يحمل الجنسية الروسية.. أبو صفية يختزل جرائم “إسرائيل” في صورة
مستشفى “كمال عدوان” هو آخر منشأة صحية رئيسة في شمال غزة، وخرجت عن الخدمة.
بخطوات متماسكة، وبدون خوف، ووسط دمار كبير، ترجل مدير مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، الطبيب حسام أبو صفية، إلى دبابات جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد طلب الجيش منه الاستسلام والخروج من المنشأة الصحية التي قاموا بإحراقها وقتل أطباء وممرضين وجرحى بداخلها.
مشى أبو صفية وحيداً بردائه الأبيض، بين منازل مدينته المدمرة، وأصوات إطلاق النار والمدافع التي لا تتوقف، حتى اختفى ولم يعد يراه أحد، وانقطعت أخباره بعد اعتقاله من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي الذين كانوا ينتظرونه داخل آلياتهم العسكرية.
لم يعرف أحد مصير الطبيب أبو صفية بعد مرور أكثر من 48 ساعة على اعتقاله، وسط تخوفات من إمكانية تعرضه للتعذيب والموت كما حصل مع أطباء آخرين اعتقلهم الاحتلال من مستشفيات قطاع غزة.
عُرف أبو صفية بصموده خلال فترة محاصرة جيش الاحتلال لمستشفى كمال عدوان، وإدارته المهنية لها وقيادته لحملة إعلامية من داخل الأقسام لكشف جرائم الجيش ضد الأطباء والجرحى.
واقتحم جيش الاحتلال المستشفى الأخير الذي لا يزال يقدم الخدمة الصحية شمال القطاع، الجمعة 27 ديسمبر الجاري، وأحرق الأقسام والأجهزة الطبية، واعتقل مع مديره أبو صفية عشرات الأطباء والممرضين والمرضى.
وجاء اقتحام الاحتلال للمستشفى، بعد أيام طويلة من محاصرته وإطلاق النار عليه، وتفجير الروبوتات عند مداخله، وتدمير مولدات الطاقة، ومنع إدخال الطعام والشراب لمن فيه.
منظمة الصحة العالمية أكدت أن مستشفى “كمال عدوان” هو آخر منشأة صحية رئيسة في شمال غزة، وخرجت عن الخدمة.
أبو صفية في سطور
ولد أبو صفية في مخيم جباليا بمدينة غزة لعائلة هجرت من بلدة حمامة إثر النكبة عام 1948، ونال شهادة البورد الفلسطيني في طب الأطفال وحديثي الولادة.
خلال وجود أبو صفية داخل مستشفى كمال عدوان، أصيب برصاص جيش الاحتلال وأجريت له تدخلات طبية داخل المنشأة الطبية المحاصرة، كما استشهد ابنه بالمستشفى في نوفمبر الماضي، إثر إلقاء طائرة مسيرة إسرائيلية قذيفة داخل ساحات المبنى الطبي.
يؤكد مدير عام المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة الطبيب مروان الهمص، أن أبو صفية يحمل الجنسية الروسية، وتحمّل المسؤولية بعد اعتقال الاحتلال لمدير المستشفى السابق، الطبيب أحمد الكحلوت.
يقول الهمص في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “تعودنا على الاحتلال الإسرائيلي في استهدافه الطواقم الطبية، ولدينا تجربة مريرة في اعتداءاتها على الأطباء، في مستشفى الشفاء في اعتقال وقتل بعض الزملاء، وعلى رأسهم اعتقال مدير المستشفى محمد أبو سلمية، ومدير مبنى الياسمين في مجمع ناصر الطبي، ناهض أبو طعيمة”.
عبر الهمص عن خشية وزارة الصحة من قيام جيش الاحتلال بعمل جبان ضد الطبيب أبو صفية، محملاً الاحتلال المسؤولية عن حياته وأمنه، “وهو أمانة في رقاب كل العالم”.
بعد اعتقال جيش الاحتلال للطبيب أبو صفية، عمت حالة من الغضب الواسع بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين أطلقوا هاشتاج باسم “الحرية لحسام أبو صفية.
كتب مدير عام وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش: “بهذه الصورة، لخص الدكتور حسام أبو صفية وضعنا بإيجاز: الطبيب الذي يقدم الخدمة الطبية الإنسانية لأبناء شعبه ولا يملك سوى معطفه الطبي، في مواجهة آلة القتل والتدمير والاحتلال”.
وغرد الناشط أدهم أبو سلمية قائلاً: “في صورة تختزل ألف معنى، الدكتور حسام أبو صفية يمشي بثوبه الأبيض وسط ركام مستشفى كمال عدوان الذي أحرقته آلة الحرب الصهيونية”.
وأضاف أبو سلمية عبر حسابه في موقع “إكس”: “دولة مدججة بالدبابات والجرافات تستهدف الرحمة والحياة، في مشهد يعيد للأذهان أبشع جرائم النازية، لكن هنا الضحية هو الإنسان الفلسطيني، ولذلك العالم الحقير يصمت ويتواطأ.. هذه ليست مجرد صورة، إنها صرخة الإنسانية في وجه الإرهاب، ودليل على أن نور الرحمة الفلسطينية يواجه ظلام العنجهية الصهيونية”.
يضيف المذيع في قناة “الجزيرة”، زين العابدين توفيق: “هكذا هم رجال غزة. اغتالوا ابنه وأصابوه وقصفوا مستشفاه وأحرقوه فلم يبرح المستشفى وعاد لمزاولة عمله في إنقاذ المرضى والجرحى”.
وتابع توفيق عبر حسابه في موقع “إكس”: “الطبيب أبو صفية في المشهد الأخير قبل اعتقاله يمضي متسلحاً بمعطفه الأبيض نحو دبابة مصفحة ومدججة بأحدث أسلحة الفتك والقتل.. إنه الدكتور حسام أبو صفية جبل صمود آخر في غزة”.
إياد قنيبي كتب عبر حسابه في موقع “إكس”: “بعدما صمد طويلاً وقدم ما بوسعه لإخوانه وعاش آلامهم، وجُرح، وارتقى ابنه وعدد من زملائه -رحمهم الله وتقبلهم في الشهداء- وتم تهديده مراراً..ها هو أخيراً متوجهاً إلى الجيش حيث تم اعتقاله”.