوظبي.

وأشارت الورقة، التي نشرت في مايو 2024 وتحمل عنوان “التعريف بالتجارة من خلال الوسائل التكنولوجية الحديثة”، إلى أن التجارة الرقمية في أبوظبي تشهد تطوراً كبيراً، مع تسجيل زيادة بنسبة 12% في عدد شركات التجارة الإلكترونية بين عامي 2022 و2023، مدعومة بالرخص الاقتصادية والإلكترونية مثل “مبدعة” و”تاجر أبوظبي”.

كما حققت الإمارات ثالث أعلى مستوى عالمياً في التجارة الرقمية بحلول نهاية عام 2022، في وقت يُتوقع فيه أن تشهد خدمات التسوق عبر الإنترنت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نمواً مستمراً خلال الأعوام المقبلة.

وأبرزت الورقة البحثية أن نحو 49% من المستهلكين في الدولة يتسوقون عبر الإنترنت بشكل متكرر، فيما يعتمد نحو 47% من السكان على البطاقات الائتمانية، وهي نسبة تفوق بكثير المتوسط العالمي البالغ 18%.

ومع استمرار النمو في التجارة الرقمية، تمضي الإمارات بثبات نحو مستقبل اقتصادي مبتكر، يعزز حضورها على الساحة الدولية، ويفتح آفاقاً جديدة للشركات والمستثمرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى