247 مليار دولار من السياحة.. أرقام قياسية تعزز مكانة الخليج كوجهة عالمية

ما حجم مساهمة السياحة في الناتج المحلي الخليجي لعام 2024؟
نحو 247 مليار دولار تمثّل 11.4% من إجمالي الناتج.
ما نسبة نمو القطاع السياحي الخليجي بحلول 2030؟
قد تحقق نمو تراكمي بنسبة 161.5% بقيمة تتجاوز 340 مليار دولار.
تشهد السياحة الخليجية واحدة من أسرع فترات النمو في تاريخها، مدفوعة برؤى اقتصادية طموحة وبرامج إصلاح وتطوير شاملة.
وبينما تتجه دول الخليج لتقليل الاعتماد على النفط، بات القطاع السياحي يحتل موقعاً متقدماً في أولويات السياسات الاقتصادية، مستفيداً من البنية التحتية الحديثة والانفتاح المتزايد على الأسواق العالمية.
ولا تُعد هذه القفزة النوعية وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمية لاستثمارات ضخمة ومبادرات تسويقية عززت من مكانة المنطقة كوجهة عالمية للسياحة والترفيه والعمل كذلك.
انتعاش لافت
وفي هذا الإطار، سجّل قطاع السفر والسياحة في دول الخليج أداءً قوياً في عام 2024، حيث بلغت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي نحو %11.4، ما يعادل 247.1 مليار دولار، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليجي.
ويعكس هذا الرقم نمواً لافتاً في مساهمة القطاع مقارنة بعام 2019، إذ ارتفع بمعدل %31.9، في إشارة واضحة إلى تعافي القطاع من تداعيات جائحة “كورونا” وتعزز مكانته كمحرك اقتصادي رئيسي في المنطقة.
وبحسب تقريرٍ نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، في 14 أبريل الجاري، بلغت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي لعام 2024 نسبة %2.2.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى مزيد من التوسع؛ إذ يُرجّح أن تصل مساهمة السياحة في الناتج المحلي الخليجي إلى %13.3 بحلول عام 2034، بقيمة تلامس 371.2 مليار دولار.
كما من المُتوقّع أن يسجل القطاع متوسط نمو سنوي يزيد على 4.2% خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2034، ما يعزز من دوره المستقبلي في دعم اقتصادات دول الخليج وتنويع مصادر دخلها.
وفي جانب متصل، تظهر الإحصاءات أن السياحة البينية الخليجية شهدت نمواً لافتاً، إذ بلغ متوسط معدل النمو السنوي لحركة السياح بين دول المجلس خلال الفترة من 2019 إلى 2023 نحو 41.5%، وهو ما يُمثل %26.5 من إجمالي السياح الدوليين الذين زاروا المنطقة في عام 2023.
آفاق وتحديات النمو
ويرى الباحث الدكتور حبيب الهادي أن السياحة في دول الخليج تمثل قطاعاً واعداً جداً، ورغم أن مساهمته الحالية قد تبدو ضئيلة، إلا أن تفعيله الأمثل سيقود إلى قوة اقتصادية صاعدة في المنطقة، لما تملكه من مقومات سياحية متنوعة.
ويضيف لـ”الخليج أونلاين” أنه إلى جانب السياحة الدينية في السعودية، والسياحة التسويقية والترفيهية في دبي، تتميز عُمان بالسياحة التضاريسية والبيئية الفريدة، حيث تتنوع تضاريسها بين السهل والجبل والبحر والصحراء والوديان والواحات الزراعية والمناطق الجبلية والجزر، وصولاً إلى منطقة صلالة.
ويؤكد الهادي بأن كل هذه المقومات تساهم في دعم التقدم الاقتصادي لدول الخليج نظراً لما تتمتع به من عوامل جذب طبيعية وثقافية.
وأشار إلى أن دول الخليج تمتلك قدرة كبيرة على استدامة هذا القطاع من خلال توفر البنية التحتية المتطورة، ومشاريع الطاقة المتجددة، وغيرها من الموارد.
ومع ذلك، يوضح الهادي أن المنطقة تواجه تحديات جيوسياسية عالمية، حيث تؤثر حالة الاحتقان الإقليمي والدولي، والصراعات على الطاقة والطرق والموقع الجغرافي، بالإضافة إلى وجود الكيان الصهيوني، بشكل أو بآخر على القطاع السياحي.
كما يلفت إلى أن الطقس والمناخ يمثلان تحدياً آخر، خاصة في فصل الصيف الذي يشهد انخفاضاً ملحوظاً في الحركة السياحية بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
قفزات نوعية
رغم التحديات العالمية التي واجهت قطاع السياحة خلال السنوات الماضية، نجحت دول الخليج في ترسيخ مكانتها كوجهة جاذبة على خارطة السياحة الدولية، مسجلةً نمواً مطّرداً في أعداد الزوار والعائدات، بما يعكس رؤية استراتيجية طموحة تتكامل مع أهداف 2030.
واستقبلت دول مجلس التعاون في الفترة الممتدة في 2023، أكثر من 68 مليون سائح دولي، بحسب ما أعلنه الأمين العام للمجلس جاسم البديوي، خلال الاجتماع التاسع للجنة الوزراء المسؤولين عن السياحة، والذي عُقد 17 فبراير الماضي، ونُشرت تفاصيله على الموقع الرسمي للمجلس.
ووفق البيانات التي عرضها البديوي، فقد بلغ عدد السياح القادمين إلى دول الخليج 68.1 مليون سائح، مسجلاً بذلك معدل نمو كبير بنسبة 42.8% مقارنة بعام 2019، وهو ما يمثل 52.9% من المستهدف الكلي الذي تسعى دول المجلس لتحقيقه بحلول عام 2030.
أما من حيث العائدات السياحية، فقد بلغت 110.4 مليار دولار في عام 2023، مسجلة نمواً بنسبة 28.2% مقارنة بعام 2019، لتحقّق دول الخليج بذلك %58.7 من هدفها لعام 2030، والذي يُقدّر بنحو 188 مليار دولار.
وتعكس هذه الأرقام بوضوح التحول النوعي الذي يشهده القطاع، والذي بات يلعب دوراً متزايد الأهمية في الاقتصاد الخليجي.
وعلى صعيد الحصة السوقية، بلغت نسبة مساهمة دول الخليج 5.2% من إجمالي حركة السياحة العالمية، بينما سجلت 7.2% من إجمالي العائدات السياحية الدولية، ما يؤكد تنامي الحضور الخليجي على خارطة السياحة العالمية.
اقتصادياً، ساهم قطاع السياحة في الناتج المحلي لدول الخليج بمقدار 223.4 مليار دولار في عام 2023، محققاً معدل نمو سنوي لافت بلغ %29.4 مقارنة بالعام السابق.
كما أسهم القطاع في توفير 1.5 مليون وظيفة جديدة خلال العام نفسه، بزيادة 17% عن مستويات عام 2020، في مؤشر على دوره المتصاعد كمحرّك تنموي ورافد أساسي لأسواق العمل في دول المجلس.
وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “الشرق بلومبيرغ”، في يوليو 2024، أنّ وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني، توقّعت أن تشهد مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي لدول الخليج نمواً تراكمياً بنسبة 161.5% بحلول عام 2030، لتتجاوز قيمتها 340 مليار دولار، وهو ما يعادل نحو 10% من إجمالي الناتج المحلي الخليجي.